مقالات

ماذا ستخسر المكونات السورية من التفاهمات الكردية؟

مصطفى عبدو

ما حدث من تفاهمات بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية, عبرت عن إرادة جماهيرية واعية, وأعادت الحركة الكردية إلى المسار الصحيح بعد سنوات صعبة وقاسية على جميع المستويات, وبعد ما شهدته الحركة الكردية السورية من تحديات أسهمت في تأزيم الأمور وسط تنافس عميق وعقيم في بعض الأحيان.

أولى الإشارات المبشرة من هذا البيان (الإعلان) أنه يعد عنواناً لبداية مرحلة مهمة يمكن أن توفر ضمانة كبيرة لتحولات سياسية مؤمل منها أن توفر ضمانات التحول السياسي وتروي عطش الجماهير التي صبرت على عذابات مرحلة مرهقة اتسمت بالتوتر وعدم الثقة بين الفرقاء السياسيين وشهدت تدخلات خارجية وصراعات بالنيابة جعلت روج آفا أرضاً خصبة للنزاعات والمغالبة السياسية.

بقي أن نقول هذه الخطوة تمثل الخيار الأصح والأصلح لهذه المرحلة، حيث يمثل اختيارها تلبية لرغبة الجماهير الذين يطالبون بالتقارب في وجهات النظر بين جميع الأطراف الكردية وهذا يعتبر بمثابة انتصار للجماهير وإرادتهم وتضحياتهم الكبيرة والمؤلمة التي حلمت دوماً بمستقبل مشرق آمن.

فماذا ستخسر المكونات السورية الأخرى من التفاهمات الكردية، وماذا تخسر (المعارضة) من هذا التفاهم والتقارب المعنوي ؟

إن اللواذ بالتخويف والترويع من التقارب الكردي ومحاولة بعض الراديكاليين والليبراليين الجدد وبعض فلول المعارضة (الأردوغانية) أمثال (سيجري) وغيره، لا يحمل أي بعد استراتيجي ويصب عاجلا أو آجلا في غير مصلحة المكونات السورية، بسعيهم إلى تعميق صولة الاستبداد الداخلي ودوام أيامه.

فالهدف المنتظر من الهزيمة أو الانتصار يبدو غائباً أو مشوهاً أو مائعاً عند هذه الأطراف، ولا يرقى التبرير والتفسير إلى مستوى البرهان والدليل, ويبقى رهين حسابات سياسية ضيقة تعتني بالمصالح أكثر من هموم الجماهير.

أن توظيف هذه الحجج تعاد في كل مقال وورقة وتصل إلى حدّ القرف، ولن ندخل حقيقة في هذا المد والجزر, بيد إن خطورة ما يلف في كتابات هؤلاء الجدد حول التخويف من التفاهمات الكردية، يظهر في خشيتهم المزعومة من الطائفية، وهم الذين يشعلون جذوتها بوعي أو بغير وعي وهكذا تتجلى دائماً ومجدداً غياب النظرة الاستراتيجية والبعيدة المدى في هذا الطرح وعند أصحابه، ويبقى حبيس تقييمات متواضعة ورؤى وتصورات لا تتجاوز أحيانا مشاغل يوم وليلة!

فلماذا لا ننظر إلى المسألة من جانب آخر .. لماذا لا نقول أن هذا التقارب الكردي هو بداية ولوج صحيح لاستيعاب جميع المكونات السورية والتقارب بينها ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى