الأخبارسوريةمانشيت

مظلوم عبدي: تركيا تريد خلق بؤر صراع دائمة تقوض أمن المنطقة على المدى الطويل

تحدّث (مظلوم عبدي) القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية عن احتمال توغّلٍ تركيّ جديد في مناطق شمال وشرق سوريا، وعن دور واشنطن للحيلولة دون وقوع هجوم قد يؤثر سلباً على الحرب التي تخوضها قواته ضد تنظيم داعش بالتنسيق مع التحالف الدولي.

وفي مقابلة خاصة أجرتها وكالة (صدى) ونشرها مركز (كارينجي للسلام الدولي) أكد مظلوم عبدي أن الحملة الجوية التي شنّتها تركيا ضد مناطقنا لا تزال متواصلة بشكل مكثف منذ 20 تشرين الثاني الماضي, مشيراً إلى أنها تستهدف قواتهم العسكرية والمدنيين والبنى التحتية, وقال:

بهذه الهجمات التي تستخدم فيها الطائرات الحربية والمسيرات والقصف المدفعي، ترتكب تركيا بحقنا جرائم حرب وتنهتك القانون الدولي, فقد أدت الهجمات إلى استشهاد 18 مدنياً و17 مقاتلاً من قواتنا العسكرية، إضافة إلى تدمير 45 منشأة من البنى التحتية الحيوية كمحطات الكهرباء والنفط والغاز والمياه والمستشفيات ومراكز تقديم الخدمات.

وأضاف عبدي:

بالتزامن مع تلك الهجمات لاحظنا زيادة نشاط تنظيم داعش، وتفيد معلوماتنا أن التنظيم يخطط لتنفيذ هجماتٍ من الجنوب، في حين أن قواتنا منشغلة بمهامها الدفاعية في حماية المواطنين والمنطقة في مواجهة العدوان التركي شمالاً, وبالتالي فإن أي تصعيد عسكري تركي ضد قواتنا يؤدي بشكل مباشر إلى تزايد نشاط التنظيم, هذا ما اختبرناه طيلة السنوات الماضية, كما أن القصف التركي استهدف مؤخراً القوات الأمنية المسؤولة عن حماية مخيم الهول الذي يضمّ أكثر من 55 ألفا من عائلات مقاتلي تنظيم داعش، وهذا يصعّب من مهمة القوات الأمنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا في ضبط أمن المخيمات والسيطرة على مراكز الاحتجاز, بالإضافة إلى ذلك تخفّض هذه الهجمات مستوى الاستجابة الإنسانية وتخلق وضعاً غير آمن يهدد الاستقرار.

وأشار مظلوم عبدي إلى أنهم يواجهون هذه الهجمات بالسبل السلمية للحيلولة دون وقوع حرب كارثية محتملة, موضحاً أنهم تواصلوا مع أصدقاءهم وشركاءهم والقوى الضامنة لإيقاف هذه الهجمات ومنع تركيا من تنفيذ غزو بري جديد سيؤثر سلباً على جميع الأطراف, وسيشعل الحدود السورية – التركية, وأضاف:

في حال حدوث أي غزو بري، فإن قواتنا ستحارب لحماية شعبنا والدفاع عن مناطقنا, نحن كنا ولا نزال نبدي التزامنا باتفاقيات وقف إطلاق النار التي توصلت إليها روسيا والولايات المتحدة مع تركيا في تشرين الأول 2019.

وبيّن مظلوم عبدي أن تركيا باستهدافها للمنشآت الحيوية تهدف إلى تهجير السكان وإحداث تغيير ديمغرافي وخلق حالة دائمة من عدم الاستقرار تستفيد منها التنظيمات الإرهابية، مؤكداً أن هذا سيؤثر على الأمن الإقليمي والعالمي, وأن تركيا تريد خلق بؤر صراع دائمة تقوض أمن المنطقة على المدى الطويل.

وقال مظلوم عبدي موضحاً:

تقدم منطقة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا نموذجاً معقولاً للسوريين, وتمنحهم الأمل بخلق واقع سوري تتعايش فيه كل المكونات، وأكبر دليل على ذلك وجود أكثر من مليون نازح من مناطق متفرقة من سوريا في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية, وتسعى تركيا من خلال تدميرها للبنى التحتية الحيوية في مناطقنا إلى إفشال نموذج الإدارة الذاتية التي باتت تحظى بشرعية محلية واسعة، وتقدم الخدمات وتوفر الأمن لأكثر من 5 ملايين سوري.

