تقاريرمانشيت

منظمة حقوقية تكشف تفاصيل عملية “التغيير الديمغرافي” في عفرين وريفها

نشرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أمس الثلاثاء، تقريراً موسعاً كشفت فيه تفاصيل التغيير الديمغرافي في عفرين وريفها، في ريف عفرين الشمالي.

وجاء تقرير المنظمة تحت عنوان: “التجمعات السكنية في عفرين: مخططات هندسة ديمغرافية أم مشاريع لإيواء نازحين؟”.

ويأتي التقرير بالتزامن مع إعلان الرّئيس التّركي، رجب طيب أردوغان، أنه يتم التّحضير “لمشروع جديد يتيح العودة الطوعية لمليون شخص من أشقائنا السوريين، الذين نستضيفهم في بلادنا إلى المناطق الآمنة شمالي سوريا”، الأمر الذي أوضحه وزير داخليته سليمان صويلو.

وبدأت المنظمة تقريرها، بأنه “يجب على مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اتخاذ مواقف صارمة تجاه محاولات التغيير الديموغرافية القسرية في عموم سوريا تحت أي مسمى وضمان ألا تساهم المساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار والتعافي المبكر بترسيخ تلك العمليات وجعلها أمراً واقعاً”.

وقالت المنظمة، إنه “بموافقة من السلطات التركية، قامت عدة فصائل من الجيش الوطني المعارض، ببناء واحدة من أكبر المستوطنات البشرية التي خصصت في معظمها لإسكان مقاتلي الجيش الوطني وعائلاتهم في منطقة عفرين التي شكل الكرد السوريين النسبة الأعظم من عدد سكانها تاريخياً”.

وأضافت: “التجمع السكني بني على مساحة شاسعة من المنطقة التي تعرف محلياً باسم جبل الأحلام، وتتميز بموقع استراتيجي هام، كونه يطل على مركز مدينة عفرين”، ويفصل بين مناطق السيطرة التركية والقوات الحكومية السورية وعدد من القواعد الروسية.

وحصلت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” على عدة إفادات في إنجاز تقريرها.

وتبين للمنظمة أن والي ولاية هاتاي التركية، رحمي دوغان، هو أحد المسؤولين المباشرين عن بناء ذلك التجمع، من خلال إعطاء الضوء الأخضر لعدد من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية من جهة والمجلس المحلي لمدينة عفرين من جهة أخرى، للبدء ببناء التجمع على سفح الجبل وتخديمه.

وجاء بناء المشروع بعد أن عرضت مجموعة من الفصائل المعارضة وعلى رأسهم فصيل الجبهة الشامية فكرة المشروع على السلطات التركية، بحسب ما نشره تقرير المنظمة.

وذكر التقرير: “تجاوز دور بعض المنظمات تقديم الخدمات العامة لعائلات المقاتلين، إلى بناء قرى بأكملها، وذلك لإضفاء صبغة مدنية على المشروع المخصص أساساً لإسكان المقاتلين وعوائلهم”.

ومن القرى، قرية كويت الرحمة التي بنيت بدعم من جمعية الرحمة العالمية ومتبرعين من دولة الكويت، وذلك بحسب جمعية “شام الخير الإنسانية” التي نفذت مشروع المستوطنة.

وفي الثاني من أيلول/سبتمبر 2021، كشفت صحيفة “الوطن” الكويتية، في تقريرٍ عن أن “هذه القرية المنشأة (كويت الرحمة) هي واحدة من مجموعة من القرى النموذجية التي سوف يتم بناؤها على الحدود التركية السورية”.

وفي عام 2018، بعد الاجتياح التركي رفقة الفصائل الموالية له لعفرين، قام المجلس المحلي الذي أقيم في المدينة، وبموافقة من والي هاتاي على منح وثيقة تم تداول اسمها على أنها “ورقة تخصيص تعتبر بمثابة إثبات ملكية للبناء”.

وبدأ التخطيط لعملية إنشاء تجمع “قرية كويت الرحمة” والمساكن المحيطة به على مساحات واسعة في “جبل الأحلام” في أوائل عام 2021، والتي ما تزال مستمرة، ومن المخطط أن تمتد لتشمل الجبل كاملاً، بحسب تقرير المنظمة.

وكشفت المعلومات التي حصلت عليها المنظمة، بأن تسعة فصائل من “الجيش الوطني” التابع للائتلاف المعارض، “متورطة بشكل أساسي في هذا المشروع وعلى رأسها الجبهة الشامية بقيادة مهند الخلف المعروف باسم أحمد نور”.

وأضاف التقرير، أن “رجال الدين (الشرعيون في تلك الفصائل)، لعبوا دوراً كبيراً في ترغيب المقاتلين بتسجيل أسماءهم وفي عمليات تقسيم المنطقة ولاحقاً توزيع الأراضي على المقاتلين وعائلاتهم”.

كما كشف التقرير، “تورط عدد من المنظمات المحلية والدولية في عمليه الترويج للمشروع ودعمه، على أنه يهدف لاستفادة المدنيين منه بشكل أساسي”.

ولكن الشهادات كشفت أن عناصر فصائل الجيش الوطني وعائلاتهم “كانوا هم المستفيدين الأساسيين من المشروع، حيث بلغت نسبة المستفيدين من المدنيين حوالي الربع أي 25 بالمئة”، بحسب التقرير.

وكان من أبرز هذه المنظمات “منظمة هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH”، التي قدمت مواد بناء لكل مستفيد قدرت قيمتها بنحو ألف دولار أميركي”.

وذكر التقرير أن “الموقع الذي تم بناء التجمع السكني فيه وهو جبل الأكراد (جبل حلب) الذي تبلغ مساحته ما يساوي 2 % من عموم مساحة سوريا، وهو منطقة أحراش ويعتبر الغطاء النباتي الأكبر في محافظة حلب”.

وأشار إلى أنه “تم اقتلاع مساحات واسعة من الأشجار وبناء مباني اسمنتية عوضاً عنها”.

وأضاف التقرير، أنه “من المحتمل أن المستوطنات يتم إنشاؤها لتكون جزءاً من هذه العملية الممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية في عفرين، فهي تخضع لتغير واضح، نتيجة توطين السوريين النازحين من أجزاء أخرى من البلاد في أعقاب تهجير السكان الكرد بشكل أساسي، ووسط قمع واسع للثقافة الكردية في عفرين”.

وتواصل الفصائل الموالية لتركيا الاستيلاء وتأجير ممتلكات السكان الذين نزحوا أو فروا من المنطقة خلال عملية “غصن الزيتون”، يجعل أي عودة محتملة للسكان أمراً أكثر صعوبة، بحسب التقرير.

وقالت المنظمة في تقريرها إنه “على الرغم من الادعاءات أن هذه المستوطنات يتم بناؤها على أراض تعود ملكيتها للدولة، لا بد من الإشارة هنا إلى أن القوانين الجزائية السورية وصفت التعدي على الأملاك العامة بالجرم وعاقبت عليه في القانون”.

إذ نصت المادة 724 من قانون العقوبات العام رقم 148 لعام 1949 بأنه يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر من أقدم على غصب قسم من الأملاك العامة المرفقة وغير المرفقة.

وأرفقت المنظمة مع تقريرها عدة صور تظهر أماكن تواجد القواعد التركية وعدد من القرى “غير القانونية” التي تم بناؤها في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى