حواراتمانشيت

مسلم: لا نتطلع إلى الانفصال وإرادتنا ليست مرهونة عند أحد

مؤخراً جرى لقاء جَمَعَ بعض الأحزاب المرخصة من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية وأحزاب المعارضة الداخلية القاطنة في مناطق النظام, وذلك في مقر حزب الاتحاد الديمقراطي PYD  في مدينة قامشلو, وضجت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والعالمية بهذا اللقاء, وخرجت بتفسيرات عديدة له, حتى أن البعض فسر ذلك بتواصل شبه رسمي بين النظام والإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا, والتمهيد للمفاوضات السياسية المباشرة بين الطرفين.

فماذا حصل خلال هذا اللقاء, وحول ماذا دارت النقاشات, وهل تمخض عن أية نتائج؟

حول هذا اللقاء وبعض الجوانب السياسية الأخرى التقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع (صالح مسلم) الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الدبلوماسية للحزب, والذي كان طرفاً في هذا اللقاء.

بدايةً ولتصحيح اللغط حول اللقاء وما يمثله كل طرف تحدث صالح مسلم قائلاً:

الذين حضروا هذا اللقاء يمثلون أحزابهم وليس الإدارة الذاتية وأنا كنت من   ضمنهم, وكذلك من التقيناهم أيضاً يمثلون أحزابهم وليس النظام, ولكن كلمتنا مسموعة لدى الإدارة الذاتية وربما تكون كلمتهم أيضاً مسموعة لدى النظام في دمشق, وهم أكدوا بأنهم ليسوا مرسلين من قبل النظام وإنما هذا اللقاء هو مبادرة من قبلهم من أجل محاولة تقريب وجهات النظر, وقد تحادثنا على مدى ساعات.

 اللقاء يأتي ضمن سلسلة الحوار (السوري – السوري)

وعن مخرجات هذا اللقاء وهل تمخضت عنه أية نتائج أوضح مسلم بالقول:

نحن لا نتوقع نتائج ملموسة فوراً, ولكن نعتقد أن هذه اللقاءات تأتي ضمن سلسلة الحوار (السوري – السوري), ونحن في السابق عقدنا اجتماعات مطولة وكونفرانسات موسعة, وانضم إليها المئات, وانعقدت في الطبقة وعين عيسى وكوباني, وهذه الحوارات بين الأحزاب السياسية تأتي ضمن هذا الإطار, وللتعريف بالإدارة الذاتية الديمقراطية وما نتطلع إليه, وكذلك لإعادة النظر بالقضية السورية من زوايا مختلفة, وللتباحث في هذه الأمور,  ونتائجها تكون على أساس الذهنيات التي تتبدل, وهي تتطلب وقتاً وأمداً طويلاً ونقاشاً أكثر, وهذه اللقاءات ستستمر وتدوم بحسب ما نعرفه وهم رحبوا بذلك, وحاولنا تصحيح بعض المفاهيم والاتهامات التي كانت موجهة إلى الإدارة الذاتية بأنها وأحزابها انفصالية يتلقون الأوامر من الآخرين, فنحن لا نتطلع إلى الانفصال عن سوريا وإرادتنا ليست مرهونة عند أي أحد, لا أمريكا ولا غيرها, ونتعامل مع كل القوى السياسية الموجودة في المنطقة والعالم على أساس مصالح شعبنا ومكوناته, وتعاوننا مع التحالف الدولي في سبيل القضاء على تنظيم داعش, وكان ذلك بمبادرة من التحالف نفسه, ولم نرهن إرادتنا للأمريكيين والتحالف وغيرهم في أي يوم من الأيام, وكذلك لن نرهن إرادتنا للنظام ما لم نتوافق على شكل معين لتواجد النظام في هذه المناطق.

وبالنسبة لإمكانية أن تُعتبر هكذا لقاءات بوادر لبدء المفاوضات السياسية وحوار مع النظام السوري, قال مسلم:

هذا هو الحل الوحيد وليس هناك سبيل آخر, ولكن هل سيأتون إلى جادة الصواب في القريب العاجل أم سيتأخرون؟

هذا متعلقٌ بهم, ونحن نأمل أن يحدث ذلك بسرعة وبأقرب وقت, وخاصةً في هذه الظروف التي تشهد احتلالاً تركيّاً لشمال سوريا ومخططاتٍ تُنفذ, فإذا لم نقم نحن السوريون بلم شملنا داخل البيت الواحد سيصعب علينا التصدي لهذه الاعتداءات والمخططات الغريبة عن سوريا.

الإدارة الذاتية الديمقراطية بمفاهيمها ومبادئها هي طريق الحل الأمثل لسوريا في المستقبل

وعن رؤيته لمستقبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وسوريا عامة, وإمكانية انفراج الأزمة السورية قريباً, قال مسلم:

أعتقد أن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية هو الحل الوحيد للأزمة السورية, ويجب أن يشمل سوريا كلها, وهناك الآن بعض الهواجس والشكوك حول هذا المشروع, ولكن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية, والقضية الكردية ستحل ضمن هذه الديمقراطية, فالقضية الكردية هي أحد جوانب الديمقراطية وإذا وفرت الديمقراطية وشعر المواطن الكردي والمكونات الأخرى بمطلق الحرية والانتماء إلى هذه الأرض أعتقد لن تكون هناك أية مشكلة, والمستقبل السوري هو بانتشار المفاهيم والمبادئ التي قامت عليها الإدارة  الذاتية وأن تشمل جميع أنحاء سوريا, فكما نعلم المكونات الموجودة ضمن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا تعيش بحرية وأمان وديمقراطية, ولكن هناك مكونات سورية أخرى بعيدة عن هذا الوضع وهي بحاجة إلى ما تطرحه الإدارة الذاتية في غرب سوريا وجنوبها ووسطها, لأن المشاكل مازالت قائمة هناك, ولذلك نحن نعتقد بأن الإدارة الذاتية الديمقراطية بمفاهيمها ومبادئها هي طريق الحل الأمثل لسوريا في المستقبل, وهذا ما سيكون عليه, ونحن لن نحيد عن هذه المبادئ التي تأسست عليها الإدارة الذاتية الديمقراطية.

ليست هناك أية  بوادر للاستقرار القريب في سوريا

وبالنسبة لسوريا عامة أوضح مسلم بأن الاستقرار ما زال بعيد المنال, وقال:

لا زالت هناك بعض القوى والأطراف السورية رهنت إرادتها للآخرين, وليست حرةً في اتخاذ القرارات, وعندما تتلقى الأوامر تنفذها أو على الأقل لا تتم استشارتها فيما إذا كانت راضية عنها أو لا, وتضع مصالح الآخرين فوق مصالحها, وبالتالي ما دامت هذه الفئات موجودة ضمن سوريا فلن يكون هناك حل, وسيصعب الوصول إلى الاستقرار في سوريا وهذه هي قناعتنا, وفي الآفاق نحن لا نجد أية بوادر للاستقرار رغم أننا نأمل في ذلك.

نقدِّر الجهود الروسية التي تبذل من أجل تقريب وجهات النظر

وعن الدور الروسي ومدى إيجابيته أو سلبيته بالنسبة للإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا ومستقبلها, بيّن مسلم بالقول:

روسيا تسعى لمصالحها وهذا سبب تواجدها, فعندما جاءت إلى سوريا سنة 2015 تدخلت من أجل مصالحها, وهي ترى أن مصالحها تتطلب منها عدم استعداء الكرد وعدم استعداء الإدارة الذاتية الديمقراطية, وهي من أجل تحقيق مصالحها تسعى لنوع من التفاهم بين النظام السوري والإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا, ونحن نقدر هذه الجهود التي تُبذل من أجل تقريب وجهات النظر, ولكن هذا لا يعني بأن روسيا تخدمنا أو تخدم النظام بحسن نيَّة, فهي تعتمد على مصالحها ونحن نجد مصلحتنا في التعاون مع روسيا في هذه الفترة الفاصلة لأجل تقريب وجهات النظر, ونحن لا نعترض على المصالح المشتركة للشعب السوري وروسيا وحتى لمكونات شمال وشرق سوريا, وستكون هناك مصالح مشتركة لا شك بذلك, ولكن نحن نتطلع إلى الأمثل بأن لا يكون هناك استغلال لطرف على حساب الطرف الآخر سواء الآن أو في المستقبل, ولهذا نحن ننظر إلى روسيا على أنها يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً إذا رغبت بذلك, ونرحب بهذه الجهود, والإدارة الذاتية أعربت عن رؤيتها بأنها ترى في روسيا الضامن لتقريب وجهات النظر بينها وبين النظام بحسب الوعود الروسية, وهذا مرحّب به إذا استمرت روسيا بجهودها.

أستانا كانت فخاً للمعارضة السورية وهي وقعت فيه

وبالنسبة لانطلاق جولة جديدة من اجتماعات آستانا وتحت مسمى جديد(نور سلطان), وما يمكن أن تتمخض عنه من مخططات على حساب الشعب السوري, قال صالح مسلم:

اجتماعات أستانا كانت منذ البداية التفافاً على القرارات الدولية من قبل الضامنين الثلاثة الفاعلين في سوريا (روسيا وتركيا وإيران), وهي لا تنطلق من الإرادة السورية, وإنما لأجل تقاسم النفوذ, والتنسيق بين الأطراف الثلاث لأجل قضايا معينة, والروس هم الذين بدأوا بهذه المبادرة, واستطاعوا جمع الإرهابيين في إدلب, والآن ربما يتطلعون إلى كيفية القضاء على هؤلاء الإرهابيين, ونحن لا نأمل الكثير من الأطراف الثلاث, لأن هذه الدول هي بعيدة عن التوافق في المصالح فيما بينها, وأستانا بحسب اعتقادي كانت فخاً للمعارضة السورية وهي وقعت فيه, والآن تسعى الأطراف الثلاث إلى إنهاء هذه المعارضة.

كما نوَّه مسلم إلى أن اجتماعات أستانا يمكن أن تكون مفيدةً للشعب السوري إذا حسنت النوايا والتصرف, والمساعدة في حلول للقضاء على التنظيمات الإرهابية مثل جبهة النصرة وغيرها, ولكن هي بعيدة عن إرادة الشعب السوري إلى الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى