الأخبارمانشيت

محمد عباس: عفرين عملية مقايضة بين المتحكمين بالأزمة السورية

سكرتير حزب التّجمع الوطني الكردستاني محمد عباس في لقاء مع صحيفة الاتحاد الديمقراطي أكد أن احتلال عفرين خسارةٌ جاءت نتيجة المقايضات بين الدّول المتحكّمة بالأزمة السّوريّة.

الإجرام صفةٌ تركيّةٌ موروثةٌ

شرع محمد عباس في حديثه معرباً عن سعادته بالتحاور مع صحيفة الاتحاد الديمقراطي لإيصال صوت حزبه إلى الشعب، فقال: “الموضوع الأهم حاليّاً على السّاحة السّوريّة والشّرق أوسطيّة والعالم هو موضوع عفرين, فتركيا في هجومها على عفرين داست على جميع القيم الإنسانيّة والأعراف الدّوليّة واغتصبت سيادة الدّولة السّوريّة, وتميز هجومها بارتكاب أبشع المجازر بحقّ شعب عفرين من قتلٍ للأطفال والنّساء والشّيوخ, وتدميرٍ ممنهجٍ لبيوت المدنيّين مستخدمةً جميع أنواع الأسلحة الحديثة, وأسباب هذا الاحتلال بعكس ادّعاءات اردوغان تتجلّى في ما يلي:

من يقرأ تاريخ الأتراك الّذي يُعتبر قصيراً يجد أن حب الاحتلال صفةٌ موروثةٌ لديهم, فالأتراك قبل أن يهاجروا إلى منطقة الأناضول عندما كانوا في موطنهم الأصلي (آسيا الوسطى) كانوا متناحرين مع أبناء عمومتهم التّتار والمغول, وارتكبوا الفظائع بحقّ بعضهم, ونتيجة هذه الحروب والتّناحر هرب الأتراك من آسيا الوسطى ليستقرّوا في منطقة الأناضول. وتابع: “الإجرام  صفةٌ طبيعيّةٌ لدى الأتراك, فقد احتلّ العثمانيّون الأراضي العربيّة 400 سنةً, وخلال هذا الاحتلال ارتكبوا بحقّ العرب أبشع الجّرائم, وابتكروا طرقاً للتعذيب وانتزعوا من العرب الخلافة الإسلاميّة واستبدلوها بالسّلاطين, كما نقلوا عاصمة الخلافة الإسلاميّة إلى آستانا, وبذلك أدّعوا أنّهم هم أصحاب الإسلام, وعن طريق هذا الادّعاء حكموا الشّعوب العربيّة واستبدّوها ونهبوا خيراتها وارتكبوا أبشع الجّرائم بحقّ من لا يؤيّدها, والخازوق أكبر مثالٍ على ذلك.

الكرد هم العدو التّاريخي للأتراك

أكمل محمد عباس حديثه قائلاً: “من سوء حظّنا نحن الكرد جيرانٌ لهكذا دولة إجراميّة, كما أنّها تحتلّ أحد أجزاء كردستان, وعبر تاريخ الأتراك وحتّى اليوم يقومون بقمع الحركات الكرديّة ويعاملون الكرد على أنّهم عبيد, واليوم التّاريخ يعيد نفسه, فأردوغان جمع مرتزقة داعش والنّصرة و المجرمين تحت مسمّى الجيش الحر, ووجّههم إلى عفرين لاحتلالها, وهذه إحدى صور الجّيش الانكشاري الّذي أسّسه العثمانيّون واستخدموه في احتلال العالم, فقد كانوا يأسرون الأطفال في غزواتهم ويدرّبونهم ويجعلونهم نواةً لجيشهم الانكشاري, تماماً كما (أشبال الخلافة) لدى تنظيم داعش.

كما أنّ بعضاً من العرب السّوريين ممن يحقدون على الكرد التفّوا حول أردوغان مرسّخين فكرة أنّ الكرد ملحدون وانفصاليّون, في وقت ندعو فيه نحن الكرد إلى أخوّة الشّعوب والتّعايش المشترك, ألا يتذكّر هؤلاء العرب وقوفنا معهم في خندقٍ واحدٍ أثناء محاربة الاستعمار العثماني والاستعمار الفرنسي؟

لماذا ينكرون حقيقة أنّنا سوريّون مثلهم؟

إنّهم لا يقبلون بوجودنا, والدّليل على ذلك أنّ كلّ من يدّعي أنّه معارضة سوريّة بارك الهجوم على عفرين, وفرح لرؤية أطفالها ونسائها يُقتلون, إنّهم ليسوا معارضةً بل هم مجرمون مبدؤهم هو السّرقة والنّهب والقتل وإلغاء الآخر, وهم يبيعون أوطانهم في سبيل المال, فمن باع فلسطين هم نفسهم من يحاولون بيع عفرين, وللأسف هناك كردٌ بينهم.

الرأسماليّة هي الّتي تتحكّم بالعالم

محمد عباس أفاد بأن أطماع أردوغان الاستعماريّة تتعدّى عفرين إلى كلّ الشّمال السّوري, ولو وجد قوّةً تردعه لما تجرّأ على ذلك, فالأمم المتّحدة فقدت مصداقيّتها, وقراراتها يتحكّم بها الأقوى, وحلف النّاتو هو حلفٌ رأسماليٌّ مبدؤه هو الاحتلال والأطماع والمصالح, وما خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي إلّا لتستعيد أمجادها الامبراطوريّة بمعزل عن غيرها من دول الاتّحاد, لأنّها ترى أنّها دولة عظمى تتشارك مع دولٍ أضعف منها, لذلك تحاول أن تغرّد خارج السّرب, وذلك بعد تفكّك الاتّحاد السّوفييتي صارت الرأسماليّة هي الّتي تتحكّم بالعالم وبمصير الشّعوب على مبدأ القطب الواحد, ولو كان هناك قطبان في العالم لما ظُلمت الشّعوب, يتجلّى مبدأ القطب الواحد في إبرام دولٍ قويّة صفقاتٍ على حساب شعوبٍ ضعيفةٍ.

دون حلّ القضيّة الكرديّة لن يكون هناك استقرارٌ في المنطقة

وعن خلافات الدّول المحتلة لأجزاء كردستان الأربعة واتّفاقاتها أوضح محمد عباس: “أثبت التّاريخ أن الدّول المحتلّة لأجزاء كردستان الأربعة هي دائماً متناحرةٌ وتعادي بعضها, ولكنّها تتّفق في عداء الكرد فقط, وتعمل على القضاء على أيّة محاولةٍ كرديّةٍ لتحصيل الحقوق, وكذلك تبيّن للكرد على مرّ التّاريخ أنّه لا يوجد أصدقاء لهم في العالم, بل صديقهم وحليفهم الوحيد هو سلاحهم وجبالهم, وإيمانهم بفلسفة القائد عبد الله أوجلان وثقتهم بمقاتليهم.

وقال محمد عباس: نؤكّد للجّميع بأنّنا سنستعيد عفرين لأنّها أرضنا ولأنّنا أصحاب حقّ, وخسارتنا لها في هذه المرحلة كانت نتيجة المقايضات بين الدّول المتحكّمة بالأزمة السّوريّة, فهناك حديثٌ عن مقايضة تركيا للواء الاسكندرون وانطاكية مقابل الشّمال السّوري, وذلك استكمالاً للإقليم العلوي, وكلّها مفاوضاتٌ من تحت الطّاولة, ولكن المشاريع الدّوليّة ليست ثابتةً وإنّما متحرّكة كأحجار الشّطرنج, لذلك نحن متأكدون بأنّ القضيّة الكرديّة سوف تُحلّ مهما طال الزّمان, لأنّه دون حلّها لن يكون هناك استقرارٌ في الشّرق الأوسط, وبعد أن يُعتمد النّظام الفيدرالي في سوريا, سيأتي الدّور على تركيا وإيران لتغيير أنظمة الحكم فيها, ومهما طال أمد الصّراعات والحروب في المنطقة, سيأتي وقتٌ تحتاج فيه الشّعوب إلى الاستقرار بعد أن استُنزفت كلّ طاقاتها, وسيتم إنشاء تحالفاتٍ جديدةٍ بين الدّول.

نحن أصحاب حقٍّ لذلك سنحصّله

عباس أضاف: “تلقّينا ضربةً موجعةً في عفرين، ومن أحداث عفرين يجب أن نستخلص أنّنا ككرد يجب أن نكون رقماً صعباً في الشّرق الأوسط, ودون حلٍّ لقضيّتنا لن يكون هناك استقرارٌ في المنطقة.

نحن نعيش على أراضينا ونطالب بحقوقنا من مغتصبيها, ولنا كلّ الحقّ في ذلك ومهما طال الزّمان سنحصّلها, وقوّتنا تكمن في حلّ الخلافات السّياسيّة فيما بيننا وفي أجزاء كردستان الأربعة, ونتحمل المسؤوليّة تّجاه شعبنا لكي يثق بنا, ونحن نحاول الآن عقد المؤتمر الوطني الكردستاني بعد أن اجتزنا المراحل التّشاوريّة في مدينة السّليمانيّة, وعازمون من خلال هذا المؤتمر أن نصل إلى قراراتٍ حاسمةٍ تدفع بالقضيّة الكرديّة نحو الحلّ, دون الاعتماد على أحد, فروحاني لا يريد مصلحتنا وأردوغان هو عدوّنا الأوّل, والعبادي يعمل ضدّنا.

عفرين مقابل الغوطة

أمّا الحكومة السّوريّة وبعد أن طهّرنا الشّمال السّوري كاملاً من الإرهاب وحافظنا عليه من الأطماع التّركيّة لم تقدّم لنا أيّة مساعدةٍ أو عونٍ أثناء الهجوم التّركي على عفرين, ولكي تُظهر للعالم أنّها لم تبع عفرين لأردوغان, أرسلت لنا بعض الفصائل المأجورة الّتي أثّرت سلباً على مجريات المعركة, وأسهمت في نجاح المخطط التّركي, حيث تقدّم الاحتلال والمرتزقة صوب مدينة عفرين من المناطق الّتي تمركزوا فيها.

وتابع محمد عباس: أمّا الائتلاف السّوري المعارض فهو عبارةٌ عن مجموعة من المرتزقة, وعناصر مخابراتيّة تابعة للنّظام السّوري, وإذا محّصنا في تاريخهم نجد أن كلّهم كانوا ضبّاط ومسؤولين في النّظام, ومعظمهم عملاء لتركيا أيضاً, ونقول لمن يتصوّر أن هناك عداءٌ بين النّظام السّوري والنّظام التّركي أنّك مخطئ, فما احتلال عفرين إلّا نتيجةٌ للاتّفاقيّات الّتي بينهما, فعفرين كانت مقابل الغوطة, وتحت رعايةٍ روسيّةٍ إيرانيّةٍ.

واختتم محمد عباس حديثه بالقول:

المطلوب منّا في هذه المرحلة أن نكون ككردٍ موحّدين سياسيّاً, وأن يكون قرارنا قراراً واحداً يخدم شعبنا, ومع قدوم عيد النوروز يجب أن نحتفل به, فلا يمكن أن تدمع عيوننا قهراً وحزناً دائماً, بل يحقّ لنا أن نفرح أيضاً لنستجمع قوانا ونتغلب على هذه المصائب.

زر الذهاب إلى الأعلى