مقالات

لماذا يأخذ حزب العمال الكردستاني حصة الأسد من مؤامرات الاستعمار؟

ريناس رمو

على مر الزمن تأسست حركات تحرر كثيرة؛ لكنها لم تصمد في مواجهة المشاريع الاستعمارية والاستبدادية، إلا أن حزب العمال الكردستاني بقي حاملًا لشعلة ربيع الشعوب الذي انطلق مجدداً، فسَعَت تلك القوى لاستغلال هذا الربيع عبر الإسلام السياسي والشحن الطائفي والقومي لإحكام قبضتها على المنطقة أكثر من أي وقت مضى، فهل لذلك أخذ حزب العمال الكردستاني حصة الأسد من تلك المؤامرات؟

نشأت فاشية الدول القومية مع انطلاق الحرب العالمية الأولى، ورسمت هذه الدول سياسة إخضاع الشعوب وقمع كافة حركات التحرر العالمية ــ في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ــ المطالبة بحقوقها والتي ظهرت بعد صدور الميثاق الأطلسي عام 1941 والذي أقرَّ بحق تقرير الشعوب مصيرها فتحولت هذه الحركات من حركات وطنية إلى حركات قومية من قبل الدول الاستعمارية التي صنفت دول العالم إلى ثلاث تصنيفات، دول العالم الأول والثاني والثالث.

كما وتعمدت الدول الفاشية وفي مقدمتها الاحتلال العثماني حينها إلى سياسة إضعاف النضال الوطني وتجزئته ومنعه من الوصول إلى حرب شعب ثورية؛ فباشرت بارتكاب المجازر بحق شعوب المنطقة من الكرد والأرمن والسريان والروم والاشوريين لتظهر بعدها الوجه الحقيقي للدول الفاشية القومية.

واتسم القرن العشرين بظهور العديد من حركات التحرر في العالم وخصوصاً مع انهيار الاتحاد السوفياتي التي كانت لها نفوذ واسع في دول العالم الثالث ودعمها المباشر للدول القومية وفي مقدمتها حركة عدم الانحياز بقيادة “جواهر لال نهرو” و”جمال عبد الناصر” غير أن هذه الدول ظلت متحكمة من قبل الاستعمار بعد تحريرها؛ كون الاستعمار ترك جميع آثاره على تلك الأرض من فقر وتجزئة وضعف تعليمي.

المؤامرة على أوجلان استكمال للمؤامرة الاستعمارية.

وكان لظهور حزب العمال الكردستاني الذي أعتبر من أقوى حركات التحرر في القرن الحديث وبناء الحزب لقاعدة جماهيرية ضخمة في العالم من خلال أفكار القائد أوجلان المُطالبة بالعدالة والحرية والمساواة لكافة شعوب العالم ومعرفة حقيقة الشعب في الشرق الأوسط وتعرض إلى مؤامرة دولية كبيرة من قبل الدول الاستعمارية التي وجدت في هذا الفكر إنهاءً لاستعمارها للأراضي والقضاء على مشاريعها المتمثلة بالحداثة الرأسمالية.

أكثر من عشر سنوات وربيع الشعوب يمر بمقاومة بطولية

انطلقت حركات احتجاجية سلمية ضخمة في الشرق الاوسط في مطلع عام 2011 من تونس وتأثرت العديد من الدول بالثورة التونسية والتي امتددت إلى كل من اليمن ومصر وليبيا وسوريا ولبنان والسودان وتركيا إلا أن الاستبداد بات أكثر استحكاماً من أي وقت مضى بسبب تحالف الأحزاب الفاشية والدعم الذي يُقدَّم لها من قبل الدول الاستعمارية.

حاولت الاحزاب الفاشية والاستعمار عدم إكمال ربيع الشعوب واستغلاله وإنهاء الحلم والأمل الذي شعر به شعوب المنطقة من خلال ظهور التطرف الديني ونشر الفوضى والعنف، وكان الاحتلال التركي السباق الى التدخل في كافة ثورات الربيع ودعمه المباشر للإخوان المتطرفين في تونس ومصر ولمرتزقة داعش في ليبيا وسوريا وإظهاره أن ربيع الشعوب خريف يسبق شتاء عاصف؛ إلا أن المقاومة الكبيرة ظلت مستمرة من قبل قوات الكريلا ضد الفاشية التركية.

وعقب هذه الثورات العربية وبدعم وتوجيه تركي مباشر ودعم أميركي غير مباشر سيطر الإسلام السياسي على مقاليد الحكم في عدة دول عربية، وانتهت جميع الأحزاب والتيارات السياسية التي كانت تحمل شعارات التحرر والثورة في هذه الدول.

لماذا هذا الحقد والكره لحزب العمال الكردستاني؟

وسط هذا الانهيار؛ بدا وكأن السواد سيطر على المنطقة بشكل كامل؛ لكن بقيت حركة التحرر الكردستاني وحزب العمال الكردستاني رافعة لشعلة الحرية لكن هذه المرة ليس فقط للشعب الكردي بل حملت شعلة ربيع الشعوب الذي تمكن الاستعمار والاستبداد من إسقاطه عبر الإسلام السياسي.

هذا أدى لعرقلة المشروع الاستعماري في المنطقة مما دفع تركيا لتخصيص جميع قواتها في محاربة الفكر الديمقراطي الذي مثله حزب العمال الكردستاني حامل فكر الحرب الثورية للشعوب، وبدأت بتحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية الدكتاتورية وإعلانهما حرب شاملة ضد قوات الكريلا. هذه الحرب التي تساندها الأنظمة الاستعمارية في العالم أجمع وتُبارك عدم إنشاء جيوش ديمقراطية أو مجتمع ديمقراطي.

مما لا شك فيه ومن خلال نجاح حزب العمال الكردستاني في الصمود أمام القوى الاستعمارية بات من المؤكد أن شعوب المنطقة قادرة على اتخاذ قرار وطني بتصعيد النضال ووحدتها ضد الانظمة الفاشية وإعلان حرب ثورية شاملة من أجل إضعاف الاستعمار، وهذا يؤكد أن المرء لا يمكن أن ينال حقه إلا من خلال الكفاح والمقاومة والاستفادة من العبر التاريخية للاستعمار وأجندته.

الكريلا قوات تستمر بتقديم بطولات عظيمة على طريق ربيع وحرية الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى