ثقافةمانشيت

من الفراعنة إلى الرومان إلى ألمانيا قصة شجرة عيد الميلاد

إعداد :مصطفى عبدو

في كل عام وفي مثل هذه الأوقات يستعد الناس لاستقبال رأس السنة بوضع شجرة عيد الميلاد (الكريسماس) (شجرة دائمة الخضرة) في البيوت والأماكن وتزيينها، فهل هذه الشجرة تعتبر من الطقوس الدينية المسيحية أم أن هناك حقائق مختلفة عما هو شائع؟

توجد روايات عديدة تتحدث عن شجرة عيد الميلاد والأصل الدقيق لشجرة عيد الميلاد غير معروف تماماً لكن في الكثير من الثقافات كان ثمة معنى خاص للأشجار الخضراء، فهذه الأشجار بحسب تلك الروايات، كانت تقي الناس من الأرواح الشريرة ومن قوى الطبيعة عند الانتقال من سنة إلى سنة جديدة.

وثمة معنى آخر يكمن في الاعتقاد بأن الشموع المشتعلة تضيء الدرب للأموات وترشدهم إلى الطريق لكي يعودوا إلى عائلاتهم. في حين أن الكنيسة ترى في الشموع المشتعلة رمزا لوصول السيد المسيح، ولذلك فإنه يتم ربط الشموع بولادة المسيح. وأقدم مؤشر على وجود شجرة عيد الميلاد هي صفيحة نحاسية تعود إلى عام 1509، حيث كان مرسوماً عليها شجرة من نوع التنوب عليها أضواء ونجوم .

هناك رواية تتحدث بأن الفراعنة هم أول من صمم وابتكر شجرة الميلاد وكان اسمها شجرة اوزير، أو شجرة “الحياة” وكان الاحتفال بها في شهر كيهك وهو رابع أشهر التقويم المصري، حين تنحسر مياه الفيضان فتعود الخضرة إلى الأرض، وقد اصطلح المصريون القدماء على تهنئة بعضهم البعض بقولهم “سنة خضراء”.

وتقول الرواية بأن هذه العادة خرجت من مصر ومنها إلى بابل، ثم عبرت البحر المتوسط لتظهر في أعياد الرومان، ثم تعود لتظهر مرة أخرى في أعياد ميلاد السيد المسيح باسم شجرة “الكريسماس الخضراء”.

رواية أخرى تقول بأن أصل قصة ” شجرة الكريسماس” تعود إلى بعض القبائل الألمانية في منطقة الـ “إلزاس” وهي منطقة ثقافية ولغوية وإدارية في شرق فرنسا وعاصمتها ستراسبورغ وكانت تاريخياً محل نزاع مع ألمانيا،ثم انتشر هذا التقليد في عموم ألمانيا في القرن الثامن عشر. حيث كانت هذه القبائل قبل وصول المسيحية لأوروبا  يقومون بقطع أشجار دائمة الخضرة وتزيينها ووضعها  في البيوت للاحتفال يوم ٢٥ كانون الأول وهو وقت اعتماد الشمس ودخول الشتاء .

ورواية أخرى مختلفة تؤكد أنه قبل ظهور المسيحية بوقت طويل ‏استخدم الناس في نصف الكرة الشمالي نباتات دائمة الخضرة لتزيين بيوتهم، وخصوصا وضع أكاليل زهور على الأبواب للاحتفال بالانقلاب الشتوي ويكون تاريخه 21 أو 22 كانون الأول، لأن  ميزة هذا اليوم أنه أقصر نهار وأطول ليل خلال السنة.

 وكانت الكنيسة الكاثوليكية ترفض وضع شجرة عيد الميلاد لفترة طويلة، وتعتبرها عادة وثنية وفي عام 1982، تم وضع أول شجرة عيد ميلاد في ساحة القديس بطرس الواقعة أمام كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان في روما.

ولم تكن فكرة وجود شجرة عيد الميلاد في المنزل أو تبادل الهدايا مرحبًا بها في أمريكا خصوصًا وأنها ثقافة أوروبية دخيلة عليهم ،لذا استغرق الأمر وقتً طويلاً لتصبح هذه الشجرة  جزء لا يتجزأ من طقوس العيد في أمريكا. 

‏وبدأ هذا التقليد في عهد الرئيس “فرانكلين بيرس”، والذي صدر أمر بوضع أول شجرة عيد ميلاد في البيت الأبيض، وتبعه بعد ذلك الرئيس “كالفين كوليدج” الذي أمر بإضاءة شجرة الميلاد والاحتفال في حديقة البيت الأبيض 1923 م.

اعتبرت أشجار الميلاد بمثابة حوامل للأمل في حياة جديدة ،وبذلك تحولت هذه الشجرة من رمز ديني إلى رمز عائلي يدعو للبهجة والفرح والمتعة مع الأهل والأصدقاء، وأصبح طقس شراء شجرة الكريسماس وتزيينها ووضع الأضواء عليها أحد الطقوس المبهجة والتي يحرص الكثيرون عليها حول العالم باختلاف دياناتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى