مقالات

ماذا عن سقوط سوريا الوشيك في عفرين؟

سيهانوك ديبو

يُحَدِّثُ التاريخ؛ تَحْدث الجلبة؛ بأن مستقبل الشعوب وتاريخها في الوقت آنه يدين لقرى ومدن معينة دونها الآخر. ومنْ عندِ تواريخ معينة حدثت في قرى ومدن معينة حصلت أمور وانتهت الأمور. فعلى عاتق مدن تُصْنع حقائق. وفي عُهدة مدن وقرى تسقط الحقائق. ماذا لو لم تكن واترلو؟ القرية القريبة من بروكسل التي ختمت أعظم انتصارات نابليون بونابرت بهزيمة مدويّة جرّدت هذا الامبراطور من سيفه منفياً إلى جزيرة سانت هيلينا. ماذا لو لم تكن ستالين غراد؟ أوَ لم تكن معهوداً إليها بداية نهاية النازيّة؟ هل كانت روسيا/ الاتحاد السوفييتي كلها موجودة فيما لو لم تكن ستالين غراد؟ من ستالين غراد بدأ الإمساك بنتيجة الحرب العالمية الثانية وبدأ إلى كفة التحالف الثلاثي يميل النصر/ السوفييت، أمريكا وبريطانيا. لكن ماذا لو لم تكن كوباني؟ ألَمْ يبدأ من عند مقاوميها انحسار أعتى تنظيم إرهابي في التاريخ. أرعب العالم. أدخل الخوف في قلب كل إنسان. لكن؛ من عند كوباني بدأت الحياة الآمنة تتأسس مرة أخرى. ومن عندها تشَكّل التحالف الدولي ضد الإرهاب. مازال مستمراً؛ لكنه مستمرأٌ اليوم أكثر في عفرين. ولا معنى ولا فائدة تُذكر من الاستمراء عند الانعطافات. إنما يَصِّبُ في خسرانها؛ بشكل إنْ بأخر.

بالرغم من قباحة الحرب؛ إلّا أن لها وجوه ووجوه. ولأننا سوريين، ولأن حرباً أهلية تحصل في سوريا؛ تحت غطائها مشاريع لهيمنات إقليمية ودولية. ولكل منها دوافع وخرائط وقع بها الاختيار والمرور في سوريا. ولأنها الحرب العالمية السورية الثالثة. فإنه غير مسموح لكل الجوار أن تستغل هذه الحرب بقضم/ احتلال مدينة أو قرية سوريّة وضمها إلى إحدى هذه (الجارات). فاسرائيل لا يمكن السماح لها أن تحتل السويداء؛ مثالاً. وأيضاً؛ وكما الحال في عدوان تركيا ومرتزقتها من إرهابيي هذه الأرض بمبغى احتلال عفرين. إنه سقوط سوريا في عفرين. الآلية/ مضاد الطيران السوري الذي أوقع الطائرة الاسرائيلية؛ مؤخراً؛ بإمكانه اسقاط /72/ طائرة تركية عثمانية تقتل وتفتك وفق برامج احتلال عفرين. إنها مسألة وطنية أعلى من النظام ومن المعارضة؛ هي آخر نقطة متبقية للنظام في دمشق؛ وفقها يسجل له بأنه وطني أو غير وطني. الوطنية المتعلقة بالسيادة ومنع الاحتلال الخارجي؛ وأيُّ احتلال؟ عثمانية تبغي من بعد عفرين؛ حلب وكافة الشمال السوري. لن ينتهي به الأمر في العراق والخليج. إنه ميثاق ملي يحفظه السلطان تحت مخدته؛ مثلما كان يحتفظ ستالين بكتاب الأمير تحت مخدته على سيره العسكري؛ الشيء الوحيد الذي امتلكه فقط طول بقائه زعيماً روسيّاً. ولكن السلطان العثماني الجديد اردوغان يحفظ عن ظهر قلب كل نقطة من حرف وردت في ميثاقهم الملي.

كي لا تسقط سوريا في عفرين

الحديث عن خذلان روسيا؛ أو غيرها؛ للكرد حديث أجوف. لا معنى له. يجب التخلص من هكذا ذهنية. وكبِّها في أقرب حاوية. فأصل الحديث هو أن المدن أو القرى وشعوبها التي لا تقاوم؛ فإن ما ينتظر هذه المدن وهذه القرى بأنها تتحول إلى مكبّات للغير الذي يحتلونها. يفصلنا 12 يوماً للذكرى السابعة لأعظم حراك ثوري سوري؛ لا يهم بأن أسوأ الأنظمة الاستبدادية تنتج أسوأ المعارضات. يهمنا أكثر في وجود الخط الثالث الذي استطاع أن يُفِلت نفسه بنفسه؛ عن هذين الخطين غير المنسجمين لحظة وإرادة شعب سوريا في التغيير الديمقراطي. ولأن قضية عفرين هي قضية وطنية سوريّة بامتياز فيجب أن يكون المتوقع انهيار القوقعات (انتماءات أولية لا دخل لنا ولا إرادة في تحديدها) وانهمار شعب سوريا إلى عفرين. يفصلنا 13 يوماً عن الذكرى الثلاثين لحلبجة المقصوفة قصفاً بغاز الخردل والسيانيد الساميّن؛ و18 يوم عن عيد النوروز؛ ولأن قضية عفرين هي قضية كردية وكردستانية فمن المتوقع أن نشهد زحفاً كردستانياً من عمومها إلى عفرين. شعوب تحمل في يدها غصن زيتون وتتوجه بصدور عارية لتحمي عفرين. كي لا تسقط سوريا ولا تسقط كردستان في عفرين. الكردي السوري في هولير/ أربيل وفي السليمانية وفي آمد وباتمان وكرمنشاه …. وفي عموم المدن والقرى؛ وهو يوجّه قلمه وحروفه وصوته كي لا يكون احتلال عثماني لعفرين؛ هو تصرّف أقرب إلى الرومانسية. احمل نفسك وقلمك وتوجه إلى عفرين فالكتابة تحت القصف أعظم الكتابات ومباركة مثل الزيتون؛ وترتقي كل مقالة إلى أن تكون قنبلة نووية في وجه العثمانية ووضع الحد من الكره العثماني التركياتي البغيض إلى أي وجود للكرد في كلّ هذه الحياة. الحديث أيضاً للكردي السوري الجالس في أوربا. لا معنى لبقائكم طالما هناك –ولو أدنى درجة- تشكيك في احتلال تركيا لعفرين وبالتالي عدم بقائها.

الشعب الكردي في سوريا وشمالها. وأيضاً الشعب السرياني الآشوري، وقبلهما الشعب العربي في شمال سوريا. وأنتم تذهبون إلى عفرين لا تفكروا بالرجوع حتى ترجع كل شبر من عفرين. ببساطة شديدة؛ في حال سقطت عفرين فإن كوباني تسقط والجزيرة والرقة ودير الزور. هذه هي المعادلة. أن نكون أو لا نكون.

لأن حديث التاريخ مستمر؛ سيحدِّث التاريخ أحفادنا وأحفادهم؛ بأن مقاومة عفرين كانت مقبرة للعثمانية المقيتة. وفشل من خلالها الامبراطور العثماني أردوغان وتم نفيه إلى جزيرة بعيدة. وخسر حزبه الانتخابات في تركيا والتي تلت بعد مقاومة عفرين. ولم تسقط سوريا في عفرين. والقضية الكردستانية وقضية الديمقراطية قوّيت حتى بات حلّهما مفتاح الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

فهل نمتلك كلنا إرادة العبور؟

زر الذهاب إلى الأعلى