الأخبارالعالممانشيت

محلل سياسي: الحرائق أحرجت أردوغان وكشفت أن العظمة التي يتباهى بها ليست سوى فقاعة

ينتقد الأتراك حكومة بلادهم حيال طريقة تعاملها مع النيران التي دمّرت أكثر من 100 ألف هكتار من الأراضي حتى الساعة، إلا ان السلطات قابلت تلك الانتقادات بدعاوى قضائية بذريعة إهانة الدولة ورئيسها أردوغان.  

هذا وتحرّك القضاء التركي مع النيابة العامة والأجهزة الأمنية لإسكات انتقادات المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تم اتهامها من قبل السلطات على أنها “إثارة للقلق والهلع بين السكان وإهانة الحكومة التركية”، حيث باشر المدعي العام في أنقرة بتحقيقات حيال تغريدات نشرها الأتراك تحت هاشتاغ #ساعدوا_تركيا على موقع “تويتر مما أثار غضب أردوغان شخصياً.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن ما أثار غضب أردوغان يكمن في تطرّق عدد من المغردين الأتراك لمسألة امتلاكه قصراً صيفياً مكوناً من 300 غرفة في بلدة مرماريس التي تضررت بشدة من الحرائق الأخيرة، وأسطول رئاسي مكوّن من 13 طائرة، في حين ليس لدى بلاده طائرة واحدة لإخماد النيران التي اندلعت في مساحات شاسعة من غاباتها في مناطق تطل على بحر إيجه وعلى البحر الأبيض المتوسط.

ولم تتوقف محاولات الحكومة التركية لإسكات الأصوات الناقدة والمعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي وحدها، فقد أصدر المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي المعروف اختصاراً بـ RTÜK والذي ينظم عمل وسائل الإعلام المحلية، إنذاراً بتغريم المحطات التلفزيونية التي تواصل بث الصور الحية للحرائق ونشر أخبارٍ “تثير خوف السكان وتقلقهم”.

وبهذا الصدد، قال سركيس قصارجيان، الباحث والمحلل السياسي المختص بالشؤون التركية، في حديث مع “العربية.نت”:

إن “إنذار المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي وملاحقة المدونين من قبل القضاء، تمّ بعد تغريدةٍ لمسؤول التواصل في الرئاسة التركية والتي اعتبر فيها أن كل من يطالب بمساعدات أجنبية يخون بلاده، كما اتهمهم بتشجيع احتلالها”.

ولفت قصارجيان إلى أن “تلك التغريدة كشفت تناقض الخطاب التركي، فالحملات الانتخابية لأردوغان كانت تستند إلى شعارات من قبيل “طائراتنا الخاصة في أجوائنا” و”سنخترع مركبة فضائية”، لكن في الواقع ليس لدى أنقرة طائرة إطفاء واحدة، في حين لدى أردوغان 13 طائرة ولدى بلاده قواعد عسكرية في الخارج، وهذا يتناقض مع مكانة تركيا التي يتحدث عنها أردوغان”.

وتابع: أن “عظمة تركيا التي يتباهى بها رئيسها لم تكن في النهاية سوى فقاعة، فالسلطة الحاكمة لم تخطط إلا للأمور العسكرية وعرض قوتها في الخارج بدلاً من تأمين معدات إطفاء تجنباً للحرائق، خاصة أن تركيا معروفة بكثافة غاباتها، وبالتالي الحرائق الأخيرة أحرجت الحزب الحاكم لا سيما أن المعارضة انتقدت بشدّة تعامل السلطات مع هذه الأزمة بعدما امتدت النيران للقرى وسقط نتيجتها عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى”.

وأضاف: “كثيرون فرّوا من بيوتهم بسبب النيران التي اندلعت في أماكن قريبة منهم، وعوضاً عن تقديم الحلول، لجأت أنقرة لإسكات الأصوات الناقدة لطريقة مواجهتها للحرائق، فهي تؤثر على شعبية الحزب الحاكم. ولذلك طلبت من الهيئات القضائية ملاحقة وسائل الإعلام والعاملين فيها، وقد باشر القضاء بالفعل برفع دعاوى بحق أشخاص انتقدوا غياب وسائل إطفاء النيران. والرئيس التركي سافر الشهر الماضي برفقة سبع طائرات إلى قبرص في استعراض أمام اليونان، لكن لدى الأخيرة 17 طائرة لإخماد النيران، بينما لا تملك تركيا أي طائرة من هذا النوع”.

ومن الجدير بالذكر؛ أن الحرائق تستمر في عدد من غابات تركيا بمناطق تقع جنوب وجنوب غربي البلاد منذ 28 يوليو الماضي. واتهم أكبر حزبين معارضين لأردوغان، وهما “الشعب الجمهوري” و”الشعوب الديمقراطي”، الحكومة بـ “الفشل” في التعامل مع أزمة الحرائق التي أضرت بمناطقٍ زراعية وأخرى سياحية.

وتلقت تركيا المساعدة في إطفاء النيران من عدد من الدول بينها روسيا وإيران وأوكرانيا وإسبانيا وأذربيجان.

وتعد هذه الحرائق، الأضخم من نوعها التي يواجهها الحزب الحاكم منذ وصوله إلى السلطة في تركيا قبل 19 عاماً، وقد اتهم معارضيه بمحاولة “استغلالها” سياسياً.

زر الذهاب إلى الأعلى