مقالات

مغبة مزعّبر على أسوار عفرين

دلبرين فارس
لم تعد خافياً النوايا والخفايا التي يضمرها النظام التركي تجاه الشعب السوري عموماً وتجاه المكون الكردي خصوصاً، من هنا فأن أي عملٍ إرهابي يقوم به الجيش التركي ومرتزقته سيجابه بمقاومة عنيفة من كل مكونات الشعب السوري؛ وفي مقدمتهم الشعب الكردي، وما التظاهرات العارمة المنددة بالاحتلال التركي وسياساته العدائية في معظم مدن الشمال السوري وفي مقدمتها مدينة عفرين؛ إلا تعبيراً صارخاً على إن عفرين لن تكون جرابلس وإدلب، حيث أكوام الشتات الإرهابي المجتمعة هناك، وأقصد هنا بقايا تنظيمات القاعدة بكل مسمياتها، لذا على أردوغان وجيش المرتزقة أن يدركوا بأن الذين يدافعون عن عفرين هم أنفسهم من دافعوا عن رأس العين وحرروا تل أبيض ورفعوا رايات النصر في كوباني، واسقطوا اسطورة قذارة الخلافة المزعومة في الرقة.
كلنا نُدْرِكُ بأن لولا تخاذل ثلة من المرتزقة المخصيين وأصحاب النفوس الدنيئة لمّا تَجَرَّأ اردوغان أن يخطو خطوة نحو الداخل السوري، ولمّا تطاول هو وعصابته الإرهابية الفاسدة الحاكمة بأن يتهجموا بهذه النبرة التي تشي بمدى خسران رهانهم ورهان مرتزقتهم في سوريا وفي عموم المنطقة.
فسقوط داعش وفشل وانحسار مشروع الإخوان المسلمين وأذيالهم من المنافقين في إدلب والريحانية وكلس، كانت الضربة الأقوى التي وجهت لنظام العدالة والتنمية الذي يتجيش اليوم على الحدود مع عفرين، ويهدد باحتلالها، مع العلم إن هذه التهديدات لم تتوقف يوماً منذ انطلاقة الثورة وإلى يومنا هذا متخذاً أشكالاً إرهابيةً عدة ومساراً مرتبكاً على مدار سبع سنوات.
وكلنا نعلم بأن الهدف الوحيد لأردوغان وعبيده من المنبوذين يتمثل في ضرب المشروع الديمقراطي الذي انجزه مكونات شمال سوريا بدماء ابنائهم، وسعيهم لترسيخ وتطوير مشروعهم في التعايش والبناء والسلام وتعميمه كنموذج يشمل كل الجغرافية السورية، بعد فشل بازارات وتمثيليات آستانا وجنيف الاستنزافية الهزلية، والتي صُرِفَتْ عليها ملايين الدولارات دون أن تحقق أي خطوة نحو حلّ الأزمة السورية، على العكس تماماً فقد كانت وبالاً على السوريين الذين أجبروا على النزوح من ديارهم تاركين خلفهم ركاماً وحطاماً ربما لن يعودوا إليها أبداً؛ طالما بقي مرتزقة أردوغان الأوصياء على رقابهم وأرضهم وحريتهم.
بالتأكيد للسلطة التركية أجنداتها وأوهامها الخاصة والتي تعود إلى فترتي العثمنة والتتريك وهي تسير بهذا المنظور إلى يومنا هذا. بالطبع هناك العشرات ممَن يستثمرون في هذه الأوهام ومستعدون للخنوع والخضوع ومقولة “التاريخ يعيد نفسه” في العديد من المسارات والمحطات المتشابهة، لكن اليوم يختلف عن الأمس في كل توصيفاته ومعطياته، فقوة الثورة وذهنيتها في المقاومة والتحرر والتفاوض تختلف كلياً عما كانت خلال فترة المئة سنة المنصرمة، وحتى أطفال اليوم يختلفون عن أطفال الأمس، وزيتون عفرين لنّ يكون كياسمين الشام في الأمس.
لذا فعند البحث عن حقيقة استماتة نظام العدالة والتنمية الإرهابي في تركيا وسعيه بشتى الوسائل يأتي ضمن سلسلة من هذه الشروحات البسيطة؛ ومن ضمنها كسب صفة الانتصار، وايجاد موطئ قدم له في سوريا في إطار حفظ ماء وجهه بعد فشل مخططاته، وهزيمة مرتزقته في رأس العين وكوباني ومنبج والشهباء والرقة.
لكن المعطيات الراهنة ومجدداً تشير بأن عفرين لن تكون اسكندرونة جديدة، ولن يفيد لقاء اردوغان و ماكرون بشيء، لذا فأن لجوء اردوغان إلى روسيا وفرنسا وحالة الرضوخ في الخارج والزعبرة في الداخل لتحقيق هدفه ولو بصورة شكلية؛ أصبح مرضاً مزمناً ولن يتخلص منه بهذه السهولة، وسيجر تركيا والمنطقة عموماً نحو حربٍ سيطال عقر داره في انقره واسطنبول.
وحقيقة الادعاءات والتهديدات التركية بمحاربة الـ30 ألفاً من قوات حرس الحدود في شمال سوريا والتي من واجبها ومهامها حماية وحراسة حدود شمال وشرق سوريا من أي هجمات إرهابية تهدف أمن واستقرار فيدرالية شمال سوريا، وبالتالي أمن واستقرار المنطقة عموماً، ليست إلا ترهات كاذبة وما ينزوي تحت حالة التجيش لنظام العدالة والتنمية بكل طاقمها المنافق؛ هو التنصل من حالة الفشل الداخلي، وصرف أنظار الشعب التركي عما آلت إليه الأوضاع في الداخل التركي، خاصة وأن تحالف اردوغان – باخجلي يأتي في إطار حالة الطوارئ التي اوجدتها سياسات العدالة والتنمية، لذا فأن الخاسر الأكبر من مغبة احتلال عفرين ستكون الدولة التركية بما فيها الشعب التركي، وبطبيعة الحال فأن الشعب السوري هو الخاسر الدائم من كل مؤامرات المحتلين والمستبدين.

زر الذهاب إلى الأعلى