تقاريرمانشيت

مجتمع دولي أم “قطيع دولي” سائر خلف المصالح على حساب الأخلاق والضمير الانسانيين

تقديم وإعداد: حسين فقه

لا ريب أن الأدلة الدامغة والحقائق التي كشفتها الكثير من التقارير الدولية عن دعم تركيا ورئيسها أردوغان للجماعات الارهابية كداعش والقاعدة في كل من سوريا والعراق وشمال وجنوب أفريقيا باتت تعمي العيون بوضوحها وجرأتها، وقد يكون الصمت والتغاضي الدولي عن هذه الحقائق حتى الآن لحماية المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الغربية ( الأميركية و الأوروبية) مع تركيا، ولكن هل تبقى من تلك المصالح شيئ سيما وأن تركيا توجهت تماماً إلى روسيا عدوة الناتو بكل شيئ وعلى حساب شعوب المنطقة ومصالحها مع الغرب، وباتت تهدد أوروبا دائماً بأمواج اللاجئين والتي تمرر بينهم عناصرها الارهابية كخلايا نائمة في أوروبا لاستخدامهم متى ما شاءت كسيف مسلط على رقاب الغرب، وهنا نتوجه للغرب والولايات المتحدة وأوروبا والناتو بل والعالم بالسؤال هل لا زلتم تعتبرون تركيا خليفاً يمكنكم الوثوق به؟، هل يتستمرون في التغاضي عن جرائم تركيا وأردوغان ودعمها للارهاب في العالم؟، وهل ستبقون صامتين عن غزو تركيا لجيرانها والتوسع على حسابهم واجراء التغيير الديمغرافي للشمال السوري كعفرين والآن سري كانية (رأس العين) و كري سبي ( تل أبيض)؟وهل سيصيبكم الخرس للمرة الألف تجاه المذبحة المعلنة بحق الكرد؟ أسئلة كثيرة برسم المجتمع الدولي اذا ما جاز الاستمرار بتسميته مجتمعاً، أم سنثبت تسميته بـ “القطيع الدولي” السائر وراء المصالح الاقتصادية على حساب الأخلاق والضمير الانسانيين ؟
وهذا تقرير من مجلة “ناشيونال إنترست” National Interest الأميركية يضع الولايات المتحدة أمام نفس التساؤلات تقريباً.

مجلة أميركية: تركيا ليست حليفة لأميركا ولا يمكن الوثوق بها.. وهذه هي الأسباب

في تقرير لها قالت مجلة “ناشيونال إنترست” National Interest الأميركية إن تركيا بقيادة أوردوغان ليست حليفة لأميركا ولا يمكن الوثوق بها، وساقت المجلة العديد من الأدلة على دعمها للإرهاب، أبرزها الدعم الضخم المقدم لـ “داعش” وتهريب الأسلحة لبوكو حرام عبر الخطوط التركية ودعم القاعدة في مالي ومساعدة إيران على التهرب من العقوبات الدولية.
وتفصيلاً قالت المجلة في تقريرها، في 22 أكتوبر، أدلى المبعوث الأميركي الخاص جيم جيفري بشهادته في الكونغرس لمناقشة قرار إدارة ترمب بالتخلي عن دعم الكرد السوريين، حيث واجه انتقادات حادة من الديمقراطيين والجمهوريين لسياسة جيفري ونتائجها الكارثية على الكرد.
وعندما تحدث إلى الصحافيين في ديسمبر الماضي، قال جيفري إن التعاون الأميركي مع الكرد كان تكتيكياً ومؤقتاً، ولكن كانت العلاقات الثنائية مع تركيا مهمة. وأضاف: “نريد أن نتعاون مع تركيا في جميع المجالات فيما يتعلق بالأزمة السورية”. هذا هو المنطق الذي تبناه مؤيدو ترمب في مجتمع السياسة الخارجية.
ويستدرك التقرير: هناك مشكلة أساسية في هذه الحجة. ربما كانت تركيا ذات يوم حليفاً وشريكاً مهماً، ولكن إذا اعتقد جيفري ومؤيدو استراتيجية ترمب أن تركيا حليفة فإن هذه الكلمة بكل بساطة ليس لها معنى على الإطلاق.
في الحقيقة، تقول تركيا إنها تتصرف للدفاع عن نفسها من الإرهاب، لكن ما يقوله المسؤولون الأتراك لنظرائهم الأميركيين شيء، وما يقولونه للمتطرفين الإقليميين هو شيء آخر.
وبينما كانت القوات التركية تتدفق عبر الحدود في غزوها العسكري الأخير، كتب أردوغان باللغة العربية على حسابه في تويتر قائلاً: “أقبل جبهات جميع أبطال الجيش المحمدي” الذين يدخلون سوريا! هذا ليس بيانًا نموذجيًا لكنه لم يكن وحده لقد قال وزير الداخلية التركي سليمان سويلو لـ CNN Türk إن تركيا “ستبرم صفقة مع داعش”.
ويضيف التقرير، لقد كان السبب الوحيد الذي جعل الولايات المتحدة تتحالف مع الكرد السوريين في المقام الأول هو وجود أدلة دامغة على أن تركيا كانت أكثر سلبية في مكافحة الإرهاب، بل كانت داعمة لتنظيم “داعش”.
لقد أظهرت رسائل “ويكيليكس” أن بيرات البيرك صهر أردوغان كان وزير الطاقة في ذلك الوقت قد بذل جهودًا قوية للتجارة النفطية مع “داعش”.
أكثر من ذلك، وتحديدا في معركة كوباني فقد دعمت تركيا مقاتلي “داعش” في محاولة منها للتغلب على المدافعين الكرد، كما كانت هجمات “داعش” تنطلق من الجانب التركي من الحدود. وأظهرت جوازات السفر وبطاقات الهوية التي تم الحصول عليها من مقاتلي “داعش” أنهم قدموا من الأراضي التركية بشكل علني، فقد كان يوجد لـ”داعش” سفير فعلي في تركيا للاتصال والتنسيق مع أجهزة المخابرات التركية. وقامت تركيا بدمج المحاربين السابقين في “داعش” في الجيش السوري الحر.

تركيا تتوسع

وتثير أعمال تركيا السابقة في سوريا مخاوف جدية بشأن التزامها بالسلامة الإقليمية لجارتها. ففي 20 يناير/كانون الثاني 2018، دخلت القوات التركية منطقة عفرين شمال غرب سوريا، وكانت من المفترض أن تكافح الإرهاب بدلا من ذلك أجبروا عشرات الآلاف من الكرد والمسيحيين على الفرار.
وكان على من بقوا إلغاء بطاقات هوياتهم السورية واستبدالها بالبطاقات التركية.
ويقول الكرد إن النساء لا يمكنهن الحصول على بطاقة هوية إلا إذا كن يرتدين غطاء رأس (الحجاب).
وقامت تركيا بدمج الخرائط التي تظهر على البرامج التلفزيونية التركية شمال سوريا (وأجزاء من العراق واليونان وبلغاريا وأرمينيا) في الخريطة التركية.
وفتحت تركيا في بلدة جرابلس السورية الشمالية مكتباً بريدياً مدنياً رفع فوقه العلم التركي.

التطهير العرقي

لقد كان العنصر الأكثر مأساوية في الغزو التركي على الرغم من تأكيدات ترمب، هو التأثير على الحرية الدينية والسكان المدنيين المحليين. ومن بين الأهداف الأولى للغزو التركي هو أكبر حي مسيحي في مدينة رأس العين، حيث أشعلت القوات المدعومة تركياً النيران في المنازل وقتلت العديد من المدنيين على الرغم من عدم وجود مواقع عسكرية كردية واضحة في المنطقة.
كما هاجمت تركيا عامودا، وهي واحدة من المدن القليلة في سوريا التي يقطنها يهود. لم يكن هذا مفاجئاً: فمنذ بدء الهجوم التركي فر أكثر من 100 ألف من منازلهم. ويعتقد العديد من الخبراء أن هذا الرقم سوف يرتفع.
ويضيف التقرير، لا ينبغي أن يفاجأ أحد بتصرفات تركيا في شمال سوريا. بالنسبة لجميع السلطات التركية التي تتحدث عن الجماعات الإرهابية الكردية في شمال سوريا، فإنهم ومؤيديهم لم يتمكنوا من إثبات أي هجمات حديثة مخطط لها أو نفذت من البلدات والقرى الكردية التي يقصفونها الآن.
ويضيف التقرير، لا ينبغي أن يفاجئنا السلوك التركي لأنه قد شوهد من قبل. ففي عام 1974 غزت تركيا قبرص، ظاهريًا لحماية الأقلية التركية في الجزيرة من الطغمة العسكرية اليونانية، وبعد مرور 45 عامًا لا تستمر تركيا في احتلال الثلث الشمالي من البلاد فحسب، بل تسعى الآن إلى استخراج الغاز من مياهها الإقليمية. وعندما أثار الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون اعتراضات على سلوك تركيا قبالة قبرص، هدد إيجيمان باشيس – أحد كبار المستشارين لـ أردوغان – باستخدام القوات البحرية التركية ضد سفن التنقيب الأميركية عن الغاز العاملة بموجب عقد قبرصي قائلاً “هذا هو ما لدينا، لقد قمنا بتدريب مشاة البحرية لهذا الغرض؛ قمنا بتجهيز البحرية لهذا الغرض. جميع الخيارات مطروحة إنه يمكننا القيام بأي شيء”.
لقد ازدادت تركيا عدوانية، وأصبحت قبرص ربما أخطر نقطة في أوروبا بسبب السلوك التركي. أما بالنسبة إلى باشيس مستشار أوردغان، فقد كافأه أردوغان بتعيينه سفيراً في جمهورية التشيك.
وتابع التقرير، لا ينبغي أن نعتبر وقوف تركيا إلى جانب المتطرفين العنيفين ضد العلمانيين والديمقراطيين مفاجأة.

تركيا وإفريقيا

عين أردوغان أحمد كافاش، وهو أستاذ في الشريعة ليكون سفيراً لتركيا في تشاد وبصفته أحد المنتسبين للقاعدة، التي اجتاحت مالي في عام 2013، مما أثار تدخلًا فرنسيًا، قام كافاش بالتغريد بأن تنظيم القاعدة لم يكن في الواقع جماعة إرهابية ولا يمكن مقارنته بالجماعات الإرهابية الأخرى.
وفي الواقع، عندما يتعلق الأمر بالإرهاب، فإن أردوغان على خلاف دائم مع الدول الغربية. وقبل شهرين من جريمة بوكو حرام التي روعت العالم من خلال اختطاف 300 فتاة من إحدى المدارس النيجيرية، كشفت الأشرطة المسربة عن محادثة بين مصطفى فارانك مستشار أردوغان، ومحمد كاراتس، السكرتير الخاص للمدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية التركية، قائلا إنه لم يشعر بالراحة في شحن الأسلحة إلى نيجيريا لأنه لم يكن واضحاً ما إذا كانت تلك الأسلحة “تقتل المسلمين أو المسيحيين” حيث تفيد المحادثات أَن تركيا استخدمت الخطوط الجوية التركية لنقل أسلحة إلى نيجيريا.

تركيا وإيران ونهاية التحالف

ويؤكد التقرير أنه لا يمكن نسيان جهود أردوغان لمساعدة إيران على تخطي العقوبات الدولية، وتحول أردوغان الدبلوماسي والعسكري نحو روسيا.
ويختتم التقرير: لقد دافع ترمب عن الضوء الأخضر لغزو تركيا لشمال سوريا من خلال التأكيد على أهمية تركيا كحليف. وفي الحقيقة لقد حان الوقت للانضمام إلى إجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري النادر بشكل متزايد في الكونغرس للتساؤل عما إذا كانت تركيا حليفة وهي تقوم بدعم الإرهاب، فكيف ستكون أفعالها مختلفة إذا كانت خصماً؟.

زر الذهاب إلى الأعلى