تقاريرمانشيت

مخططات التهجير سياسة تفضي إلى التقسيم

يعمـل النظـام التركي والمجموعات المرتزقة وبضوء أخضر من القوى الدولية ( روسيا والولايات المتحدة الأمريكية) وبموافقة ضمنية من الأمم المتحدة بشكل متسارع علـى تنفيـذ سياسـة ممنهجـة للتهجيـر القسـري والتغيير الديموغرافي على طول الحدود الشمالية من سوريا وذلك باسـتخدام عـدد مـن الوسـائل منـذ عـام 2011 م وحتـى الآن.

وتشـارك مجموعة من القوى المحلية المسمى بالائتلاف وجناحها العسكري المرتبط بتركيا وقطر علـى وجـه الخصـوص بـدورٍ رئيـسي فـي هـذا المخطـط الذي يهدف إلى تتريك الشمال السوري وإبادة الشعب الكردي من على أرضه، وعبر أكثر المجموعات العروبية  الاسلاموية المتطرفة، كمـا تسـاهم مجموعة من رجال الاعمال تجار الأزمات والحروب المقيمين في كنف النظام التركي على تقديم الدعم المالي لعمليـات شـراء الأراضـي والعقـارات وعمليات الاستلاء، وعلى غرار النظام السوري الذي عمل على هذه السياسية في العديد من المناطق الداخلية والساحلية من سوريا ( دمشق ، حلب، حماة، درعا …) فقد وسع نظام أردوغان من نطاق سياسته هذه ليقيم فيها كيانات متطرفة موالية له على غرار الحزام العربي الذي فرضه السلطة القومية البعثية المتطرفة في الستينات، واليوم يستكمل النظام الفاشي التركي باحتلاله لمناطق شمال شرق سوريا منطقة تلو الأخرى هذه السياسة ولكن بطريقته الخاصة تلك الطريقة التي عرف بها أجداده العثمانيين قبل قرون خلت.

بداية التغيير الديموغرافي الذي مارسه النظام التركي في سوريا كانت منـذ بدايات الثورة وحتى قبلها بدعمه لسياسات النظام السوري بطريقة أو بأخرى، لكن بعد أن اشتعلت الأزمة في سوريا وانقلاب النظام التركي على صديقه السوري بـدأت عملية التغيير في التركيبة السكانية للمدن السـورية الشمالية التي يقطنها أكبر تنوع سكاني في سوريا والتي مثلت الوجه الحقيق لسوريا من ناحية التنوع العرقي والديني، وبدأ التغييـر تدريجيا على الصعيد السياسي وذلك من خلال فتح تركيا أبوابها أمام مئات الالاف من السوريين  هذه الابواب التي فتحت والتعاطف الذي أظهره أردوغان لم يكن من أجل استقبال السوريين بل كانت سياسة من أردوغان وحزبه ليكون هؤلاء اللاجئين ورقة رئيسية لممارسة أكثر أشكال السياسة قذارة كما نراها اليوم وليكون اللاجئين السوريين في تركيا أداة من الأدوات الاستعمارية والابتزازية ووسيلة من وسائل التهجير الممنهج، ولا ننسى دور الاطراف السورية التي ساهمت إلى جانب النظام التركي في الترويج لهذه السياسة ومن بين تلك الاطراف الائتلاف أو ما سمي بالمجلس الوطني السوري ومن ضمنهم المجلس الوطني “الكردي” الذين روجوا لسياسة الهجرة من سوريا خاصة بالنسبة لأبناء الشمال السوري، وهذه حقيقة مبرهنة كما احتلال جرابلس وعفرين ورأس العين.

بالطبع تلك السياسة مارسها الانظمة الاستبدادية المتعاقبة في تركيا بحق الشعب الكردي في داخل تركيا نفسها حيث اضطر مئات الآلاف لا بل الملايين من الكرد إلى ترك قراهم ومدنهم ومزارعهم في جنوب تركيا والاناضول و الهجرة إلى اسطنبول والمدن التركية في الشمال وبعضهم هاجروا إلى خارج تركيا هرباً من ظلم آلة الظلم والاستبداد التركية وشواهد هذه السياسة  لا زالت قائمة وهي في تجديد وتصعيد مستمر.

بلا أدنى شك هذه السياسة التي نراها اليوم وهذا العداء المباشر للكرد عموماً  ولكرد شمال سوريا خصوصاً دليل على وجـود خطـة ممنهجـة لتغييـر الواقـع الديموغرافـي فـي شمال سوريا وهذا الأمر ذاته بالنسبة للنظام السوري فالمطَّلع على الخريطة السكانية السورية يستنتج النهج الذي تتخذ الأنظمة السلطوية القومومية التي ترتعب من كلمة الديمقراطية وكلمة الشعوب وبشكلٍ خاصة لو دلت هذه الكلمة على الشعب الكردي وعلى المشروع الديمقراطي الذي قدمه الكرد إلى جانب بقية المكونات خلال هذه الأزمة.

  حتى الغريب عن سوريا وعن الشعب السوري بات يدرك هدف النظام التركي ومجموعاته المرتزقة ومن قبلهم المجموعات الإرهابية الكبرى (النصرة وداعش) لمناطق شمال سوريا ومحاولاتهم في السيطرة على الشمال برمته فكيان الارهاب الذي سعى إلى تأسيسه أردوغان في الشمال كان الهدف منه إبادة الكرد، وما مجازر تل حاصل وتل عرن واستماتة داعش والنصرة في السيطرة على رأس العين وتل أبيض وكوباني والحسكة وتل تمر إلا دليل على الرغبة الجامحة المتغطرسة لأردوغان ومجموعاته في احتلال الشمال السوري اليوم بعد أن فشلت أدواته في تنفيذ سياساته.

 واليوم  وبعد أن احتل الجيش التركي والعصابات الارهابية المرتزقة الرديفة عفرين ورأس العين وتل أبيض، هناك أكثر من 600 ألف مهجر من أبناء هذه المناطق ناهيك عن المجازر وجرائم الاعتقال والتصفية والنهب والاغتصاب إضافة إلى سلسة من السياسات العدائية والتعسفية والتي من خلالها يعمل النظام التركي على تغيير الواقع والتركيبة الاجتماعية في الشمال بشكلٍ خاص وفي عموم سوريا، وكما يبدو فأن أردوغان نجح في سياساته القذرة في العديد من المناطق التي احتلها والتي تعد من أكثر المناطق خطورة على حياة المدنيين في الوقت الراهن، ولا شك فأن مثل هذه السياسات هي مشاريع تقسيم تهدد وحدة سوريا أرضاً وشعباً والكرد على وجه الخصوص، خاصة وإن هناك توافق روسي تركي أمريكي إيراني على مثل هذه المشاريع والتي تخدم في النهاية هذه الأطراف التي تتغذى على الصراع والحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى