حواراتمانشيت

مجلس المرأة هوية مصقولة بالعمل والكفاح

تتميز المرأة بخصوصيات وخصال تخولها لدخول أي مجال والنجاح فيه وإتقانه، إلى جانب أنها مُسيرة من قبل عاطفتها إلا أنها تُحكِّم عقلها أيضاً، ودائماً ما تكون القرارات الناتجة عن عاطفة وتفكير المرأة صائبة، هي تلم بالتفاصيل وتلج جميع الأصعدة وتجد حلولاً لمختلف العقبات، وهي أيضاً ترزح تحت وطأة الحياة وضغوطات المجتمعات إلا أن لها دائماً منفذٌ يتجه بها نحو بر الأمان، وبعد انطلاقة ثورة روج آفا انخرطت المرأة وبقوة في مختلف المجالات، وحققت ما لم يكن متوقعاً، فاجأت العالم برغم ما تعرضت له من ضغط وانتقادات من محيطها، تابعت مسيرتها واستطاعت أن تثبت نفسها وبجدارة، وكانت المرأة الكردية طليعية في ذلك، حيث انضمت للمجال السياسي وكافحت واستطاعت الإبداع في السياسة المجتمعية، التي تتخذ المجتمع أساساً في كل فعل ورد فعل.

ولأن حزب الاتحاد الديمقراطي هو الحزب الأقرب إلى السياسة المجتمعية ويطبقها على الأرض بجل مبادئها ونظرياتها، ويحصد النتائج منها، التقينا الناطقة باسم مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي سيلفان علي وحاورناها؛ لمعرفة ماهية هذا المجلس وكيف يجعل السياسة المجتمعية جزءاً من نضاله.

نقدم لكم قرَّاءنا الأعزاء نص الحوار، والبداية من:

– مضى عام 2019 بما حمله من منجزات واحتلالات، كيف تقيمون الوضع العام عموماً، وكيف مضى على حزب الاتحاد الديمقراطي ومجلس المرأة؟

إن عام 2019 مضى مليئاً بالأحداث والتغييرات، سواءً أكان على المستوى السياسي والاتفاقيات الجارية بين الدول والأقطاب الموجودة أو على مستوى تهديدات الدولة التركية واحتلالها لبعض المناطق في شمال وشرق سوريا، لقد كان عام 2018 و2019 عام الاحتلال بالنسبة لشمال وشرق سوريا وروج آفا، حيث احتل الأتراك مقاطعة عفرين في 2018 وأجروا فيها تغييراً ديمغرافياً من خلال تهجير سكانها الأصليين وتوطين وإسكان آخرين بدلاً عنهم، وسرقة آثارها التاريخية من قبل المرتزقة المحتلين، بالإضافة إلى قطع الأشجار التي يعود عمر البعض منها إلى 200- 300 سنة، أي أشجار لها عمق تاريخي على يد المرتزقة التابعين لتركيا، وبنفس الوقت يتم إجبار الأهالي على تعلم اللغة التركية، ولم يكتفِ الاحتلال التركي بممارساته التعسفية والوحشية واللاأخلاقية واللاقانونية في عفرين فاحتل سري كانيه وكري سبي، ويقوم بذات الشي في المدينتين حيث تم جلب مستوطنين من مناطق أخرى وإسكانهم بدلاً من السكان الأصليين، ونهبوا وسرقوا المدينتين أيضاً وقاموا بتعذيب الأهالي بشكل منهجي ومنظم، كما يروجون بأن المدينتين يسودهما الأمان والاستقرار كي يعود الأهالي إليها فيتعرضون للتعذيب والقتل والاغتصاب.

إن الدولة التركية تقوم بكل هذه الممارسات أمام أعين العالم أجمع، والكل يصدق الكذبة التركية ولا يدلون بأي موقف حيال ما ترتكبه، يعني أن الدولة التركية عندما تتحجج بأن أمنها القومي في خطر لذلك تتدخل  في الشأن السوري وتحتل المناطق الحدودية من سوريا على مرأى من العالم وكأن الأخير لا يرى حقيقة الكذبة التركية، وكأن الرأي العام العالمي يصدق بالفعل الأكاذيب أو أنه يرغب في أن تكون هذه الكذبة حقيقة.

الحجج والأكاذيب التي تروجها تركيا وأردغان لا تقتصر على شمال وشرق سوريا فقط إنما بعض الدول الأخرى مثل ليبيا ومسألة البحر الأبيض المتوسط ودول البلطيق، دائماً الدولة التركية عندما تحاول القيام بعمل ما بالبداية تضع الحجج وتلفق الأكاذيب ومن ثم تحاول تمريرها لتحقيق الأهداف التي تصبو إليها وذلك من خلال السيناريوهات التي تضعها.

حيث أن مسألة التنقيب عن الغاز من قبل الدولة التركية في البحر الأبيض بالرغم من أنها تتعارض مع مصالح قبرص، اليونان، فرنسا وبعض الدول الأخرى، لكن رغم ذلك ليس هناك إجراءات للحد من التنقيب التركي، وحتى عندما فُرِضتْ العقوبات الاقتصادية على ايران الحكومة التركية دعمتها تجارياً كي لا تتأثر الأولى بهذه العقوبات، رغم ذلك القوى العالمية بقيت ساكتة حيالها، وأمام أنظار العالم تقوم بإرسال المرتزقة من المناطق المحتلة كعفرين وسري كانيه إلى ليبيا وتتدخل في شؤونها الداخلية وكأنها مكلفة بإعطاء التصريحات بدل من الدول المعنية ذاتها، وتحدد لهم ما سيقومون به وهذا يدل على أن اردوغان يستهتر بعقول العالم ويستهين بها، ويرى نفسه ذكياً وعاقلاً لكنه في الحقيقة مصاب بمرض النرجسية ويعيش أحلاماً بأنه السلطان العثماني يحاول التقليد في الواقع عن زمن ولى عهده، لكن الغريب في الأمر أن  الجميع يدرك موقف أردوغان ومقارباته لكنهم يغضون النظر عنه للمصالح السياسية والاقتصادية وأهدافهم الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

ومن جهة أخرى تم اتفاق ضمني بين أمريكا وروسيا على الدوريات المشتركة وتواجد القوتين في المنطقة ومن جهة أخرى الاتفاق التركي – الروسي- الايراني، وبالرغم من تواجد هذه القوى جميعها إلا أنهم لا يتعرضون لسياسات ومخططات بعضهم البعض، أما بالنسبة إلى ايران برغم من خلافها الطائفي والمذهبي أي الشيعي وهدفها في إنشاء هلال شيعي مقابل الهلال السني التي ترغب الحكومة التركية إنشاءه وتناقضاتهم لكن يتحالفون ويتفقون على مصالحهم المشتركة ضمن الشرق الأوسط، لكن التحالف الدولي برئاسة أمريكا غير راضٍ عن هذا التحالف ما بين الدولتين لذا يهدف إلى إضعافه بفرض الحصار والتهديد فمقتل قاسم سليماني كان تهديداً صريحاً لإيران في قطع علاقتها ودعمها بحزب الله وإضعاف نفوذها في لبنان وسوريا بإخراج قواتها من المنطقة وإجبارها على تقديم التنازلات وبالفعل لم تقم ايران برد الفعل أو الانتقام لمقتل سليماني لأنها تعرف العواقب التي ستواجه إيران. طبعاً الطائرة الأوكرانية لم تكن انتقاماً بل التخلص من قاداتها العسكرية على متن الطائرة، واستهداف بعض المواقع التابعة لإيران في بعض المناطق السورية مرتبط بهذه السياسة، لكن بالرغم من أنها تعلم المخططات الجارية ضدها إلا أنها تحاول التمسك بالاتفاق التركي الروسي والاستمرار ضمن هذا التحالف لربما يكون منقذاً لها، ولأن الجانبان الأمريكي والروسي لم يصلا إلى أي حلول بصدد حل الأزمة السورية، تم تحويل الدور لمنصة القاهرة مرة أخرى، لجمع الأطراف للحوار والوصول إلى بعض الحلول.

أما على الصعيد الكردستاني، منذ فترة طويلة هناك مساعي للوحدة الكردية، وفي الآونة الأخيرة قام مظلوم عبدي بمبادرة لرص الصف الكردي، لكن الدولة التركية جرّت المجلس الوطني إلى اسطنبول لتنسف هذه المبادرة. إلا أننا ما زلنا مصرين ونتطلع إلى الوحدة الكردية لأنه أمر مهم ومصيري بالنسبة إلى الأجزاء الأربعة لكردستان وبالأخص القضية في روجآفايي كردستان.

– ما أبرز المحطات التي مر بها مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي منذ تأسيسه في تموز 2018 وإلى اللحظة؟

منذ تأسيس مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي تم العمل على ترسيخ النظام الخاص بالمرأة وتفعيل دورها من الناحية السياسية والدبلوماسية وإبراز لون المرأة ضمن جميع الفعاليات، وتم التأكيد على أن المرأة رائدة في جميع الأمور الحياتية وبإمكانها تطبيع المرحلة بمواقفها وإرادتها ونظامها الخاص. وعلى الرغم من المدة القصيرة لتأسيس مجلس المرأة إلا إنه عمل على ترسيخ هيكليته التنظيمية ضمن الحزب من الأدنى إلى الأعلى واستطاع الوصول إلى شريحة واسعة من النساء وانضمامهن إلى الحزب من مختلف المكونات وخاصة المكون العربي وتبوأ مسؤوليات قيادية ضمن مجلس المرأة.

– وما هي أبرز المعوقات التي اعترضته؟

إن بعض النقص في عدم الوصول إلى البرنامج والمخطط الذي كان من المزمع تطبيقه منذ تشكل مجلس المرأة، مثل الوصول إلى المنظمات النسائية أو المؤسسات المعنية بحقوق المرأة عالمياً، كان هذا أبرز ما لم يحققه مجلس المرأة، أما أبرز المعوقات هو أن المجتمع ما زال يعاني من الذهنية التسلطية والفارق بين الجنسين مما يعيق انضمام المرأة بشكل فعال إلى التنظيم والسياسة، كما يعيق وصولها إلى ما نهدف إليه في خلق امرأة بإمكانها تمثيل ذاتها سياسياً وفكرياً وتجسيد شخصية المرأة القوية القادرة على كسر الذهنية الذكورية المتجذرة منذ عقود طويلة ضمن المجتمع، وتحقيق مجتمع متكافئ وديمقراطي.

– هل يعاني مجلس المرأة في الـ PYD من الذهنية الكلاسيكية أو الذكورية التي توجد في كل مكان من المعمورة؟

بالطبع، هناك تأثير الذهنية الذكورية إلى جانب الصراع في إثبات الذات، ومثلما قلنا أن هذه الذهنية متجذرة ضمن المجتمع، وأعتقد أن السبب يعود إلى مسألة الوعي لدى شعوب الشرق الأوسط وعدم إدراك المرأة لماهيتها وذاتها الحقيقية في أنها متساوية مع الرجل وقادرة على لعب دورها الفعال ضمن المجتمع مثله تماماً، ومن جانب آخر هناك عدد لا بأس به من النساء اللواتي يحاولن بأن يكون لهن دور وتأثير على المجتمع، لكن يواجهن الصعوبات أمام الذهنية التي ذكرناها، ويدخلن ضمن صراع إن كان مع العائلة أو المحيط الذي تعيش فيه، من عادات وتقاليد وتعاني من عدة ضغوطات حتى تتمكن من كسر القيود الموجودة حولها. وإبراز طاقاتها وتسخيرها في تحقيق أهدافها وطموحاتها وإثبات ذاتها. بالكفاح الذي تم خوضه، نلاحظ بأن هناك انفتاح نوعاً ما لكن ليس بالمستوى المطلوب.

– كيف يبدو لكم نضال المرأة في شمال وشرق سوريا، وسوريا عموماً؟

منذ بداية الثورة وحتى الآن دائماً وأبداً نقول بأن الثورة هي ثورة المرأة نظراً لدورها الريادي ومشاركتها الفعالة ثقافياً عسكرياً سياسياً، ويعود السبب إلى الأرضية التي استطاعت بناء تنظيمها الخاص عليه، ونرى بأن هناك فرق بين وضع المرأة في شمال وشرق سوريا مع المناطق الأخرى في سوريا بشكل عام، حيث ما زالت المرأة في تلك المناطق تعيش حالة من الانغلاق والتبعية للعادات والتقاليد التي تؤثر على جوهرها وشخصيتها، مما يجعلها في المرتبة بعد الرجل، ولأن بعض المناطق من سوريا تخضع لسيطرة الفصائل المتطرفة التي تنظر للمرأة بعين الجارية، الأمر الذي يحول دون تطورها بل انكماشها على نفسها، وبقائها دون دور يذكر في المجتمع ناهيك عن التخلف واللاإدراك لذاتها

– ما الاستراتيجية التي تريدون اعتمادها في 2020 لنضالكم في مجلس المرأة في حزب الاتحاد الديمقراطي على الصعيدين الكردي والسوري؟

نسعى إلى توسيع مجلس المرأة، ولأن 2019 كانت تجربة سنعمل بناءً عليها على تطوير نضالنا عبر عقد مؤتمرنا الثاني والوصول إلى برنامج وأهداف أوسع وأشمل، لتتمكن المرأة من لعب دورها الأساسي والرئيسي في صنع القرار إن كان خاصاً بالمرأة أو بالمجتمع ككل.

والعمل على تطبيق البرامج التي لم نتمكن من إنجازها، كخلق نساء مختصات في مجال السياسة والسياسة المجتمعية على الصعيدين الكردي والسوري، والتوجه نحو جعل السياسة الديمقراطية راسخةً في كل بيت كردي وسوري.

كما نسعى إلى دعم المؤتمر الوطني الكردستاني والنضال من أجل عقد مؤتمر وطني لنساء كردستان في الأجزاء الأربعة لتوحيد كلمتهن ونضالهن.

– كلمة أخيرة تودون توجيهها عبر صحيفة الاتحاد الديمقراطي.

نعيش مرحلة مصيرية وحساسة، حيث أن جميع الاتفاقيات والسياسات التي تتم في سوريا يكون لها انعكاس سلبي على المرأة، لذا علينا تضافر جهودنا كنساء والعمل لتقوية وترسيخ تنظيم أقوى من ذي قبل كي لا نكون ضحية للاتفاقيات والمؤامرات الدولية، كما علينا التحلي بالشخصية القادرة على أخذ القرار وحرة في أفكارها وإرادتها، لنتوجه معاً نحو وطنٍ حرٍ وديمقراطي.

إعداد: سيدار رمو

زر الذهاب إلى الأعلى