مقالات

ماذا بعد انتهاء الموسم الزراعي الحالي؟

مصطفى عبدو

وأنا أتنقل بين الريف والمدينة منذ بداية موسم الحصاد وحتى الآن، لاحظت أن الحياة أصبحت أكثر قسوة وأكثر صعوبة.

فكم أحزنني الجفاف الذي هاجم المنطقة وكم آلمني عطش الأشجار و يبوسة الأعشاب والأزهار وكأن الصحراء باتت تحيط بنا من كل جهة ولم تعد  تنقصنا سوى الكثبان الرملية. فما أقسى رؤية الأرض يابسة ورؤية وجوه المزارعين كئيبة .

لفتني حديث القروي الذي أمضى عمره في الريف يمتهن الزراعة وتربية المواشي عندما قال إن أكثر ما يؤلمه ليس خسارته في جني المحصول بل رؤيته لهذه الأرض وهي جافة وهذه المواشي التي لا تجد ما تقتات بها.

من هنا تبدأ المأساة حيث يقع المزارع فريسةً الخوف و الذعر في غياب أي صمام للأمان. وكل ما أخشاه أن تصبح مناطقنا منسية تعيش على الهامش ويحيط الفقر بمن تبقَى من أبنائها الذين فقدوا الثقة والأمل من أن تكون السنوات المقبلة أفضل حالاً من السنوات الماضية.

المواطن المسكين الذي لا يكفيه نكبته بتنظيماته السياسية المتشرذمة وهدير النزاعات وشبح الحرب وحيتان الأزمات الذين ينقضون على كل شيء بشراهة يعيش الآن على المخاوف وهو موعود بمزيد من الجنازات وأمنه مهدد وحصوله على خبزه اليومي بات في غاية الصعوبة.

وبالرغم من تجاربنا مع هذا القطاع خاصة في السنوات الماضية بعد تردي الإنتاج الزراعي إلا أننا لم نضع هذا القطاع من ضمن الأولويات يوماً ولم نقدم له ما يحتاج من الدعم حتى اللحظة وما زال هذا القطاع يتطلب بذل المزيد من الجهود لاستغلاله بالشكل الأمثل.

القطاع الزراعي قطاع إستراتيجي وهو العمود الفقري لسكان المنطقة وحتى نستطيع الخروج من الموسم الزراعي القادم بإنتاج معافى وخال من المشاكل يجب العمل منذ الآن على دعم وتمويل وتوفير كل ما يلزم من أدوات ووسائل للزراعة وتوفير التمويل اللازم للقطاعين المروي والبعلي وتضافر الجهود لتخفيض أدوات الإنتاج الزراعي سواء من البذار أو من الأسمدة أو المبيدات وأجور الآلات وتوفير حصص الوقود للزراعة بشكل أفضل وفي الوقت المناسب ودعم المزارعين  في كهربة المشاريع المروية بالطاقة الشمسية والاهتمام بالأبحاث الزراعية بشكل أفضل.

بصراحة، بعد انتهاء إجراءات الموسم الحالي وفي ظل التحذيرات تؤكد فيه الإدارة الذاتية عن وجود فجوة غذائية وعن الحاجة لكميات لا بأس بها من القمح للوصول إلى الموسم الزراعي القادم ما زالت العديد من المشاكل والتحديات ماثلة ابتداء من شح الوقود وعدم كفايته بالصورة المطلوبة والجفاف الذي يهدد المنطقة إلى جانب ارتفاع أسعار الأسمدة وأحياناً انعدامها.

فهل تمضي التحضيرات والترتيبات للموسم الزراعي القادم بتناغم تام بين المزارع والإدارة الذاتية وسط هذه التحديات الكبيرة الماثلة..؟

زر الذهاب إلى الأعلى