مقالات

كورونا واحتمالية الصعود والهبوط سلالم النظام العالمي

فؤاد سعدي

بعيداً عن السجال والجدال حول المقارنة والمقاربة لدوائر الاحتمالات المتمخضة والدائرة حول التأويلات النسبية حيناً والحتمية والقطعية أحياناً أكثر للكثير من أصحاب الشأن وأكثرهم من أصحاب اللاشأن حول ظاهرة صغيرة بحجمها يعجز فيها حتى العجز المعجونين عجناً بعجينة عولمة التاريخ العلمي العالمي عاجزين عن إدراكها لاسيما القارة العجوز المتكئة على العكازة الأمريكية والتي قد تفقد صفتها العجوزية بتوديعها اليومي لعجائزها أسياد النظام العالمي العلموي الوضعي للظواهر والواصلين بعلم علوم علمويتهم إلى الحدود اللامتناهية في الصغر بتفسير الشعرة وتشريحها إلى أربعين قسماً فضلا عن الوصول إلى الحدود اللامتناهية في الكبِر بغزو الفضاء الكوني وصعود قمره وتنصيب أقماره والتحكم بجهاز تحكم عن بُعد بطبائع الطبيعتين الأولى والثانية عبر المتابعة الحثيثة لحيثيات الخلية النواة لهاتين الطبيعتين وبقصف راداري موجّه مركّز على مدار الساعة لمغنطة هذا العالم الحيوي نحو الامتثال لديناميكية ثالوث مثلث برمودا الحداثة الرأسمالية ومرتكزاتها المتقاطعة وهي تجني اليوم ثمار ما اقترفته يداها بحق الطبيعتين كما جنى ويجني العالم بأجمعه هذه الثمار طردياً كلما صَمَتَ صَمْتَ القبور وتغابى ببغائياً وكأنه مفعول به دون أيّ رد فعل من امتداد أيدي الحداثة الملوثتين إليها، والعبرة نستنبطها من التاريخ والطبيعة الممتلئة بالعبر لمن يعتبر.

وبدلاً من لَفْتِ الانتباه إلى تبادل إشارات الاستفهام وأصابع الاتهام الكبرى للدول العظمى فيما بينها و فيما إذا ما كانت هذه الجائحة طبيعية أم مفتعلة و فيما إذا كانت السببية الطبيعية ناتجة عن الإهمال من عدمه وكذلك فيما إذا كانت السببية المفتعلة ناتجة عن عدم السيطرة أم من التدبير والتخطيط المسبق وبغض النظر عن دائرة الاحتمالات التي يمكن الاستطراد بالإكثار منها وأهدافها ومبتغى أجنداتها والماّلات الناجمة عنها ورغم أهمية معرفة وكشف الحقائق باستمرار وبالضرورة الحقائق الكبرى منها ورغم كونية القاعدة القانونية العامة المعممة عالمياً باعتبار المتهم بريء حتى تثبت إدانته إلا أنها قد لا تسري هنا وبالحد الأدنى المسؤولية الأخلاقية للمتحكمين بالصناعوية ومختبراتها فباستحضار ذاكرتها التاريخية وقلب أوراقها – وفيما إذا كانت عين الحقيقة بعيدة عن العمى- فإن أوراق تاريخ الصناعوية كافية لرؤية كمِّ الأوراق المتساقطة والساقطة للمجتمعية، وحلبجة واحدة كافية لرؤية لهيب فاجعة وفجاعة المجزرة المرتكبة وأوراقها المتطايرة كما الخريف لاسيما أطفالها فضلاً عن الرُضَّعِ منهم (عذراً للتعبير لكن حقيقة الحداثة الرأسمالية ومختبراتها هي اعتبار المجتمعات مع أطفالها أوراق اختبارية قابلة للحرق مهما ارتقت عجينة الآلام والأوجاع ومزيج الآهات والصراخ ) مع عدم تناسي هيروشيما وناكازاكي وكذلك تشرنوبل؛ هذا إلى جانب العديد من الأوراق التاريخية و الواصلة فيها حجم المجازر والفواجع إلى حَدِّ الإبادة والمحو من صفحات التاريخ إلى جانب الأوراق النضرة الحاضرة الماثلة لماّسي خريف الشعوب الشرق أوسطية إن لم يكن شتاءها بِكَمِّ وكَثْرَةِ تداخل الحداثويين مع بيروقراطياتهم وثنائية نفاياتهم البشرية والنووية المرافقة تنفيذاً لمشاريعهم وأجنداتهم في إعادة برمجة الشرق الأوسط ليكون جديداً وكبيراً لهم، وبمعادلة جد بسيطة بمجهول واحد ألا وهي جهل شعوبها أكثر من جهالة أبي جهل وبتعميم حالة الجهالة بالقصف الإعلامي لمرحلة العولمة المُعاشة والمتزامنة مع تضخم الهيمنة والحاكمية لأسياد النظام العالمي فإن كل أوراق المجازر تتطاير لتذهب أدراج الرياح فتُمحى معها آثار بصمات أيديهم ودَمْغَة ذهنياتهم التاريخية الدموية التدميرية كما تتطاير نداءات وآهات الاستغاثة للملايين من شعوب الشرق الأوسط وهم يشهدون الحرب العالمية الثالثة الساخنة الملتهبة عليهم والباردة على أسياد النظام العالمي المُصابين بالصمم مع مؤسساتهم ومنظماتهم الأممية الحقوقية والإنسانية رغم تباهيهم المستمر بمستوى تمثيلهم وتبنيهم لحقوق الإنسان وكأن الأرض لا بل الأرض والسماء لا تسعها لتنكشف إشعاعات مؤامراتهم و ألاعيبهم كما الشمس الساطعة ولتشعشع معها خيوط وأجندات مشروع الشرق الأوسط الكبير الجديد لإركاع الشرق الأوسط بِدُوَلِهِ وشعوبه وتواريخه ككل ليس ركعتين أو ثلاث بل سجود وركوع بالأربع على مدار الأربع وعشرين ساعة (عذراً مرة أخرى للتعبير إلا أن هذا واقع آمال و حقيقة النظام العالمي وأسياده).

بالاستناد من جديد إلى نظرية المنافسة في الصعود والهبوط لسلالم النظام العالمي الذي لم يعرف السكون والهدوء تاريخياً إلى جانب منحناه المترنح المقترب من ذروة  الغليان والاهتزاز ودون الحاجة إلى البراكين والهزات  العالمية بل بإسقاط  كرة جائحة الكورونا في الملعب العالمي، وإذا كان الكل وليس الرياضيين والفنانين ومن سوى سواهم فحسب يهرعون دون تلقي البطاقات الحمراء ليجنحوا لا إلى الطرد والاعتزال بل للحجر المنزلي المتزامن مع الدعاية الدفاعية لأداء دورِ مواجهةِ مُهاجمٍ جائحٍ فتاكٍ بحجم “الكورونا” ومرة أخرى لابد من التأكيد وليس التكرار بأن أية ظاهرة مهما كانت صغيرة أو كبيرة وبغض النظر عن كونيتها الطبيعية أم المفتعلة لاسيما حينما تكون عالمية أو معولمة فإن ضرباً من ضروب تسابق الاولمبياد العالمي مع حفل الافتتاح تبدأ لكسب المزيد من النقاط والميداليات كماً ونوعاً لا سيما في الميادين و الملاعب الاستراتيجية – كما كرة القدم وكأس العالم – لا سيما الاقتصادية الذهبية منها، وبتعميم سباق ريادة العولمة أكثر نحو توجيه بوصلة قوة القصف إعلامياً نحو استثمار هذا الوباء والجائحة وذلك بالنفخ السياسي المستمر لأجندات الصعود والهبوط في أولمبياد سلالم النظام العالمي.

الجانب الذي يستلزم التحليل والتقييم بالأكثر وبالأولوية والأفضلية هو التحول من كل هذه المعمعة والجعجعة السفسطائية للعولمة العالمية وحداثتها نحو مدى جرأتها في تقديم النقد الذاتي والإشارة إلى إشارات آلام الإنسانية وإنذارات البيئة الأيكولوجية الطبيعية عش الإنسانية و ردَّات فعلها ليس بخصوص “كورونا” فحسب والذي يُعتبر خلية من شبكة ذهنيتهم الزمكانية الإجرامية التدميرية السرطانية بل وبخصوص كافة بذور “الكورونات”  الدولتية والسلطوية الاحتكارية التي زرعتها في كافة أرجاء الحقول المجتمعية والطبيعية للمعمورة العالمية  بكل ساحاتها ومسطحاتها فضلاً عن ضرورة تكرار نقدها الذاتي عملياً من خلال الابتعاد عن ذهنية خنق المشكلة داخل المشكلة بطرح الاستفهامات والاستفسارات التآمرية الاتهامية لبعضها بعضاً وكأنها تطفئ النار بالمازوت لا بل بالبنزين، وهل يُعقل لعقل عاقل بل ولأي كائن كان أن يلتهي بأسباب اشتعال النيران التي تلتهمه أكثر من دون إيلاء القدْر والأهمية عينها للكينونة الطبيعية في الحماية والخلاص؟ وخيرُ خميرة العِبَر تستحضرنا هنا دون عناء البحث عنها في الآلاف المؤلفة من مجلدات وكتب التاريخ والتي يكفي الإشارة إليها بجملة واحدة دون غيرها دّونها قناص الحرية ومبدع أبجدية تاريخها فيلسوف الأمة الديمقراطية القائد عبد الله أوجلان والتي دّونها في معرض مرافعات مانيفستو الحضارة الديمقراطية وهي: “عندما نضع نصبَ العين كيف تسعى الوردة (وهي نبتة) للدفاعِ عن نفسها بأشواكها، لا أتمالك نفسي من تسميةِ براديغما الاقتدار الديمقراطي هذه بـ”نظرية الوردة”.).

  من هنا وانطلاقاً من “نظرية الوردة”  التي أردتُ الوصول إليها وبخليط مزدوج من الثقة والارتباك المدمج في النقر على أحرف قوة المعنى لتفسير كينونة الحماية والحرية الطبيعية والمجتمعية وجوهر نظام الحقيقة الحامي والمغذي لها وبها ولأجلها لا بد من تصويب و تصفية مجرى تدفق نهر الحداثة الرأسمالية مع أجنحتها الصم و البكم والعميان عديمي  الإحساس والوجدان المجتمعي نحو الجذور والبذور الأسية النقية الصافية  لنهر الحضارة الديمقراطية والمجتمعات والأمم والشعوب التواقة للحرية بتواريخها و قيمها وميراثها ومقدساتها….  وتنتهي الواو عاجزة عن ملئها بفقرات العمود الفقري للمجتمع الأخلاقي والسياسي الديمقراطي والطبيعي الايكولوجي والمتحرر جنسوياً والذي يلعب دور المفتاح الفاتح الكاسر لكل الأربطة و العقد الكأداء للحداثة الرأسمالية والمتجسدة عملياً في تدفق مجرى التاريخ العصري لثورة الحقيقة المجتمعية متمثلة في روج اّفا وشمال شرق سوريا حيث تنتفض الشعوب في نفس المكان الذي أضاعت فيه أبجديتها وميراثها لتتزين بربيع حروف أبجدية التاريخ الديمقراطي وترفع شعار مقاومة العصر والكرامة استمراراً لميراث المقاومة حياة لتحيي ثقافة أخوة الشعوب واتحادها وعيشها المشترك على مبدأ الوحدة في التنوع.

زر الذهاب إلى الأعلى