الأخبارمانشيت

مـــدلــــولات الـــحـــــل فــــي ســـــوريـــــا

aldar-xelilنشر موقع هافينغتون بوست العالمي الذي ينشر بعدة لغات مقالاً لـ آلدار خليل عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي بعنوان  “مـــدلــــولات الـــحـــــل فــــي ســـــوريـــــا” , وقد احتوى المقال على عدة أهم الرؤى حول الوضع السوري و آفاق حل القضية السورية  . ولأهمية المقال نقدم لقراء الموقع النسخة العربية للمقال المنشور في موقع هافينغتون بوست يوم أمس الاحد 19.02.2017

آلدار خليل

تحول الوضع في سوريا وبفعل تداخل الكثير من الرؤى لدى البعض إلى نوع من فرض الأمور خاصة عندما يتم تناول مفهوم الحل في سوريا، لابد من الإدراك إن للوضع السوري خصوصية في المنطقة لإن الشعب السوري ذاته له خصوصية لذلك التناول الذي يتم من خلاله البحث عن حلول متممة لمراحل قديمة لم تقدم أي شيء للسوريين خاصة ما يتم فيه إعادة هيكلية للنظام السوري بصيغ تدعي الطابع الديمقراطي، بمعنى إن الأطراف التي تبحث عن الحل بطريقة قومية أو دينية تكون بذلك تعمل على إعادة حقيقية لصيغة الحكم الذي سبب على مدار عقود الويلات لشعوب المنطقة، حيث إن النهج القومي الأحادي الجانب من قبل النظام في الدولة السورية ألغى التنوع الموجود في الواقع السوري وفرض لوناً واحداً الذي هو المهيمن على كافة مجالات الحياة، والنهج الديني كذلك عمل على إستغلال المبادئ الحنيفة للدين بغايات مضمرة وعمل على تنمية التطرف على حساب الدين في محاولات حقيقية للإستغلال الإيديولوجي الديني وربط ذلك بمفاهيم دنيوية وآخروية.

اليوم ما يحدث في سوريا أشبه بالتغيير الجذري إذا ما تناولنا الواقع ما قبل الثورة التي قامت ضد النظام مع العلم ان الكرد في سوريا كانوا يستشعرون ضرورة التغيير لذا كانوا ضحايا في الكثير من المواقف لقمع النظام السوري وإستبداده والعام 2004 شاهد على ذلك حيث تم مجابهة الإنتفاضة السلمية التي تنادي بالحل الديمقراطي بالرصاص الحي والإعتقال العشوائي ومن المعروف إن الثورات لها مراحل، أولها مرحلة ما قبل الثورة وواقع الثورة وضرورات الثورة ومستقبلها وكل هذا يحتاج إلى بدائل للأمور التي تمت الثورة في الأصل من أجلها، فمثلاً اليوم في ثورة روج آفا – شمال سوريا وبالطرح الديمقراطي الذي تسعى إليه عموم المكونات من كرد، عرب، سريان، آشور ، شركس ، كلدان وغيرهم لم تعد الحلول القوموية والدينية تجدي نفعاً لإنها أثبتت مدى فشلها في التعبير عن طموحات الشعوب لذا لابد من نظام وسيستم جديد بديل قادر على إحتواء فورة الشارع وأن يكون قادراً فعلاً على تمثيل هذا التغيير، لذا نحن نرى بإن مشروع الأمة الديمقراطية كحل بديل وملبي للرغبة الشعبية هو المشروع الأفضل بحكم إن هذا المشروع يقوم على أسس ومعايير نابعة من تشخيص الواقع الإجتماعي والثوري والسياسي وهو قادر على تمثيل و إحتواء الإرادة الشعبية لدى مختلف المكونات ويؤدي بتلك المكونات إلى العيش ضمن نسق متداخل يشبه الخلية فضلاً عن المساهمة الهامة في الحفاظ على التجانس والتنوع من خلال الحماية الذاتية، المبدأ الذي يعتبر جوهر مهم في نجاح هذا المشروع، هذا المشروع الساعي إلى التنظيم على أساس الحقوق وسلمية العيش لابد له من أن يكون مدعوماً من قبل القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لتساهم في منع تفاقم الصراعات في العالم وكذلك جهودها الحثيثة في العمل بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان بإعتبارها دولة مهمة في العالم وعضو دائم وبإعتقادي هذه الأمور لابد من أخذها بعين الإهتمام لدى الإدارة الجديدة في أمريكا، حيث إن الأنظمة القمعية المركزية والشاغلة للمحور المجاور لروج آفا- شمال سوريا من قبيل النظام التركي والإيراني والمحلي السوري يعملون جاهدين في ضرب سعي المكونات السورية ومنهم الكرد في الإنتهاج بنهج ديمقراطي يساهم في خلق فرص العيش بسلام وحرية لإنها ترى – أي الأنظمة المذكورة خطر على كياناتها من أي تطلع ديمقراطي في المنطقة بحكم إنها اقترفت بحق شعوبها الويلات فتخشى النهضة الشعبية في كل حين وعلى الأخص إيران وتركيا، والمهمة الأخلاقية الدولية والأمريكية تتجلى أيضاً في منع هذه المنظومات المستبدة من ما تقدم عليه من عمليات قتل وتنكيل وقصف بالطائرات، فمن الضروري حماية الشعوب المظلومة بمظلة أممية وبأساليب دفاع ذاتي أمام هجمات القوى المستبدة بأسلحتها الثقيلة والمتنوعة. نحن نرى بإننا ككرد نمثل روح تلك النظرية الديمقراطية مع شركائنا المحليين وإننا وبإرادة شعبنا وإنفتاحه على العيش مع مختلف الأطياف قادرون على إن نكون البديل للحلول القومية والدينية لإن من يعمل الآن مع الأطراف التي تريد الحل هي ذاتها تعيق الحل في عموم المواضيع، فمثلاً الأطروحات التي يتم من خلالها طرح دستور للبلاد ولكن بالشكل الداعم للحل القومي والديني يعتبر خنقاً لحل ذاته وإعادة إنتاج للذهنية التي قامت الثورة بالإساس من أجل تغييرها، هذا إن دّل على شيء إنما يدل على إبتعاد هؤلاء عن واقع الشعب السوري من جهة وعدم قراءتهم الدقيقة لحاجة الشعب وكذلك عدم إمتلاك هؤلاء القدرة على إنتاج حل سوري ضامن للسوريين ويكون بمثابة السبيل المنهي للحالة المأساوية التي مر بها منذ ست سنوات مضت ولا تزال.

