مقالات

من الخاسر ومن المستفيد من إحياء الحركات الجهادية؟

مصطفى عبدو

منذ إعلان واشنطن الحرب على العراق تغاضت أغلب الحكومات العربية عن تدفق الجهاديين وانتقال عناصر من الجهاديين إلى العراق واعتبرت بأن هذه الحركة ستورط القوات الأجنبية المتمركزة في العراق آنذاك في محاربة التنظيمات الجهادية وتنظيم “القاعدة” الأمر الذي ساهم بشكل فعال في خلق جيل جديد من الجهاديين ليعود لاحقا معظم هؤلاء إلى سوريا، وتزامناً مع ذلك أفرجت الحكومة السورية آنذاك عن الكثير من الجهاديين المعتقلين لديها مما جعلت التربة خصبة لتكاثر الحركات الجهادية وتغلغلها في عموم الجغرافيا السورية.

من جانب آخر فان انتهازية الدول الغربية وتغاضيها عن التطورات الجارية في المنطقة وعن تدفق الجهاديين من أوروبا وغيرها إلى سوريا عبر الوسيط التركي لعبت دوراً في تنامي نفوذ هذه الحركات الجهادية.

وهكذا بدأت الحركات الجهادية بالبناء والانغماس والتعشيش في البيئات المحلية السورية الخصبة والجاهزة لتقبل الفكر الجهادي وتشكيل خلايا فيها.

بالمقابل ومنذ تأسيسها حققت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا نتائج كبيرة في محاربة الإرهاب وقدمت الآلاف من الشهداء وخطت خطوات كبيرة في تحقيق الديمقراطية وتعزيز العيش المشترك إلى درجة شعر معها تنظيم داعش والتنظيمات المماثلة وممولي هذه التنظيمات بالتهديد الوجودي من نجاح هذا النموذج، فبدأ العمل على ضرب هذه الإدارة مهما كلّف الأمر اعتماداً على من يكنون العداء لهذه الإدارة.

واليوم يتساءل البعض عن المستفيد من إحياء التنظيمات السلفية الجهادية، وغيرها من التنظيمات الإرهابية في سوريا والمنطقة.

في الحقيقة ما من أحد مستفيد من إحياء هذه التنظيمات أو من إعادة تدويرها بيد أن هناك من لا يستسيغ حالة الاستقرار والتعايش و يطمح إلى الاستفادة من هذه التنظيمات مهما كانت النتائج لتنفيذ أهدافه وطموحاته التوسعية والهروب من واقعه المضطرب ، ومن جهة أخرى ضرب مشروع الإدارة الذاتية بعد تحقيقه للعديد من الإنجازات والمكتسبات وتقبله من قبل أغلب المكونات السورية خاصة بعد تنفيذه على أرض الواقع ، وأيضاَ لإبعاد أي حل سياسي في سوريا تكون الإدارة الذاتية طرفاً فيه ،وهذا ما دفعت تركيا إلى تبني هذه الجماعات والتغطية عليهم وحمايتهم في مناطق تعتبرها تركيا مناطق (آمنة) وما حدث مؤخراً من استهداف لقيادات هذه الجماعات في المناطق التي تسيطر عليها تركيا خير دليل على اعتماد تركيا على التنظيمات الإرهابية ورعايتها لهم .

بالمحصلة, إن إصرار تركيا على تنفيذ أهدافها ومشاريعها وهي على يقين تام من صمت وتغاضي المجتمع الدولي عن ممارساتها تدفعها اليوم إلى التلويح بشن عمليات عسكرية والمطالبة بمناطق أخرى (آمنة) من أراضي سوريا لتكون مرتعاً للإرهابيين والقتلة التي اعتمدت تركيا على أمثالهم منذ تأسيسها لأول مرة وحتى يومنا الراهن وليس أمامها إلا العمل على افتعال الحروب ونشر الفوضى والقلق بين شعوب المنطقة التي امتزجت دماء أبناءها وتأبى ألا أن تعيش حياة حرة كريمة بعد أن ذاقت بعضاً من طعم هذه الحياة .

زر الذهاب إلى الأعلى