مقالات

مصر التي تعمل بصمت في الأزمة السورية

عندما خرجت الجماهير الكردية في كافة مناطق تواجدها في سوريا على خلفية أحداث آذار2004 ,وبعد أن تأزمت الأوضاع واضطرب الشارع السوري. أتذكر وقتها الزيارة المفاجئة للرئيس المصري السابق حسني مبارك لسوريا , في محاولة منه لتهدئة الأوضاع والإحاطة بالأزمة وربما نجح مبارك وقتها فيما سعى إليه .

وقتها كانت القاهرة قد قرأت المشهد بواقعية شديدة وتعاطت مع الحدث بقدر وافر من الرؤية العملية ,وفتحت خطوطاً على دوائر متناقضة حتى اقتربت من المفاتيح الرئيسية لها. في كل ملف من الملفات التي انخرطت القاهرة فيها كان هناك حرص شديد منها على أن تسير بخطوط  متوازية ويتم القبول بالحل الذي تطرحه.

مع دخول الأزمة السورية عامها الثامن يلاحظ أن هناك تفهماً إقليمياً ودولياً بأن حل الأزمة السورية ممكن جداً, ولن يكون الحل إلا سياسياً, أن أسس السلام في سوريا يجب أن تستند إلى الحوار الذي يشمل الجميع ,وعلى الجميع البحث في ترتيبات لإعادة إحياء مفاوضات الحل السياسي بعد اقتناع الاطراف السورية بذلك .

فهل حان الوقت لتتحرك الدبلوماسية المصرية تجاه الأزمة السورية؟

وهل ستنجح القاهرة في مسعاها كما نجحت في سابقاتها؟

التشابك الكبير في التوجهات جعلت القاهرة تضاعف من حضورها الإقليمي لتعويض فترة الارتباك التي سادت فيها في السنوات الأخيرة ,لذلك تحاول القاهرة مجدداً احتلال مرتبة متقدمة  من خلال التأثير في غالبية التحركات السياسية والأمنية في الفترة الحالية لاستعادة دورها الإقليمي والدولي.

معطيات كثيرة مختلفة تراكمت فرضت على القاهرة الدخول في الأزمة السورية, وعدم التفريط في المشروع الديمقراطي الذي تم تطبيقه في شمال وشمال شرق سوريا .والوجود الكردي النشط في القاهرة أحدى هذه المعطيات.

فاليوم هناك جولات مكوكية مصرية واتصالات من عدة جهات لتدخل القاهرة من جديد على الخط ,وتلعب دوراً وسيطاً بين الأطراف السورية, وتتسلل القاهرة بصمت في التسوية السياسية بشكل يلبي طموحات جميع السوريين ,من خلال إقناع القوى الفاعلة بأن مفتاح التسوية يحتاج إلى ترتيبات على مستويات عدة تسير وفقاً لخطوط متوازية غير متلاقية.

يتداول الحديث عن قيام القاهرة بتشكيل وفد رفيع المستوى للتوجه إلى سوريا لبحث فرص الحل السياسي وايجاد سبل لوقف التصعيد العسكري في سوريا في ظل تلويح الأتراك بعملية عسكرية. إذا تأكد هذا الخبر سنلاحظ ان هذا الوفد سيكون له أهدف محددة تتعلق بإقناع الاطراف السورية وخاصة الحكومة السورية إلى استكمال مشاريع التكامل الديمقراطي ,والتعاطي مع المشروع الديمقراطي المطبق في الشمال السوري بشيء من الجدية والشفافية .

محصلة الكلام أن الجانب المصري من جانبه يحاول كسب ود جميع الاطراف الإقليمية والدولية ويحاول البدء من سوريا, وخاصة أن تركيا بدأت تهددها مستغلة الفجوات الكثيرة فيها, إلى جانب أن الملف الكردي ورقة مهمة يمكن لمصر أن يلعب بها في علاقته الجديدة مع سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى