ثقافةمانشيت

من صفحات الثورة الثقافية في شمال وشرق سوريا

ظهرت الكثير من المؤسسات والهيئات الثقافية خلال السنوات الأخيرة وبرز دورها على الأرض فقد أثبتت وجودها وكفاءتها، حيث سلطت الضوء على الكثير من العقول الثقافية التي كانت مغيبة وغير معروفة لدى الكثيرين، لذا أردنا من خلال هذا التقرير الحديث عن بعض هذه الهيئات، الاتحادات، الإذاعات والبرامج التلفزيونية التي تنتمي إلى أدبنا وثقافتنا وتتحدث عن الواقع الثقافي في روج آفا، ومنها:

باقي خدو مركز لإحياء الثقافة والمقاومة:

لكل مركز أو دار ثقافي تأثيره المختلف عن الدور الأخرى في المجتمع على الصعد الثقافية والمجتمعية ومما لا شك فيه أن المعايير الثقافية لمجتمع ما تبين مستواه المعرفي ومدى ازدهاره وقابليته للتطوير والسير نحو التحديث والتجديد وكل ما يواكب الحضارة، وبالحديث عن دور ثقافية أخرى نختار هذه المرة مركز باقي خدو للثقافة والفن ومركزه مدينة كوباني التي باتت الآن ذات صيت ذائع حول العالم وذلك للمقاومة التاريخية التي جرت على أرضها بقيادة مجموعة من الشابات والشباب ضمن صفوف وحدات حماية الشعب ضد الإرهاب العالمي المتمثل بداعش، ويعود تاريخ بناء مركز باقي خدو إلى 19 تموز من العام 2010.

في البداية تم تأسيس المركز في منزل الراحل باقي خدو وبعد توسع نشاط المركز لم يعد المنزل يكفي لذلك تم الانتقال إلى مركز آخر في مدينة كوباني (وهو المركز الحالي).

وبحسب ما أفادتنا أفين برعواد وهي إحدى المؤسسات لفرقة بوطان التي تشكل عمود مركز مركز باقي خدو فأن المركز يضم مؤسستين هما (الثقافة والفن، والهلال الذهبي <الخاص بالمرأة>).

ويتبع للمركز (11) فرقة للأغاني من مختلف الشرائح المجتمعية والفئات العمرية و(3) فرق للرقص، و(4) فرق للمسرح.

كما يحتوي المركز على مكتبة تضم (1200) كتاباً باللغتين الكردية والعربية ويطلق عليها اسم مكتبة <الثقافة والفن>.

وحسبما ذكرت برعواد فأن أهالي كوباني يأتون بأطفالهم إلى المركز لتعلم المزيد عن ثقافتهم، وليتم تدريبهم في أحد المجالات المذكورة وبذلك يساهمون في إحياء ثقافتهم، فيما يقوم المركز على مر السنتين الماضيتين بتدريب الكبار والصغار في المجالات التي يعنى بها المركز وذلك في يومين من كل أسبوع.

وتقول برعواد أيضاً أن لأعضاء المركز دور كبير ليس فقط في ترويج ثقافة المقاومة بل الخوض في مضمارها، حيث انضم أعضاء كثر من المركز إلى وحدات حماية الشعب وقاتلوا داعش ونالوا شرف الشهادة.

اتحاد مثقفي روج آفايي كردستاني:

اتحاد مثقفي روج آفايي كردستان مؤسسة ثقافية مستقلة تضم بين اعضائها كل الوان الأطياف الفكرية والثقافية، وتطمح إلى ان تكون مظلة جامعة لكل العاملين في الشأن الثقافي والفني والفكري، ومن هذا المنطلق وقع الاختيار على كلمة “المثقف” في اسم الاتحاد كتعبير عن مصطلح جامع للكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والمسرحيين والسينمائيين والإعلاميين والموسيقيين بعيداً عن المعنى الحرفي المتداول لهذه الكلمة.

تأسست هذه المنظمة خارج الوطن كحاجة بعد انتفاضة الثاني عشر من آذار٢٠٠٤، حيث كانت مبادرة الثاني عشر من آذار للمثقفين الكرد النواة الأولى للمنظمة التي سعت وتسعى إلى الإخلاص التام لقيم تلك الانتفاضة ومبادئها المتجسدة في السعي لتحقيق قيم الحرية من خلال الدفاع عن الثقافة واللغة وحرية التعبير والوقوف دون مواربة إلى جانب حرية شعبنا الكردي وقضيته الإنسانية العادلة وفضح ممارسات الاستعمار بمختلف تلونها هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى السعي إلى القيام بمشاريع ثقافية وفكرية للارتقاء بالحالة الثقافية إلى المستوى الذي يتناسب مع التطورات الحاصلة في المنطقة والعالم، كما يسعى الاتحاد إلى متابعة مسيرته في البقاء في قلب القضايا الوطنية الكبرى.

يؤمن الاتحاد بأن بناء مؤسسة ثقافية تضم كافة العاملين في الحقل الثقافي والمعرفي والفكري انطلاقاً من الإيمان بحرية الانسان وكرامته التي يجب أن تتم بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة التي تقيد حرية الفكر عند الإنسان.

ويرى الاتحاد بأن بناء هذه المؤسسة الجامعة والتي تضم نخبة من المثقفين في روج آفايي كردستان ضرورة تاريخية ومشروع لا بد من إنجازه في الوقت الراهن نظراً لتشتت جهود المثقفين في مؤسسات متباينة، ارتبطت بعضها بأجندات سياسية أساءت إلى دور المثقف وألغت دوره الريادي وموقفه الرافض للتبعية في ظل ظروفٍ تحتاج إلى مواقف مبدئية وجريئة.

يحرص الاتحاد على ضرورة احترام الانتماء الفكري والسياسي لأعضاء الاتحاد دون إلغاء أو اقصاء أو تمييز، وذلك من خلال تعامل يستمد خصوصيته من شروط العصر الذي نعيش فيه والتي ترى فيه الاختلاف السياسي في ظل العمل بجدية أكبر في تطوير المجال الثقافي، على أن ينخرط الجميع في الشأن الثقافي العام من خلال إبداعات فردية والمشاركة في المشاريع الجماعية الساعية إلى تطوير الثقافة والإبداع.

رابطة المرأة المثقفة:

برعاية هيئة الثقافة والفن في مقاطعة الجزيرة افتُتح مركز رابطة المرأة المثقفة في 21 من شهر حزيران 2018 بمدينة قامشلو، وذلك بعد انعقاد المؤتمر التأسيسي للرابطة الذي أقيم في 3/7/2017، بحضور العديد من ممثلي الأحزاب السياسية ومؤسسات الإدارة الذاتية وبعض الكتاب والمثقفين وشخصيات مهتمة، وعضوات من كونكرا ستار.

نشاطات الرابطة وكما ورد في بنود النظام الداخلي للرابطة هي نشاطات توعوية وفكرية, إضافة إلى ذلك عقد ندوات ومحاضرات لدعم المرأة  في نتاجاتها ولتشجيعها على تقديم الأفضل.

إضافة إلى أن “رابطة المرأة المثقفة” تحتضن جميع النساء ومن مختلف المكونات والأطياف والمناطق في شمال سوريا وتعمل من أجل التطور والسير نحو مستقبل أفضل من خلال رابطة المرأة المثقفة.

حيث كان الهدف من هذه الرابطة جمع نتاجات النساء المثقفات الكاتبات لنشرها ولتوعية النساء المثقفات، ولتكون الرابطة مظلة لجميع النساء المثقفات وليكون منبعاً للواتي لا يجدن مراكز تحفظ لهن حقوقهن وتنشر نتاجاتهم الأدبية.

ويذكر أن رابطة المرأة المثقفة تشارك في الكثير من النشاطات التي تخص المرأة، إضافة إلى دورها البارز والفعال في النشاطات الأدبية التي تُقام، ليكون ذلك خير مثال على ثورة المرأة المثقفة وإرادتها الحرة لترسيخ فكرها وأدبها وأثباته للجميع.

دار شلير للنشر:

دور النشر هي المحرك الأساسي للحركة الثقافية؛ حيث نرى إقبالاً من قبل الشباب والمثقفين الكرد على القراءة، إن الحركة الثقافية بوجود دور النشر ستعود بنتيجة وفائدة كبيرة على الشارع الكردي وثقافة أفراده. ومن دور النشر المهمة والتي هي ذو تأثير كبير دار شلير للنشر:

تأسست دار شلير في الشهر السادس من عام 2017، ويعود سبب التسمية إلى زهرة شلير المرتبطة بالثقافة الكردية لتكون رمزاً يُعرف به الدار، وفكرة بناء دار نشر “شلير” أتت لإحياء الثقافة الكردية، حيث كانت المطبوعات العربية سابقاً في سوريا متنوعة وكثيرة على عكس المطبوعات الكردية التي تتحدث عن التراث والتاريخ الكردي فكانت معدومة ولم تكن متداولة في المكتبة السورية، فكانت الغاية والهدف من دار “شلير” إحياء المطبوعات الكردية، والتركيز بشكل أكبر على الكتب المتعلقة بالتاريخ الكردي من خلال طبع الكتب القديمة لإعطائها قيمة أكبر.

