مقالات

لماذا نسعى إلى إيجاد الحلول ونحرص على تجنب الحروب؟

كلنا يدرك أن العالم اليوم أصبح بمثابة قرية صغيرة واحدة، وأن الرياح في هذه القرية بدأت تجري أكثر فأكثر بما لا تشتهي سفن الأنظمة الشمولية والمستبدة. وهذا عامل إيجابي لصالح الشعوب والقوى الديمقراطية. إضافة لعامل آخر داخلي مهم لا يمكن التغاضي عنه أو إغفاله وهو إرادة الشعوب والمكونات للحفاظ على قيمهم الاجتماعية من خلال العيش المشترك. بهذه الإرادة أصبحت هذه الشعوب لا تعرف المستحيل، ليس هذا فقط بل زرعت الأمل في كل مكان وزمان، ولأننا جزء من ثورة هذا الشعب، رفضنا الخضوع لإرادة أو وصاية أحد سوى إرادة شعوبنا، لأننا لا نريد سادة جدد وإنما نريد أن تكون السيادة للشعب وحده.

إن تعدد المشاريع والرؤى هي ظاهرة طبيعية وعلامة صحية؛ بشرط أن يكون هذا التعدد منظماً ومؤطراً بشكل يخدم المصلحة العامة للشعوب والمكونات، ولعل من حسن حظنا أننا نعيش في عصر لا تملك فيه جهة من الجهات مهما كانت قوتها ومهما امتلكت من شرعية بحكم الزحف المتواصل لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أن تمنعنا من خدمة مجتمعنا ما دمنا ملتزمين بالمنهج السلمي في التغيير والإصلاح.

نؤمن إيماناً جازماً بأن لا مستقبل للشعوب حضارياً خارج الهوية المجتمعية، ولا مستقبل لها سياسياً خارج ديمقراطية حقيقية تمكنها من اختيار شكل النظام السياسي الذي تريده أن يحكمها، ولا مستقبل لها بدون عدالة اجتماعية، ولا حصانة لها بدون أخلاق تحفظها من مغبة التردي في أوحال الانتهازية والغرو. والأهم من هذا كله، هو أنه لن يتحقق من هذه المطالب مجتمعة أو متفرقة شيئاً ما لم نتسلح بخيار المقاومة على كل المستويات والصعد. فليكن شعارنا في المرحلة القادمة المقاومة بكل الطرق المشروعة, لأن سبيلنا الوحيد إلى الحرية وتحقيق الإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية هو المقاومة.

ما يجب التأكيد عليه هو عدم القبول بالاستقطاب السياسي، مهما كان المستفيد من هذا الاستقطاب، وخاصة في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها بلادنا. ومن الوفاء للثّورة و دماء الشهداء رفض كل محاولات الالتفاف على مطالب الثورة وتناسي دور البطل الحقيقي في إنجاز هذه الثورة التي حققت ما عجز عنه الآخرون.

بالمحصلة, إن التحول الحقيقي نحو الديمقراطية لن يتحقق إلا باستبدال ثقافة الاستبداد والإقصاء بثقافة الديمقراطية و المشاركة السياسية. إن نضال الشعوب من أجل حياة سياسية مزدهرة لن يتم إلا بالإخلاص للشعوب والمكونات والمحافظة على روح الثورة والتعاون مع الجميع دون إقصاء أو تهميش لأحد. إن مستقبلنا السياسي مرهون بسعينا الجاد، كل من موقعه.

وإذا ما تساءلنا لماذا نسعى إلى إيجاد الحلول؟ ولماذا نحرص على تجنب الحروب؟

فأن الإجابات توضح وتبلور الكثير من الأمور ..

زر الذهاب إلى الأعلى