المجتمع

معمل نوجيان للسماد الطبيعي … خطوة رائدة على طريق التنمية المُستدامة

إن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية لزيادة الإنتاجية المحلية؛ يمثل المدخل الأساسي لتطوير الاقتصاد المجتمعي في روج آفا وشمال سوريا، وذلك في ظل الظروف الاستثنائية والطارئة، وحالة الحرب على الإرهاب، والحصار المفروض على مناطقنا، وذلك لتحقيق وضع صحي وسليم للمجتمع، حيث يتطلب ذلك تحقيق تعزيز القدرة والموارد المجتمعية وإيلائها اهتماماً خاصاً من قبل المؤسسات المعنية عن طريق التكامل والتنسيق بين جميع المؤسسات والفعاليات المجتمعية خاصة في الميدان الزراعي، وعبر تعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات والمواطنين، والعمل على تفعيل مؤسسات للبحوث العلمية والإنتاجية، وتوظيفها لصالح التنمية المُستدامة المحققة لنوع مقبول من الاكتفاء الذاتي، والتي تتطلب من الجميع الوقوف بجدية عند الواجبات المُلقاة على عاتقهم، وخاصة في ظل الحصار المفروض على روج آفا وشمال سوريا، فكان لا بد من التفكير بجدية عن سبل وطرق لمواجهة هذه التحديات والسياسات المقصودة والمدروسة التي تتبعها الدول والقوى المعادية للتجربة الديمقراطية الرائدة الموجودة في روج آفا وشمال سوريا، التي طرحت مؤخراً الفدرالية الديمقراطية كأفضل حل للمُعضلة والإشكالية السورية بشكل عام، الأمر الذي أدى بالقوى المعادية إلى محاربتها بكافة السبل، ومحاولة إفشالها، والحيلولة دون وصول إرادة الشعوب المتعايشة إلى غاياتها ورغباتها في الحرية والانعتاق من الاستبداد والإرهاب والسياسات العنصرية، حيث كانت التجربة المؤسساتية طيلة الأعوام الماضية من ثورة روج آفا والشمال السوري وإرادة المقاومة والحياة الموجودة بين فئاته ومكوناته؛ كفيلة في التصدي والصمود أمام جميع المخططات والسياسات المعادية لإرادة الحل المنبثق من النهج والخط الثالث الذي اتبعته الإدارة الذاتية وتتويجها بمبادئ الأمة الديمقراطية في العيش المشترك وأخوة الشعوب؛ عبر إعلانها لنظام الفدرالية الديمقراطية كحل أنجع للمعضلة السورية المتفاقمة، وكانت الرائدة في الطرح الأمثل والأنسب لتلبية احتياجات المجتمع، حيث كانت المشاريع الاقتصادية والإنتاجية على رأس الأولويات لتحقيق نوع من التكامل والاكتفاء الذاتي، وذلك وفق الإمكانات والموارد المحلية المتوفرة؛ حيث افتتح العديد من المعامل والمصانع الصغيرة والمتوسطة التي تُدار بخبرات وأيادي محلية، ومن هذه المشاريع الرائدة كانت افتتاح معمل نوجيان للسماد الطبيعي بتاريخ 12\11 \2017 في ناحية تربسبية؛ حيث قامت جريدة الاتحاد الديمقراطي بأخذ أراء القائمين عليها والتعرف على آلية عملها عن كثب.

الهدف من افتتاح المعمل هو التشجيع على استغلال الموارد الطبيعية، والحفاظ على البيئة:

طارق حمو عضو لجنة تطوير البيئة ضمن هيئة البلديات والبيئة:     

بدايةً نرحب بجميع الضيوف الذين حضروا افتتاح معمل نوجيان للسماد الطبيعي، والذي يُعْتَبَرُ إنجازاً فريداً من نوعه في روج آفا وشمال سوريا؛ الذي أشرف على إنجازه بلدية الشعب في تربسبية وبدعم وتشجيع هيئة البيئة والبلديات.

السماد العضوي هو السماد الغير محتوي على أي مواد كيميائية، ويوصف بأنه السماد الأمثل لعمليات الزراعة، وهو يتكون من مخلفات الحيوانات والنباتات؛ والتي يتم خلطها مع بعضها البعض بصورة جيدة، ويُتْرَكُ في أماكن خاصة لفترة من الزمن؛ ليتم عملية تخميره. ومن أهم مميزات السماد العضوي الطبيعي أنه لا يشتمل على تلك الموارد المعدنية التي تشتمل عليها بعض الأنواع الأخرى من الأسمدة، والتي قد ينعكس استخدامها على التربة بصورة سلبية.

إن الهدف الأساسي من افتتاح المعمل هو تشجيع المجتمع على استغلال موارده الطبيعية، والحفاظ على البيئة بطرق صحية وملائمة؛ بعيداً عن المواد الكيميائية الضارة على الصحة والسلامة العامة، حيث قمنا في الآونة الأخيرة وبمشاركة الكومينات في ناحية تربسبية بحملة توعية في الناحية، لحث المواطنين على فرز مخلفاتهم الغذائية والحيوانية والنباتية لتتمكن البلدية من معالجتها بأنسب الطرق الملائمة، حيث تنقل هذه المخلفات إلى المعمل لمعالجتها وتدويرها للاستفادة منها، فكما هو معلوم وفي ظل الحصار المفروض على روج آفا ظهر نقص في المواد اللازمة للإنتاج المحلي وخاصة الأسمدة الكيميائية، ورغم مساوئها الكثيرة على البيئة وعلى الصحة العامة؛ فقد عمدت الأنظمة السابقة على استخدامها وبيعها للفلاحين والمزارعين بغية استغلالهم وتحقيق أكبر منفعة ومردود مادي لسلطتهم وهيمنتهم دون الاكتراث بمساوئها المستقبلية على المدى البعيد، وما قد تسبب من أمراض وآفات على البيئة والإنسان معاً. ومن هذا المنطلق فإن استخدام الأسمدة العضوية الطبيعية يضمن للمجتمع أن تكون الأغذية المنتجة خالية من المواد الكيميائية الضارة التي توجد في الأسمدة الكيميائية، لهذا فالمستهلكين للغذاء المزروع بأسمدة عضوية ليسوا عرضة لأمراض السرطان والسكتات الدماغية والأمراض الجلدية، مقارنة بمن يستهلكون المواد الغذائية الناتجة باستخدام الأسمدة الكيميائية، كما وإن تكلفة الزراعة بالأسمدة العضوية تكون أقل بكثير من الزراعة بالأسمدة الكيميائية، فغالبية تلك الأسمدة يمكن تصنيعها محلياً داخل المزرعة نفسها من غير شراء، فتكون تكلفتها أقل من شراء المواد الكيميائية السامة، واستخدامها بشكل دوري يرفع إمكانيات التربة صحياً، حيث تساعد الأسمدة العضوية على تكوين بنية التربة، وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالمغذيات التي تنقلها بالتبعية إلى النباتات، تكون التربة غنية بالمعادن والعناصر الغذائية التي تقتلها المواد الكيميائية المصطنعة، كما أن الأسمدة العضوية تجعل التربة خصبة إلى مئات السنين، أما الأسمدة الكيميائية تزيد من عقم التربة بعد فترة، ولا تصبح قادرة على إنتاج المزروعات بسبب فقدانها لعناصرها الأساسية الهامة، كما أن الأسمدة العضوية عبارة عن تحلل حيوي لا يساهم في التلوث البيئي، أما الأسمدة الكيميائية تساهم ليس فقط في تلوث الزرع بل في تلوث البيئة المحيطة من ماء وهواء بسبب عدم قدرتها على التحلل؛ مما ينتج عنها ثقل في التربة بالإضافة إلى قتل الحشرات والطيور المفيدة أصلًا في عملية الزراعة، وتتسبب في تلوث البيئة، وبالتالي التأثير على صحة الفرد، أما صناعة الأسمدة العضوية لا ينتج عنها أي مخلفات بيئية، ولا تؤذي البيئة والصحة العامة.

الحد من ظاهرة تراكم النفايات التي تعتبر ظاهرة غير سوية

لالش سليمان إداري في مديرية البيئة:

إن الهدف من افتتاح معمل نوجيان للأسمدة الطبيعية هو الحدُّ من تلوث البيئة والاحتباس الحراري وغيرها من المساوئ الناجمة عن الأسمدة الكيميائية، وكذلك الحد من ظاهرة تراكم النفايات التي تُعْتَبَرُ ظاهرة غير سوية، وتتسبب في العديد من المشاكل سواء من ناحية انبعاث الروائح الكريهة وتحولها إلى مكان يتجمع عليها الحشرات والبعوض التي تنقل العديد من الأمراض والآفات، وكذلك من ناحية أخرى التخلص منها عبر حرقها التي تتسبب في ارتفاع الحرارة والاحتباس الحراري، وكذلك إن فتح مثل هكذا معامل يقلل من عدد المكبات وتكاليفها التي تحتاج إلى ميزانية كبيرة لإنشائها؛ والتي تُصْدِرُ منها العديد من الغازات السامة والمضرة بصحة الإنسان، حيث يتم التعامل مع هذه النفايات في المعمل عبر فرزها إلى مخلفات حيوانية ونباتية وبقايا غذائية، وذلك عن طريق توزيع حاوية خصصت لهذا المجال على الكومينات بغرض الاستفادة منها وتدويرها لتصبح صالحة للاستعمال كأسمدة مفيدة للتربة الزراعية والتي تسمى (كمبوست زراعي) والتي تتكون من بقايا حيوانية ونباتية، وهذا الكومبوست الذي سيقوم معمل نوجيان بإنتاجه سيساعد على تخصيب التربة وزيادة المردود والنتاج الزراعي بكفاءة عالية بعيداً عن المخصبات الكيميائية التي تضر بصحة الإنسان وسلامة البيئة، وهذا الكومبوست أو السماد العضوي الطبيعي هو بالأساس عبارة عن تحلل حيوي لا يساهم في التلوث البيئي كما الأسمدة الكيميائية، وهي تساهم في زيادة التمثيل الغذائي للعديد من المحاصيل، وتزيد من نسبة الكائنات الدقيقة المفيدة للمحاصيل الزراعية، حيث يتم التعامل مع المخلفات الحيوانية والنباتية بشكل علمي مدروس عبر تخصيص أماكن خاصة بهذه العملية لتخميرها ومن ثم يتم عملية فرمها بآلة خاصة لهذا العمل وتعبئتها بأكياس مخصصة لها، حيث من المتوقع أن تصل إنتاجية المعمل خلال شهر، من 20 إلى 25 طن، وسيتم توزيعها على المزارعين والفلاحين الذين يحتاجونها لرفع كفاءة محاصيلهم.

إعداد: ياسر خلف

زر الذهاب إلى الأعلى