هذا ويتم طبع مختلف الأصناف من الكتب في دار شلير من “شعر، والرواية العربية والكردية، وكتب التاريخ وأمثال شعبية والقصة القصيرة بالإضافة إلى كتب وأناشيد الأطفال.

دار شلير تتعامل مع الكتاب من أوربا والمؤسسات الثقافية المختلفة في روج آفا، كـ اتحاد الكتاب الكرد-سوريا واتحاد مثقفي الجزيرة واتحاد مثقفي كوباني وعفرين” فلديهم انخراط مع الكتاب المستقلين، فالشيء المهم بالنسبة للدار هو أن يكون الكتاب يصب في مصلحة التراث والتاريخ الكردي، فوجود مثل هكذا دور نشر؛ منفعة ثقافية وسيؤثر على الوضع السياسي بالمجمل في روج آفا.

مرابعنا والعرب في الجزيرة:

نعود من كوباني إلى الجزيرة إلى حيث يقطن العرب والكرد والسريان وهنا سنتطرق إلى البرنامج الثقافي (مرابعنا) الذي يُبث على أثير فضائية روناهي ويطلعنا على الثقافة والعادات العربية ما بين الأمس واليوم وكيف أن العرب حافظوا على ثقافتهم بالرغم من تعايشهم مع الشعوب الأخرى كالكرد والسريان.

ويتطرق البرنامج إلى كل ما يُعرف عن العرب وعاداتهم القديمة التي بقيت إلى اليوم مثل الموسيقى العربية، اللباس، عادات الزواج لديهم، الفرح والحزن ومختلف المناسبات.

ويغلب على البرنامج الطابع العربي البدوي البحت، ويتسم بمتابعة بشعبية كبيرة من قبل العرب والكرد على حد سواء، من اليوم الأول لبثه من عام 2017 وحتى اليوم.

ويحرص مذيع البرنامج وجميع ضيوفه على ارتداء الزي التقليدي من (كلابية، وشماغ ومسبحة)، كما لم نشاهد حلقة يحاور المذيع فيها شخصاً واحداً بل دائماً يلتم حوله مجموعة من الرجال منهم الشعراء والعازفين على الأدوات الموسيقية التقليدية مثل (المزمار أو الزماره بحسب لهجتهم). ويقل في البرنامج الطابع النسوي الذي سيضفي على البرنامج رونقاً وجمالاً أكبر إذا ما تم إضافته.

(Jin news)صوت يصدح؛ حاملاً الجمال والسلام:

ونبقى على أثير الفضائيات وننتقل من برنامج مرابعنا على فضائية روناهي ب إلى فضائية أخرى وهي ثاني فضائية من حول العالم بأكملها خاصة بالنساء بعد الفضائية النسائية في أفغانستان. (Jin news) أو (جن نيوز) وتعني بالعربية (أخبار المرأة) تبث البرامج النسائية وتتطرق إلى كل ما يهم المرأة وطاقم العمل أيضاً كله نساء، بدأت الفضائية بثها التجريبي في اليوم العالمي للمرأة في (8 آذار 2018) وتنتشر مكاتبها واستوديوهاتها بين أوروبا وباشور كردستان وروج آفا وعموم شمال سوريا، وتبث برامجها باللغة العربية والفارسية والتركية والكردية بجميع لهجاتها، وتبث في كردستان.

تعتمد القناة شعار «صوت المرأة … وجه المرأة»، لتبرهن أن صوت المرأة من الآن وصاعداً ما عاد فقط للخنق والطمس بل ها هو يصدح في السماوات المفتوحة حاملاً رسالة التحرر الأنثوي بما أن الأنثى حاملة قيم الأمومة والجمال والعطاء والسلام.

المطابع دليل حراك ثقافي يساهم في تطوير الحياة:

من الفضائيات نعود إلى الكتب والمطابع ونأخذ مطبعة سيماف مثالاً التي تأسست منذ خمسة أعوام، وتعمل على طباعة <كتب، مجلات، صحف، دفاتر، روايات، دعاية وإعلان ولوحات للمحلات>, ويعمل فيها أكثر من 40 شخصاً نصف هذا العدد نساء من مختلف الأعمار والمكونات.

يبدأ العمل فيها من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة عصراً وفي بعض الأحيان يستمر العمل إلى ساعات متأخرة من الليل حسب ما يراد طباعته.

للمطابع أهمية كبرى في رفع السوية الثقافية ووجود المطابع في منطقة ما يدل على أن حراكاً ثقافياً يجري فيها، واذا ما تم تطوير هذا الحراك سنحصل على بيئة ثقافية متكاملة ذات مقومات ثقافية تساهم في تطوير الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى