مقالات

مجزرة جنديرس ولعبة تحريف الانتفاضة

جواهر عثمان

جنديرس وديموغرافيتها والسوسيولوجية المجتمعية التي تفرض نفسها، بل نستطيع القول بأنها كانت تتميز بأسلوب حياة مميزة عن باقي المناطق  العفرينية وحتى الكردية، وتنوعها الثقافي والديني او المذهبي كان دافعاٍ لخلق انفتاح وتقدم في التواصل بين الثقافات وقبولها لبعضها البعض مثل باقي المناطق الكردستانية، وبحكم  مرورها بالكثير من الحضارات وكون ميزوبوتاميا كانت لها الفضل بانبثاق هذه الحضارات، وقابلة بحكم جغرافيتها واستراتيجية موقعها أن تحضن هذا الاختلاف، وخاصة في العهد الذي سبق الحضارات الرأسمالية حيث لم يكن الاختلاف سبباً وجيهاً للخلاف. كان هناك قبولاً واضحاً بدليل أنه كان أحد الاسباب الرئيسية في استمرار  هذه الثقافات واللغات والقوميات لذلك كانت جندريس حتى الماضي القريب هي النسخة المصغرة من هذه التكوينة، ولكن هناك من مدَّ يده اليها وأراد أن يغير الكثير من معالمها والأصول الثقافية ولغتها وكسر ارادة الشعوب التي تسكنها ليُسكن فيها شعب آخر من أقاصي سوريا وحتى من خارجها، وهذا ما ادعته تلك السياسات وتلك المجموعات المسلحة والتي بدأت بانتهاكات جسيمة حالما احتلت مناطق عفرين وجندريس على وجه الخصوص… وعملت على تغيير المعالم الطبيعية وبدأوا بقطع الآلاف من اشجار الزيتون وغيرها وحرق مساحات واسعة بحجج واهية ليس لها أي مبرر والمسميات ورؤسائها  اللاوطني والشرقية والعمشات …كل هذه المسميات في مضمونها لم تختلف عن بعضها حيث الهدف بل كانت الاساليب حقيرة ولا إنسانية بين هذا الفصيل وذاك من القتل والتشريد وإخراج المدنيين من منازلهم  ليسيطروا عليها و”التعفيش” وأخذ الممتلكات وسجن النساء واغتصابهن وحتى اختفاء الكثيرين في معتقلات

ما يسمى (الجيش الحر) وتحت انظار ــ الذين يسمون أنفسهم سياسيين بل بالحقيقة هم تجار حروب بامتيازــ الأتلاف اللاوطني حيث لم ينجزوا شيئاً لوطنيتهم بل وضعوا سيادة الوطن تحت أقدام الانجاس من الأتراك …وأصبحت مناطقنا التي احتلوها بقيادة الفاشي أردوغان، اصبحت أوكارا للإرهابيين ومعسكرات لتدريبهم… وفي أعياد نوروز وأمام انظار عصابة الأنكسة التي تدعي الكردايتي، وقعت المجزرة بوضح النهار ودون اي شعور منهم بحمل المسؤولية لِمَا يحدث يومياً فقط المهم لهم تعبئة جيوبهم والثمن دماء الشعب الكردي. لم يشفِ غليلهم الزلزال المدمر، ولا انتهاكاتهم فبدأوا بصنع مجازر وقتل المدنيين. وتعتبر الأنكسة ورؤساء عصابتها المسؤولين الأساسيين أمام هذه المجازر والأساليب اللاأخلاقية. وهذا الحال لن يستمر طويلا، وهذا الضغط من الطبيعي سيولد انفجارا كبيرا… وعندما انتفض الشعب، ولم يعد يتحمل هذه الجرائم البشعة وخرج للشوارع لإخراج المسلحين وعصابات اردوغان، جاء من يسمون أنفسهم قادة الانكسة وغيرهم من القذرين الذين انفضحوا على مواقع التواصل الاجتماعي بصور بشعة لا تليق حتى بأعمارهم…ليحرفوا مسار الانتفاضة الشعبية في جندريس وغيرها من مناطق عفرين تنديداً بممارسات المجرمين والقتلة… ثم يأتون ويريدون استلام زمام الأمور حتى يتاجروا بالقضية مرة أخرى ويبعدون الشعب عن مطالبهم بخروج تلك الفصائل والمرتزقة الأتراك، والخلاص من احتلالهم للأرض والعرض، ليحولوا الشعارات إلى شعار الأخوة الكردية العربية وتبدأ لعبة السياسة القذرة مرة أخرى وليُصمِتُوا الشعب ويغلقوا الطرق أمامه بالتهديد والاعتقال وإخفائهم.

وندرك تماماً ان كل هذه التوجيهات صادرة من الحكومة التركية التي تخاف من الانتفاضات الشعبية حيث ستسقط اقنعتهم الكاذبة وتفضح سياساتهم الفاشية للعالم ولأن لسان الشعوب وردّة فعلها مقابل تلك الانتهاكات المجحفة بحق البشرية هي ذاتها ستهزم تلك الانظمة الدكتاتورية وسياسات الهيمنة، وان ارادة الشعوب في تقرير مصيرها هو العامل الاساسي لإفشال وإسقاط تلك الانظمة وجحافل المرتزقة.

لذلك، نداؤنا إلى الشعب في عفرين وجندريس هو الحفاظ على مضمون وأهداف الانتفاضة الشعبية وأن يؤمنوا بالوعود ولا بالتصفيق من قبل ما يسمون أنفسهم أحزاب الأنكسة والائتلاف المرتزق، وأن يكون لديهم إصرار وتصميم على دحر هذه السياسات وتحرير أراضيهم من الأنجاس والخونة.

الشعوب كلها في شمال وشرق سوريا ستساند الانتفاضة الجريئة التي اشتعلت نارها في قلب أمهات الشهداء اللواتي خرجن تنديدا بالقهر والظلم وأبينَ أن يتكلمن إلا بلغتهن ليعبرن عن غيظهن وعدم قبولهن بقتل الابرياء والذنب كان أنهم كُرد ويريدون الاحتفال بعيديهم الوطني واشعال نار الحرية.

فلتتقد نار الحرية مرة أخرى في كردستان وليعيد التاريخ نفسه بهزم الدهاقين وذهنياتهم الإرهابية وسياساتهم اللاأخلاقية… فلن يموت حق وراءه مطالب، ونحن شعب لن نستسلم ولنا الحق بصنع تاريخنا وصنع مستقبلنا والحفاظ على مكتسباتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى