حواراتمانشيت

مظلوم عبدي: لدينا عوامل قوة أكثر من أي وقتٍ مضى

في حديث لصحيفة ((Yeni Özgür Politika)) قدم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (مظلوم عبدي)  تقييمات مفصلة حول التطورات السياسية والميدانية الجارية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي بدءاً من اللقاء الأخير مع جيمس جيفري، ووضع المناطق المحتلة من قبل تركيا، وحول قوات سوريا الديمقراطية، والعلاقات مع روسيا وكذلك مع العالمين العربي والدولي.

وهذا نص الحوار الكامل:

عقد الممثل الخاص للولايات المتحدة الأمريكية إلى سوريا (جيمس جيفري) اجتماعات مكثفة حتى منتصف شهر كانون الثاني في تركيا والعراق وإقليم كردستان حول شمال وشرق سوريا, وفي الأسبوع الثاني من هذا العام التقى جيفري (المعروف أيضاً بعلاقاته الرفيعة المستوى مع تركيا)مع بعض المعارضين من المجلس الوطني الكردي, هل تعتبر هذه اللقاءات إيجابية؟

شهدت المنطقة تغيرات كثيرة في أعقاب قرار القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال شرق سوريا وروج آفا, واحتلال الدولة التركية لـ سري كانيه وكري سبي, وما تبعته من تغيرات في الموقف الدولي بشكلٍ عام.

لقد أعادت أمريكا مرة أخرى وجودها العسكري والسياسي في المنطقة, في محاولة لاتباع سياسة جديدة في المنطقة, وبدوره بدأ جيفري بزيارات للبلدان ذات الصلة بسوريا ضمن هذا الإطار، ونحن أيضاً عقدنا اجتماعات مع (جيمس جيفري) ومسؤولين عسكريين أمريكيين رفيعي المستوى, وحاولنا فهم سياساتهم في المنطقة, ونقلنا لهم مطالبنا وجدول أعمالنا, وطلبنا منهم الدعم, بالنتيجة نستطيع القول بأن اجتماعاتنا كانت تنصب في التأكيد على حماية مكتسبات الشعب في شمال وشرق سوريا.

يقال أن التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران سيكون لها تأثير على سوريا أيضاً، وكذلك التوترات في شمال وشرق سوريا بين الولايات المتحدة وروسيا, ما هي قراءتكم حول ذلك؟

تعمقت التناقضات بين أمريكا وإيران بعد مقتل قاسم سليماني, ونشأت النزاعات والتناقضات بين القوى في المنطقة والشرق الأوسط, وكان لهذا أيضاً تأثير على سوريا, إذ زادت التناقضات بين القوى المختلفة الموجودة فيها, في ظل هذه التناقضات نحن لسنا طرفاً فيها بشكل عام ولن نكون طرفاً, وسنستمر في التفاوض مع جميع الأطراف، مع مراعاة مصالح شعبنا.

تعتبر مصر من الجهات الفاعلة الحاسمة في العالم العربي، وهي رافضة للانتشار العدواني للدولة التركية, وأنتم لديكم علاقات وأجريتم لقاءات حول الوضع والإدارة في شمال وشرق سوريا مع مصر, ما مدى فعالية قوة مصر ودورها الإيجابي بالنسبة لكم بالنظر إلى التحالف الكردي العربي في منطقتكم؟ وهل هناك أي دعم ملموس بشكل عام من قبل مصر؟

وما هو دور وأهمية التحالف الكردي والعربي في هذا الوقت؟ ولماذا كانت علاقاتكم مع الدول العربية محدودة من قبل؟

علاقاتنا مع المجتمع العربي وخاصة مصر جيدة, وعلاقاتنا في المجال السياسي تزداد قوة, وكون مصر تعمل على تفعيل دورها في حل الأزمة السورية, وفي هذا السياق نعزز علاقاتنا مع مصر, وفي المستقبل سنحاول تفعيل العلاقات أكثر مع مصر للمساهمة في حل الأزمة السورية.

(قسد) تمثل القوة العسكرية لشمال وشرق سوريا من حيث الجغرافيا والمكونات, والإدارة الذاتية الديمقراطية تمثل الجانب السياسي والإداري لهذه الجغرافية, ولكن هناك محاولات من قبل البعض لخلق صراع بين العرب والكرد ضمن المنطقة, ماذا تقولون عن هذا الأمر؟

حاولت العديد من القوى وخاصة الدولة التركية كسر الأخوة العربية الكردية وبقية المكونات التي عملنا عليها  لسنوات طويلة, لقد حاولوا تفكيك قوات سوريا الديمقراطية، لكن الاتحاد والأخوة مع الشعب العربي أصبحتا أكثر قوى في مواجهة الاعتداءات التي قامت بها الدولة التركية, ويشرفنا هذا الموقف من قبل الشعب العربي، لأن موقفهم من احتلال الدولة التركية كان واضحاً, وقاتلوا جنباً غلى جانب الكرد في الجبهات الأمامية ضد غزو الدولة التركية, ونحن نعتقد أن أخوة الشعوب ومشروع الأمة الديمقراطية سينجحان على أساس وحدة الشعبين الكردي والعربي وبقية الشعوب.

حاولت الدولة التركية والنظام السوري خلق صراع بين الشعبين الكردي والعربي, ولكن هذه المحاولات لم تكن ناجحة, ولا سيما أن الشعوب العربية في شمال وشرق سوريا ترى تحررها في مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية ونموذج الأمة الديمقراطية, وخلال السنوات السابقة وفي المرحلة الراهنة تمكن العرب والكرد ومعظم المكونات في مناطق الإدارة الذاتية من تعزيز وحدتهم, فمصير الشعوب الكردية والعربية في شمال وشرق سوريا أصبح مصيراً واحداً.

أجريت محادثات مع القوتين العظميين في العالم, وكانت الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية تدركان أن اتفاق (آلية أمن الحدود) لن تنفع في تخلي تركيا عن عزمها في الهجوم على المنطقة، وهاجمت بكل قوتها وتمكنت من احتلال مدينتين مع محيطهما, الآن إذا عدنا بالزمن إلى الوراء, من خلال اتفاقية آلية أمن الحدود قبل وأثناء تنفيذها، هل كان من الممكن إيقاف هذا الهجوم التركي؟

ما الذي لم يكن بالإمكان القيام به؟ وهل كانت لديكم فُرص لمنع هذه الهجمات؟ وما الذي لم تقوموا به؟

بالطبع لدينا أوجه قصور وأخطاء في احتلال سري كانيه وكري سبي, ونحن نقدم نقدنا الذاتي في هذا الصدد, حيث أن المقاومة العسكرية والدبلوماسية ضد غزو الدولة التركية لم تكونا كافيتين في ردع العدوان أو إيقافه, وكنا نجري الاستعدادات الكبيرة للدفاع عن هذه المناطق ولم تكتمل هذه الاستعدادات لأن الدولة التركية كانت تعلم أنها لن تنجح في هجومها إذا اكتملت استعداداتنا، وأرادت بدء الغزو في أسرع وقت ممكن على الرغم من ردود أفعال العالم بأسره, الدولة التركية أدركت أننا نعمل على إكمال الاستعدادات للمقاومة, لذلك هاجمت قبل أن نكملها.

في الجانب الأخر لم تكن أمريكا ترغب في أن تعرض مصالحها مع الدولة التركية  للخطر, لذا بقيت صامتة إلى حد ما في مواجهة هجمات الدولة التركية.

هناك دروس تعلمناها لمنع مثل هذه الهجمات, فمن خلال استنتاجاتنا في المجال العسكري والسياسي والدبلوماسي يمكننا القول بأن أي هجمات للدولة التركية من الآن فصاعداً لن تكون سهلةً, إن الدروس التي تعلمناها والتدابير التي اتخذناها ستضمن فشل أي هجوم تقوم به قوات الاحتلال, الحقيقية الأخرى هي إن الدولة التركية حددت المواقع الضعيفة عسكرياً لمهاجمتها، حيث رأت أن استعداداتنا في المناطق الأخرى كانت أقوى وأنها لن تنجح عسكرياً ضد المقاومة الكبيرة التي ستظهر هناك.

بعد الاحتلال التركي لسري كانيه وكري سبي دخلت روسيا أيضاً إلى مناطق شمال وشرق سوريا, كيف هي علاقاتكم مع روسيا؟

وما هي الخطط المستقبلية لروسيا فيما يتعلق بشمال وشرق سوريا؟ وفي أي جانب ستتطور هذه العلاقات؟

يمكننا القول أن روسيا هي اللاعب الرئيسي في الأزمة السورية, وملف حل الأزمة بين يديها, لذلك نأمل أن يكون لوجود روسيا في المنطقة تأثيراً إيجابياً, هناك اتفاقية سوتشي الموقعة بين روسيا والدولة التركية, ونحن قبلنا ببنود اتفاق وقف إطلاق النار وفقًا لاتفاقية سوتشي، وهنا يتعين على روسيا اتخاذ موقف ضد احتلال الدولة التركية, لكن الدور الرئيسي لروسيا هو الضامن القوي والوسيط بيننا وبين الحكومة السورية, ويجب أن تضمن تطوير حوار سياسي واتفاق سياسي إيجابي فيما بيننا.

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية موجودة في المنطقة وتعاونكم معها مستمر, رغم أنها لم توقف الهجوم التركي وأذعنت للاحتلال الحالي, هل يمكن أن تصبح علاقتكم مع الولايات المتحدة الأمريكية علاقة سياسية, أي ألا تقتصر على المجال العسكري؟

لقد ارتكبت أميركا أخطاء كبيرة وأوجه قصور في الماضي, وكانت السياسة الأمريكية أحد الأسباب الرئيسية لتجرؤ الدولة التركية على مهاجمة هذه المنطقة, اليوم تحاول أمريكا القضاء على المشاكل التي نشأت نتيجة السياسة التي اتبعتها, وعلى هذا الأساس تسعى إلى تطوير سياسة واستراتيجية جديدة في سوريا, من خلال تغيير قرارها بسحب قواتها من المنطقة, ولا يمكننا أن نقول بأن أمريكا لديها سياسة واضحة، ولكن يبدو أنها تعمل في إطار وضع استراتيجية جديدة, باختصار يمكننا أن نقول أنها تعمل على التخلص من النتائج الناشئة عن قراراتها الخاطئة، وعلى هذا الأساس تم وضع خطط جديدة على أساس العلاقات بين كل من قواتنا العسكرية وقوات الولايات المتحدة وقوات الدفاع والأمن في المنطقة, وفي إطار هذا التخطيط  يتم تنفيذ عمل مشترك ضد الإرهاب والدفاع عن هذه المنطقة, وبدأ العمل المشترك مرة أخرى بين القوات الأمريكية وقواتنا, أما سياسياً لا يزال للولايات المتحدة موقفٌ غير واضح تجاه الحل السياسي.

يُزعم أنه قد تكون هناك هجمات تركية محتملة، وأن الولايات المتحدة ستوافق على ترحيل الكرد نحو حقول النفط, هل تعتقد أنه يمكن أن يكون هناك هجمات جديدة وشاملة؟

قصة أن أمريكا ستدفع الكرد نحو حقول النفط ليست حقيقية, ويتم وضع هذا بشكل متعمد من قبل البعض, لا أمريكا لديها سياسة لترحيل الكرد نحو حقول النفط، ولا الكرد يقبلون بذلك, ولا يمكن لأي شخص فعل ذلك وفرض ذلك علينا. قضية البترول هي سبب توقف أميركا عن قرارها بسحب قواتها, خلاف ذلك ليس له أية حقيقة في المنطقة.

الدولة التركية تريد الهجوم، لكن ظروف هذه الهجمات أصبحت صعبة, هناك الآن قوى دولية (روسيا وأمريكا) والعديد من القوى هنا, بالطبع سنقف بكل قوة لو هاجمت تركيا مناطق أخرى وستكون هناك مقاومة تاريخية كبيرة، وستخسر الدولة التركية سياسياً وعسكرياً, وعلى الرغم من أن الدولة التركية تريد بشدة شن مثل هذا الهجوم، إلا أنها لا تستطيع التنبؤ بما ستكون عليه العواقب.

هل هناك تخطيط واستعداد لتحرير المناطق المحتلة؟

بالطبع لدينا الاستعدادات لاستعادة المناطق المحتلة وتطهير هذه المناطق من الغزاة, جميع القوى الدولية توجد في سوريا, ويتم تنفيذ التوازنات السياسية, نحن كـ (قسد) دائماً على استعداد لتحرير هذه المناطق، لكن ذلك يتطلب وقتاً وشروطاً, وعندما تسمح الأوقات والظروف فإن هذه المناطق ستعود مرة أخرى لأصحابها الحقيقيين, وهذا لن يستغرق وقتا طويلا, سيتم إعادة عفرين لأصحابها الحقيقيين, وبالمثل سري كانيه وكري سبي, إن احتلال هذه المناطق كان خسارة كبيرة، لكن لا يزال لدينا قوة كبيرة لتحرير هذه المناطق, ورغم كل شيء لم تستطع الدولة التركية كسر قوتنا ولم تحقق هدفها, طالما لدينا هذه القوة سوف نحرر مناطقنا المحتلة عندما تسمح الظروف, وهذا هو ما يخيف الدولة التركية.

أي نوع من الأمل والروح المعنوية والرؤية المستقبلية للسياسيين والعسكريين في شمال وشرق سوريا سيصاحب مقاومة شعوب المنطقة التي يتحملون المسؤولية عنها، وخاصة الكرد؟

وما هي توقعاتك للمستقبل بينما تستمر الحروب والصراعات في المنطقة؟

صحيح كانت هناك هجمات كثيرة علينا, كما احتلت مدن عفرين وسري كانيه وكري سبي, وكانت هذه خسارة كبيرة لنا, ولكن على الرغم من كل هذا فإن مزايانا لا تزال أكثر من عيوبنا, مرة أخرى نقاط القوة التي نملكها أقوى من نقاط الضعف, فشعوب المنطقة (الكردية، الآشورية، السريانية، العربية) متحدة أكثر مما كانت في الماضي, لقد زاد ارتباطها بفكر الأمة الديمقراطية ومشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية, وعلى الرغم من هذه الهجمات فقد أصبحت قسد أقوى, وزاد الدعم من قبل القوى الدولية, ففي السابق كانت هناك قوات التحالف فقط هنا، أما الآن فهناك روسيا وقوى أخرى, ونحن أقوى سياسياً من قبل, والنظام السوري أيضاً أدرك أنه لن يحصل على دعم الدول العربية وأن الحل السياسي ضروري, باختصار يمكننا أن نقول أن موقفنا قوي ويؤدي إلى حل في النهاية, نحن نتعلم من أخطاء الماضي العسكرية والسياسية, بالإضافة إلى إننا نريد أن نجعل عام 2020 عام حل القضية الكردية، نحن في دراسة شاملة للغاية للحل في شمال وشرق سوريا وفي جميع أنحاء سوريا, نأمل في تحقيق السلام والاستقرار لشعبنا في عام 2020.

منذ فترة ذكرت أنه قد تحدث تطورات إيجابية في الحوار مع النظام السوري, هل حصلتم على نتائج من هذه المبادرات، وفي أي مرحلة هي علاقاتكم مع النظام السوري؟

علاقاتنا مع النظام السوري مستمرة, سيكون لدينا حوار في الفترة المقبلة, المفاوضات وعملية الحوار بطيئة  لأن عقلية النظام لا تزال بعيدة عن الحل, مطالبنا وعروضهم بعيدة كل البعد عن بعضها البعض, والمسافة بيننا لا تزال واسعة, لكن المفاوضات المتبادلة ستستمر، والأمر سيستغرق بعض الوقت للوصول إلى اتفاق, وهنا يتعين على روسيا لعب دور قوي من أجل التوصل إلى اتفاق لصالح جميع الأطراف, أيضاً يجب على قوات التحالف أن تلعب دوراً قوياً فيما يتعلق بحل الأزمة السورية, بالطبع من الضروري أن يكون موقفنا في المنطقة قوياً أيضاً.

عقد رئيس الاستخبارات التركية (هاكان فيدان) ونظيره السوري (علي مملوك) اجتماعاً في موسكو, وقال مسؤول تركي إنهم ناقشوا التعاون المحتمل في الحرب ضد وحدات حماية الشعب, ما هي العواقب المحتملة؟

الدولة التركية تريد العودة إلى اتفاق أضنة, وتعمل على حل الأزمة في سوريا بما يتماشى مع مصالحها الخاصة ووفق رؤيتها ومشاريعها, نحن نعلم أن هذا الاتفاق يشكل خطراً على وجود الشعب الكردي, ونعلم بأن  اللقاء بين (هاكان فيدان) و(علي مملوك) في موسكو حصل في هذا الإطار, طلب (هاكان فيدان) الحفاظ على معاداة الكرد والقتال ضدنا في شمال وشرق سوريا, وعلى حد علمنا فإن النظام السوري أعلن أنه غير جاهز لذلك, فهناك مشاكل في إدلب ومناطق أخرى, من ناحية أخرى المشكلة لم تعد من جانب واحد, إذ يواجه النظام السوري مشاكل مع الدولة التركية, فالدولة التركية تدعم العصابات ضد النظام السوري, لهذا السبب نرى أن تطبيق اتفاق أضنة لن يكون سهلاً, فالدولة التركية ليست مستعدة لإنهاء دعمها للإخوان المسلمين لذلك من الصعب تطبيق شروط هذا الاتفاق.

زر الذهاب إلى الأعلى