وأشار مظلوم عبدي إلى أنهم أدخلوا وبالاتفاق مع روسيا وحدات من الجيش السوري إلى الحدود السورية – التركية وإلى خطوط التماس مع الأتراك بعد الغزو التركي لمدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في عام 2019، وأن هذه الوحدات تنتشر على كامل الحدود السورية – التركية، موضحاً أن ضبابية موقف السلطات في دمشق تجاه الهجمات التركية الأخيرة الهادفة إلى احتلال دائم للأراضي السورية غير مفهوم بالنسبة لنا, وأضاف قائلاً:

على الرغم من غياب الحلّ السياسي، فإن التنسيق العسكري مع الجيش السوري هدفه ردع مخاطر الاحتلال التركي عن سوريا, إننا نؤمن بأن السوريين يجب أن يتّحدوا في مواجهة التدخل الخارجي وسيطرته انطلاقاً من مبدأ الحفاظ على وحدة الأراضي السورية, وجميع المواقف الدولية المعلنة تجاه الهجوم التركي حالياً من طرف الولايات المتحدة أو روسيا، تعارض أي اجتياح بري جديد لأراضينا, ونحن نرى هذه المواقف جديرة بالثناء، ولكننا لا نعتبرها كافية لإيقاف العدوان التركي على مناطقنا، ولمنع غزو بري جديد ضد مناطق شمال وشرق سوريا.

وقال عبدي أيضاًك

فيما يتعلق بالوساطة الروسية بيننا وبين دمشق فهي مستمرة، لكن هناك حاجة لحلّ سياسي للأزمة السورية, وما نراه اليوم هو أن دمشق ليست جاهزة للحلول السياسية حتى الآن.

وحول سبب عدم التنسيق مع  التحالف الدولي بشأن الهجمات التركية على المنطقة, حيث أن التحالف يؤكد دائماً على شراكته مع قوات سوريا الديمقراطية والتنسيق العسكري لمحاربة تنظيم داعش, أوضح مظلوم عبدي بالقول:

دور ومهام قوات التحالف الدولي في سوريا واضح، وهو مكافحة تنظيم داعش, فنحن والتحالف الدولي نقوم بعمليات مشتركة فقط لمكافحة الإرهاب في سوريا وهدفنا المشترك إلحاق الهزيمة النهائية بهذا التنظيم, ولكن لطالما عرقل التصعيد التركي ضد مناطقنا هذه الجهود المشتركة, وسعينا دائماً لحلّ هذه المشاكل بالسبل والطرق السلمية, وهذا ما سعينا إليه عام 2019، عندما عملنا على تطبيق الآلية الأمنية على الحدود السورية – التركية لسدّ الحجج والذرائع التركية, ولكن جاء الردّ التركي بإعلان الحرب واحتلال المزيد من أراضينا, ولكن على الرغم من التصعيد التركي الحالي إلا أن التزامنا بحملة القضاء على تنظيم داعش ثابت، حيث نستمر بالعمل مع شركائنا في التحالف الدولي لتحقيق الأهداف المشتركة.

وحول إمكانية لعب واشنطن التي تقود هذا التحالف دور الوسيط بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا بهدف التوصل إلى حلّ نهائي لحماية أمن المنطقة, قال مظلوم عبدي:

نعم بكل تأكيد، ثقل واشنطن على الساحة الدولية يبقي على آمالنا في قدرتها على حلّ المشكلات بيننا وبين تركيا بالسبل الدبلوماسية, كنا ولا زلنا منفتحين على الحوار وتحقيق السلام، هذا موقف مبدئي بالنسبة لنا, فأمريكا تتميّز عن غيرها من الدول بأنها على علاقات أمنية وعسكرية معنا ضمن إطار الحملة الدولية للقضاء على تنظيم داعش، وأيضا تتميز بعلاقات أمنية وعسكرية مع تركيا ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو), وهذه الميزة تحديداً تؤهل الولايات المتحدة لأن تكون الدولة الأكثر تأثيراً وقدرةً على حل القضايا الإشكالية بيننا وبين تركيا وإيجاد الحلول لها.

زر الذهاب إلى الأعلى