نحن نؤمن بإن مشروع الأمة الديمقراطية سيجهض كل المساعي القومية الضيقة ولن يسمح لأي حل أن يظهر دون ان يكون نابعاً من إرادة الشعب كما إن المشروع هذا ضامن حقيقي لتمثيل روح التغيير خاصة في ظل وجود الكثير من الدلالات التي أكدت إن العمل خارج إطار مشروع الأمة الديمقراطية يكّرس واقع الصراع على كافة الأصعدة ابتداءً من السلطة ونهاية بحرب أهلية وتقسيم وتجزئة البلاد، الوحدة الوطنية على أسس ومعايير حقيقة تتجسد في مشروع الأمة الديمقراطية حيث إن ما طرأ على الواقع السوري من تغيير وما تتالت من مشاريع كلها أثبتت إن الحلول بمنظور واحد أو بزوايا ضيقة لا تنفع ولا تقدم أي دعم للحل، ونحن نرى بإن الشعب السوري ومن بينه الكرد لديهم قناعات تامة بإن المحور الذي يريد إفراغ ثورته الهادفة إلى البناء الديمقراطي من مضمونها هو ذاته الذي يعمل على تصدير الحلول البدائية وترسيخ الواقع القديم ولكن بصورة أخرى وبعمليات وإجراءات في المظهر تبدو وكأنها تغيير وباطنياً هي إعادة حقيقة وبشكل أقوى للواقع الذي آل بالشعب السوري إلى ما هو عليه الآن، خاصة في التخفي وراء مفاهيم من قبيل الديمقراطية أو التغيير أو مرحلة إنتقالية. الشعب السوري يحتاج لمشروع يكون فعّال وملموس ولا يحتوي على ثغرات وهذا ما نراه في مشروع فيدرالية شمال سوريا المعتمد على مبدأ الأمة الديمقراطية، حيث ومن خلال اعتماد مبدأ الحماية الذاتية والتنظيم المجتمعي أستطعنا وبإرادة شعبنا المقاوم من دحر أكبر عدو لعموم الإنسانية في منطقة الشرق الأوسط المتمثل بداعش وأستطاع شعبنا في دّك مراكز قراره التي كانت مراكز للتخطيط الإرهابي ضد عموم العالم، أستطعنا أيضاً كسر تلك الصخرة الجاثمة على صدر شعبنا من قبل النظام السوري المستبد لنقوم بتأسيس أوسع منظومة ديمقراطية مجتمعية والتي تجلت في الإدارة الذاتية الديمقراطية التي أحتضنت عموم مكونات روج آفا- شمال سوريا، كذلك استطاعت المرأة لدينا في التغلب على الواقع التقليدي لتتحرر وتنطلق نحو ميادين النضال فتكون ثائرة في الجبهات حيث مواجهة الإرهاب ومناضلة في ميادين العمل السياسي والإداري ورئيسة مشتركة في الإدرات الذاتية، هذه هي الحقيقة التي نتطلع ونعمل من أجلها، نحن ننبذ التعصب القومي والديني وندرك بإن الديمقراطية هي الحل الأنجح للمعضلة السورية و لعموم معضلات الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى