مقالات

لا فرق بين دمشق وقامشلو

محمد أمين عليكو

منذ العام 2011  وما تلاه إلى هذه اللحظات، كانت جميع تصريحات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” وقيادات قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية تقول وبقناعة تامة بأن لا حل في سوريا دون “الحوار السوري _ السوري” وأنه لا فرق بين ما إذا كان الحوار في دمشق أو في قامشلو أو في أي بقعة من سوريا وأبواب الحوار مفتوح أمام جميع القوى السياسية السورية في الداخل والخارج، بل وحتى مع دول الجوار والإقليمية والدولية، حرصاً منها على إيجاد الحل والاستقرار والأمان للسوريين ضمن دستور يمثل إرادة الشعب السوري وتحرير كامل الأراضي السورية المحتلة، على رأسها عفرين و كري سبي وسري كانيية، ودحر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات، لم نقرأ ولم نسمع ولم نشاهد أي تصريح أو بوادر للحلول أو مواقف إيجابية من الأطراف المتصارعة على السلطة؛ سواء إن كانت من دمشق أو المعارضة التي تعيش فقط لخدمة أجندات الاحتلال التركي، دون التفكير بأي شكل من الأشكال يراعي أوضاع الشعب السوري الذي أصبح بين “‏مهجَّرين، شهداء، نازحين، مشردين، مفقودين، معتقلين”  نتيجة ذهنية الإقصاء والإنكار وعدم قبول إرادة الشعوب في شمال وشرق سوريا المتمثلة في الإدارة الذاتية الديمقراطية ما يزيد تعميق الأزمة السورية برغم محاولات بعض العواصم إيجاد طرق غير شرعية لتثبيت واقع جديد على السوريين. كلنا ندرك أن “جنيف وستوشي وأستانا واللجنة الدستورية” منصات تفقد مصداقيتها تدريجياً، وفقد الجميع الأمل في هذه المنصات ولا تمثل تطلعات الشعب السوري بل جلبت الاحتلال والتغيير الديمغرافي وتغيير الهوية الوطنية وجلبت طوابير الذل والإهانة وحالة الفقر الذي يعيشها اليوم المواطن السوري في مناطق سيطرة الاحتلال التركي و مناطق حكومة دمشق؛ أضف إلى ذلك إغلاق المعابر الحدودية وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلا عبر معبر “باب الهوا” الذي يسيطر عليه الاحتلال التركي ومرتزقته، وهنا السؤال الذي يجول في مخيلة جميع السوريين “مَنْ يتحمل مسؤولية سيلان الدم السوري و تدمير البنية التحتية وغياب الحلول وإنهاء معاناة المجتمع السوري”؟

هنا تقع المسؤولية على الأطراف الدولية الأساسية وخصوصاً روسيا الداعم الرئيسي للأسد والولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية وتستوجب هذه المسؤولية تدخلاً عاجلاً وحاسماً وذلك بتفعيل  العملية السياسية والضغط على دمشق والبدء بالحوار الحقيقي.

قد يطول الوقت اللازم لحل هذه المعادلة الصعبة أو يقصر؛ لكنه يضع الشعب السوري المُنهك من هذا الصراع أمام تحدي البحث عن حلول خلاقة لبناء إطار سياسي يتسع لكل أبنائه من خلال تجربة ومسيرة الخط الوطني، وهي الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وعلى المجتمع الدولي الاعتراف بالإدارة الذاتية وأن يكون الداعم الرئيسي والمساند لأي خطوة نحو العملية السياسية.

كما هو واضح يبدو أن سلطة دمشق ما زالت بتلك العقلية الشوفينية التي لا تقبل بإرادة السوريين في شمال وشرق سوريا، ومن جهة أخرى ما زالت ما تُسمى (المعارضة) تعيش على فُتات المتسول أردوغان وحكومته الإرهابية التي تعيش فوبيا الكردية وتسعى إلى إبادة الكرد أينما وجدوا، أو أن تكون كردياً بمواصفات تركية، وبمعنى أدق للعبارة أن تكون” مجرد أداة رخيصة تخدم أجندات الاحتلال لا أكثر ولا أقل”.

وأخيراً

بالنسبة للسوريين في شمال وشرق سوريا، لا فرق بين دمشق أو قامشلو في المستقبل لأجل بناء سوريا الديمقراطية التعددية اللامركزية ضمن دستور يمثل كل السوريين وإنهاء الاحتلال التركي، وعلى ما أعتقد فأن غير ذلك لا يغير في الأمر شيء، فقط يفتح الطريق أمام انتهاكات الاحتلال التركي أكثر وأكثر كما اليوم في “عفرين المحتلة وكري سبي وسري كانيية ” وتدهور الحالة المعيشية الصعبة أصلاً، وغلاء كل السلع فوق القدرة الشرائية للمواطن وصعوبة تأمين لقمة العيش في مناطق حكومة دمشق.

زر الذهاب إلى الأعلى