الأخبارمانشيت

من هو المنادي والمناضل من أجل الحقوق الكردية؟

برز الصراع بين خطين في بداية الأزمة السورية, الخط الأول متمثلاً بالنظام السوري ومؤيديه والمستفيدين منه, والخط الثاني أو ما يسمى بالمعارضة والتي يغلب عليها الإخوان المسلمين والإسلاميون المتشددون والعروبيون, وكأكثر المكونات السورية تعرضاً للظلم والقمع والإقصاء واكب الكرد الحراك الشعبي السوري الحقيقي في بدايته, ولكن بعد أن تحولت الأزمة إلى صراع مسلح بين تيارين, أدرك حزب الاتحاد الديمقراطي PYD أن الشعب الكردي سيكون ضحية هذا الصراع, فاختار سياسةً بعيدةً عن أجندات الطرفين المتصارعين, وانتهج سياسة الخط الثالث المستند على تشكيل أسس لحماية الشعب الكردي وإدارة المنطقة الكردية وحمايتها من الهجمات ومن الفلتان الأمني, وتشكيل قوات دفاعية لحماية المجتمع الكردي ومناطقه من المعتدين, والتعايش مع باقي مكونات المنطقة وفق مبدأ أخوة الشعوب. في نفس الوقت شكلت بعض الأحزاب الكردية ما يسمى المجلس الوطني الكردي, والذي اختار الانضواء تحت مظلة الائتلاف الوطني المعارض لقوى الثورة السورية المرتهن لتركيا, والذي كان هدفه إسقاط النظام السوري فقط دون النظر في البديل.

ولأن طريق النجاح صعبٌ ومليءٌ بالعوائق, ودون سرد التفاصيل استطاع الخط الثالث وبعد تقديم آلاف الشهداء لتطهير وتحرير كامل شمال وشرق سوريا من الإرهاب, وإنشاء نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية في المنطقة جامعاً تحت مظلة هذه الإدارة جميع مكونات المنطقة من كرد وعرب وسريان وآشور وتركمان وغيرها, وأثبتت هذه الإدارة أنها تضاهي نظم دولٍ في المنطقة من حيث الديمقراطية, وضمنها يحتفظ كل مكون بخصوصيته وحقوقه وعاداته وثقافته, ولأن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD كان القائد لهذا الخط وهذا المشروع, ولأنه وقف سداً في وجه المخططات التركية التي تستهدف الشعب الكردي في سوريا, دأب الطرف الكردي المرتهن للائتلاف ولتركيا يكيل الاتهامات للPYD ونعته بأنه ليس حزباً كردياً, وبأنه لا ينادي بالحقوق الكردية.

لمناقشة هذه النقطة هناك معادلة واضحة يدركها أي شخص عادي, فمن المعروف تاريخياً أن تركيا تعادي الشعب الكردي وتعمل على إبادته, والمجلس الوطني الكردي تابع لمعارضة اسطنبول التي تنفذ الأجندات التركية, والكل يعلم أن العدو الأول لحكومة أنقرة هو حزب الاتحاد الديمقراطي PYD, بذريعة حججٍ واهية, ولكن  السبب الرئيسي لهذه العداوة هو المكتسبات التي حققها هذا الحزب للشعب الكردي, ونذكر منها:

– اللغة الكردية التي باتت اللغة الأساسية في المدارس بالمدن والمناطق الكردية.

– باتت وحدات حماية الشعب والمرأة أشهر من نارٍ على علم في العالم, وقضت على الإرهاب العالمي المتمثل بداعش.

– افتتحت الجامعات والمؤسسات والهيئات الكردية في جميع مدن وبلدات شمال وشرق سوريا.

– أعيدت الأسماء الكردية للمدن والبلدات والنواحي والقرى التي تم تعريبها من قبل نظام البعث.

– تشكيل مرجعية كردية سياسية في المنطقة تحت مسمى tev-dem تمثل جميع الأحزاب السياسية الكردية في المنطقة.

– الاحتفال الرسمي بالمناسبات والأعياد الكردية التي تم تغييبها وتجريمها قبل عم 2011.

– مقارنة الوضع في عفرين قبل احتلالها من قبل تركيا وبعد احتلالها من قبل أنصار المجلس الوطني الكردي, فبعد أن كانت عفرين عروساً كردية في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية, أصبحت الآن إمارة تركية إرهابية تخلو من كل ما هو كردي.

وجاء على لسان القيادي في المجلس الوطني الكردي (ابراهيم برو) ما يكذب ويفند اتهاماته للPYD بأنه ليس حزباً كردياً, فقد قال (برو) بعد تحرير الباغوز:

 (كنت أتمنى أن يكون شرف تحرير منبج و الرقة والطبقة ودير الزور والباغوز على يد الأخوة العرب أصحاب الأرض, هل سيتحمل الكرد عواقب ذلك مستقبلا )؟

ألا يعتبر هذا اعترافاً غير مقصود منه بكرديّة الPYD؟ رغم أن الجميع يعلم أن حزب الاتحاد الديمقراطي ينادي ويناضل من أجل الشعب الكردي, ولا يحتاج إلى شهادةٍ من أحد.

الجميع يعلم أن ما تسمى (بيشمركة روج) هي قوات مدربة من قبل تركيا, وإبان هجوم تنظيم داعش على المناطق الكردية في سوريا لم تأتِ هذه القوات وتدافع عن أرضها في ذلك الوقت, والآن تطالب قيادات المجلس الوطني الكردي بإدخال هذه القوات إلى روج آفا لحماية المناطق الكردية بعد أن تحررت كلها بفضل دماء الشهداء من وحدات حماية الشعب والمرأة الكردية, وبعد دعوة المؤتمر الوطني الكردستاني في روج آفا KNK إلى توحيد الصف الكردي؛ لبّت معظم الأحزاب هذه الدعوة ماعدا أحزاب المجلس الوطني الكردي بضغوطٍ تركية, من أجل إفشال أي تقدّم كردي في سوريا.

تركيا وعبر التاريخ مسؤولة عن معظم الجرائم المرتكبة بحق الشعب الكردي, وما تهديداتها بالهجوم على مناطق الإدارة الذاتية إلا للقضاء على المكتسبات التي حققها الكرد, وهي سابقاً دمرت المدن والقرى الكردية في باكور واعتقلت وسجنت معظم السياسيين الكرد في تركيا بلا محاكمة, وجاء على لسان المسؤولين الأتراك بأنهم لن يسمحوا بإقامة إقليم كردي على شاكلة شمال العراق في سوريا, إذاً تركيا العدو الأول للكرد.

الكل يعلم أن المجلس الوطني الكردي هو جزء من ائتلاف قوى المعارضة السورية بزعامة الإخوان المسلمين, وكل أعضاء هذا الائتلاف متفقون ومصرون على أن سوريا عربية, ويدّعون أن الكرد ليسوا من مكونات سوريا الأصيلة وإنما هم مهاجرون, ويرفضون أي حق من الحقوق القومية الكردية, وقيادات المجلس الوطني الكردي تقيم في اسطنبول وبضيافة الائتلاف, والطرفان يديران الحرب على حزب الاتحاد الديمقراطي إرضاءً لأسيادهم في أنقرة.

فمن هو المنادي والمناضل من أجل الحقوق الكردية؟

زر الذهاب إلى الأعلى