الأخبارالعالممانشيت

كيف يسمح ترامب لتركيا بمهاجمة ثورة المساواة الوحيدة في الشرق الأوسط

دافيد غراسو

قبل عام واحد بدأ أعنف هجوم عسكري على روج آفا من قِبل تركيا وعشرات الآلاف من الجهاديين الذين يعملون تحت سلطتها القيادية, ودمر هذا الهجوم جزءاً كبيراً من كري سبي (تل أبيض ذات الغالبية العربية) وسري كانيه أو رأس العين (ذات الغالبية الكردية), ولاقى هذا الهجوم  مقاومة شرسة من قبل وحدات حماية المرأة والشعب (Ypj و YPG)، مما أدى إلى استشهاد الكثيرين وبينهم مقاتلون دوليون قُدموا من أوروبا.

ثلاثمائة ألف لاجئ لا يزالون بلا مأوى، ويعيشون منذ عام في ظروف مروعة في باقي المناطق، محاصرون ومستهدفون بقذائف الهاون من قِبل الميليشيات التابعة لتركيا, تعرضت منازلهم للنهب أو الاحتلال من قبل رجال المليشيات والمستوطنين الذين استقدمتهم الحكومة التركية.

 تم تشكيل مجالس محلية تابعة لما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة بقيادة جماعة الإخوان المسلمين السورية، التي تديرعفرين وإدلب, وكما هو الحال في تلك المناطق المحتلة تم فرض نظام رجعي وظلامي يدعو إلى توحيد جميع الهويات والعقائد وأنماط الحياة.

لا يتردد رجال هذا النظام في تنفيذ الإعدامات للمعارضين, وسرقة المكتشفات الأثرية والصراع الداخلي العنيف فيما بين الفصائل على عائدات هذه السرقات.

محطة علوك للمياه المحتلة من قبل تركيا التي تزود مليون نسمة في محافظة الحسكة بمياه الشرب الآن يتم إيقاف الضخ منها دائماً من قبل السلطات التركية، مما يفاقم حالة طوارئ إنسانية تتداخل مع زيادة الإصابات ب Covid-19 (من خلال النقل غير المسؤول لمرضى الفيروس من قبل الحكومة التركية إلى مستشفى سري كانيه).

قبل عام وبأمر من الرئيس الأمريكي الحالي (دونالد ترامب) للقوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة (على الرغم من احتجاجات البنتاغون) بالانسحاب جنوباً لإفساح المجال للغزو التركي، الذي لم يكن له شرعية قانونية على المستوى الدولي (مثل جميع الغزوات التركية للأراضي السورية في السنوات الأخيرة).

لم يكن قرار ترامب هذا أكثر خطورة من قرار بوتين في 2018 (عندما سمحت القوات الروسية في عفرين لتركيا والجهاديين الموالين لها باحتلالها)، قراران دون أية مبررات غير الحسابات السياسية والدولية المعتادة التي يتم تمريرها على حساب السوريين، وبالأخص على حساب المؤسسات الثورية والديمقراطية الوحيدة الجديرة بهذا الاسم, والتي نشأت منذ 2011 في بلدٍ دمرته الحرب وساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في تفاقمها خاصةً في المراحل الأولى.

العبارات التي صرّح بها ترامب قبل عام (بين الحين والآخر يجب أن نجعلهم يقاتلون بعضهم البعض  مثل الأطفال) ووصم الكرد بأنهم أسوأ من داعش رغم أنهم قاتلوا ضد داعش في العراق وسوريا, هذه العبارات لا يمكن ولا يجب نسيانها, وكذلك لا يجب لنا كشعب إيطاليا أن ننسى إعلان الكلمات وزير الخارجية الإيطالي (دي مايو) وإن لم يكن كافياً عن تعليق العقود المستقبلية للإمدادات العسكرية إلى تركيا، وكيف أنه علق تنفيذ هذا القرار والحجز عليه, وليس هذا فقط ففي 30 تشرين الثاني 2019 وبعد أكثر من شهر على هذا القرار عُقدت اجتماعات القضاء والدفاع في “تورينو” مع لجنة متخصصة بتجارة التقنيات بما فيها التقنيات العسكرية بين إيطاليا وتركيا.

(ماريا إدغاردا ماركوتشي) العضو في غرفة تجارة تورينو والراعية لمبادرة حظر توريد السلاح إلى تركيا, والمقاتلة الإيطالية السابقة في وحدات حماية المرأة YPJ  ألقت خطاباً تضامنياً عبر مكبر الصوت مع رفيقاتها اللواتي استشهدن في روج آفا, ونتيجة لذلك صدر بحقها في 17 آذار 2020 حكم الخضوع للمراقبة الخاصة المثير للجدل من قبل السلطات الإيطالية  لمدة عامين.

في روج آفا و(شمال وشرق سوريا) يعاني ملايين الأشخاص من الجوع والعطش وانتشار وباء كورونا، ويتعرضون لانتهاكات من قبل الجماعات الإرهابية والإجرامية التي يحميها أحد أعضاء الناتو(تركيا), إن دعم الثورة التي طبقت (سياسات المساواة واستقلالية المرأة واحترام الاختلافات الدينية والعرقية والدفاع عن العلمانية) رغم الظروف الكارثية في سوريا أصبح اليوم واجباً أكثر من أي وقت مضى على كل من يؤمن بالصداقة الدولية وبقوة النضال من أجل الحرية.

دافيد غراسو:  

دكتور في الفلسفة من إيطاليا,  درس في تورينو وبرلين وباريس ونيويورك, شارك في الثورة الكردية في سوريا والحرب المرتبطة بها ضد الدولة الإسلامية. يحاضر في إيطاليا وخارجها وألّف كتباً عن أمريكا وسوريا والعراق وجدار برلين وله كتب عن حرب الكرد في سوريا ضد الدولة الإسلامية(داعش).

زر الذهاب إلى الأعلى