الأخبارالعالممانشيت

مايكل روبن: الصِّدام مع تركيا أصبح حتمياً

(مايكل روبن)هو باحث مقيم في معهد أمريكان إنتربرايز (AEI) ومحاضر كبير في كلية الدراسات العليا البحرية, شغل منصب مسؤول في وزارة الدفاع, وتعامل مع قضايا الشرق الأوسط.

استغرب الباحث والمسؤول السابق بوزارة الدفاع الأمريكية (مايكل روبن) في مقالة كتبها على موقع THE NATIONAL INTERESTالأمريكي من المواقف الغربية والأمريكية الهزيلة إزاء الاعتداءات التركية العدوانية على دول المنطقة, متسائلاً ما إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا على استعداد للوقوف وإنهاء تلك الطموحات قبل أن يضغط أردوغان على الزناد؟،

وتطرق مايكل في مقالته إلى الصراع بين تركيا واليونان حيث قال: في أواخر الشهر الماضي صار(مايك بومبيو) أول وزير خارجية أمريكي يزور اليونان مرتين, وقد كانت الأهداف الأولية لهاتين الزيارتين تهدف إلى وقف التصعيد بين تركيا واليونان، ولكن الواقع هو أن طرفاً واحداً فقط (تركيا)هو المسؤول عن تأجيج الصراع الذي يلوح في الأفق الآن.

 وأضاف في السياق: في الأشهر الماضية الأخيرة لم تكتفِ تركيا فقط بانتهاك المياه الدولية القبرصية (المنطقة الاقتصادية الحصرية المعترف بها دولياً) والمياه اليونانية، بل بحسب الأخبار الواردة فإن تركيا انتهكت المنطقة الاقتصادية الخاصة لإسرائيل أيضاً في البحر المتوسط, ورغم أن بعض المحللين يرون أن الرئيس التركي أردوغان قد يتراجع في مواجهة التعبئة الدبلوماسية والعسكرية تجاه مخططاته، فإن وجهة النظر الأكثر ترجيحاً هي أن أردوغان مصممٌ على المضي قُدُماً في تنفيذ مخططاته لأسباب أيديولوجية وشعبوية على حد سواء, وسيواصل استفزازاته حتى يتحصل على مكاسب كبيرة عبر تصعيد عسكري صغير.

ورأى في مقالته أن:

المشكلة ليست في قبرص فقط أو شرق البحر الأبيض المتوسط, فتركيا لديها قوات في سوريا والعراق، وقد تدخلت أيضاً في ليبيا، ومؤخراً في أذربيجان, ومما يثير القلق أن أسلوب العمل التركي الجديد هو استخدام الوكلاء السوريين (المرتزقة), والكثير منهم مقاتلون سابقون في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة, وتستخدم تركيا الآن ميليشياتها السورية بالطريقة التي تستخدم بها إيران حزب الله اللبناني أو الميليشيات الأفغانية والباكستانية وغيرها.

 وأضاف: إن قيام تركيا بإدخال مرتزقتها السوريين بسرعة كبيرة في صراعات مختلفة يشير إلى رغبة تركيا المتزامنة في توسيع تدخلاتها في الخارج وجهودها في الحفاظ على مصالحها, وبالإضافة إلى ذلك أصبحت تركيا مؤخراً أكثر عدوانية تجاه معارضي أردوغان في الخارج, ومن الأمثلة على ذلك قبل فترةٍ اعتقلت الشرطة النمساوية رجلاً من الاستخبارات التركية, وبالتحقيق معه أقرّ بأن جهاز المخابرات التركي(المِيت) أمره باغتيال عضوة سابقة في البرلمان النمساوي من أصل كردي.

وفي 25 أيلول هاجم ثلاثة أشخاص مجهولين في ستوكهولم بالسويد الصحفي التركي المعارض البارز(عبد الله بوزكورت)، وتقوم تركيا بشن هجمات على المعارضين بما في ذلك مَن هُم في واشنطن العاصمة الأمريكية, وتتنوع هذه الهجمات من اغتيال سياسيين أوروبيين أو مهاجمة صحفيين بارزين مثل (بوزكورت) وغير ذلك, وهذه الأفعال تشير إلى أن أردوغان يقوم بتصعيد عدوانه إلى مستويات جديدة.

 وعزى ذلك إلى أن: الرد الأمريكي والأوروبي على ممارسات أردوغان وحكومته خجول، وهو ما يشجع أردوغان على أفعاله وعدوانه.

وقال: المشكلة الرئيسية التي تواجهها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية هي مواقف حكومة ألمانيا, فأنجيلا ميركل مترددة في تطبيق عقوبات حقيقية على تركيا لأن حكومة بلادها تخشى من استخدام تركيا لورقة اللاجئين كغطاء لتصدير الإرهاب ونشر العنف داخل ألمانيا، أو قيام أردوغان  بتحريض المواطنين الألمان ذوي الأصول التركية (وهم كثر) على نشر الفوضى والعنف في ألمانيا, وكل ذلك يصب في مصلحة أشخاصٍ داخل وزارة الخارجية الأمريكية يسعون دوماً لتقويض الجهود الدولية لمحاسبة تركيا.

 فبدلاً من فرض عقوبات من جانب واحد على المسؤولين الأتراك والشركات المتواطئة في انتهاك المياه القبرصية أو اليونانية، يطالب دبلوماسيون أمريكيون بفرض عقوباتٍ على تركيا بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي مع علمهم بأن ألمانيا ستمنع تنفيذها بشكل فعال، وقد يتحدث وزير الخارجية الأمريكي (بومبيو) من الطابق السابع لمبنى وزارة الخارجية عن إجراءات قوية ستطال تركيا بسبب عدوانها الإقليمي على دول المنطقة، لكن من الناحية العملية فإن مكتبه للشؤون الأوروبية والآسيوية يزيل ببطء أية تكلفةٍ على تركيا, بحيث أن أردوغان يمضي وهو يعلم بأنه لن يواجه أي مقاومة لعدوانه.

 ونوه كاتب المقال إلى أن تركيا أصبحت مثل العراق في أوائل عام 1990, وأردوغان أصبح مثل صدام حسين، يرى اقتصاده ينهار ويدرك أنه لن يكون قادرًا على صرف اللوم عن سوء إدارته وخياراته, مثل صدام يرى أن الجيران يمتلكون موارد ثمينة, ويعتبر المجتمع الدولي نموراً من ورق.

ففي عام 1990 طلب صدام من السفيرة الأمريكية بالعراق(أبريل غلاسبي) المراوغة وغض الطرف عن طموحاته, والآن في عام 2020 يتعامل أردوغان مع مبعوث أمريكي ساذج بنفس القدر (جيمس جيفري).

 وأردف مايكل متسائلاً: يُظهر التصعيد التركي الأخير في المنطقة أن طموحات أردوغان خارجة عن السيطرة, والسؤال المطروح لواشنطن وبرلين وبروكسل هو ما إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا على استعداد للوقوف وإنهاء تلك الطموحات قبل أن يضغط أردوغان على الزناد؟

 أو ما إذا كانوا سينتظرون بدلاً من ذلك حتى يكون القرار أكثر تكلفة على الأتراك وجميع شرق البحر الأبيض المتوسط؟.

زر الذهاب إلى الأعلى