تقاريرمانشيت

«كوباني» المدينة التي أضحت قبلة لمحبي الحرية

جرت العادة أن نستذكر مقاومة مدينة كوباني تخليداً لذكرى تصدي المقاومة الشعبية في هذه المدينة لجحافل الإرهاب الذين تلقوا الدعم والتأييد من النظام التركي الفاشي.

وبمناسبة يوم التضامن العالمي مع مدينة كوباني تقتضي الأمانة أن نشير ولو بقدر قليل بما حدث:

بدأ تنظيم داعش الإرهابي وبأوامر من النظام التركي بشن هجوم ضد مدينة كوباني الآمنة لكسر إرادة الشعب الكردي بعد تمدد التنظيم في العديد من المناطق في سوريا والعراق، لكن هذه المرة اصطدم تنظيم داعش وداعميه بمقاومة أسطورية من قبل الشعب الكردي الذي انتفض وأظهر إرادة صلبة لا مثيل لها.

وسطرت هذه المدينة أروع ملاحم البطولة على صفحات التاريخ، بمقاومتها لأكبر تنظيم إرهابي الذي وضع له النظام التركي جميع إمكاناته للنيل من إرادة شعبنا في مدينة كوباني، وهنا لابد من الإشارة إلى وقوف الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة ومن أوروبا ووحدات حماية المرأة إلى جانب أشقائهم في كوباني، فأبوا أن تبقى المدينة وحيدة في مقاومتها، وهبوا لنداء الواجب والذود عن المدينة الشامخة وشاركوا في محاربة تنظيم داعش وكسر شوكته وهكذا بدأت هزائم التنظيم الإرهابي من كوباني.

وحول المقاومة البطولية لمدينة كوباني تحدث “محمود حمي”عضو المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) قائلاً:

كلنا يعلم بوضع التكوين المجتمعي في كوباني وخاصة بعد ولوج فكر التحرر الكردستاني إليها منذ بداية انطلاقه فتشبعت المدينة وتغلغلت فيها فكر المقاومة والصمود وكانت المدينة هي السبّاقة في إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية وعندما تعرضت المدينة لهجوم تنظيم داعش كانت المدينة حصناً منيعاً ومثالاً يحتذى به في المقاومة والصمود وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على التماسك المجتمعي وإرادته في الحفاظ على مكتسباته “الإدارة الذاتية” والتي تأسست بنضال وإرادة أبناء المنطقة، هذا ووصل صدى مقاومة كوباني في جميع أنحاء العالم وأحدث تحريرها فارقاً كبيراً في تغيير وجهة الثورة في سوريا عموماً لتتحول مقاومة كوباني إلى نموذج للشعوب التواقة إلى الحرية والعيش وفق إرادتها.

من جانبه تحدث إلينا من مدينة كوباني الكاتب والباحث صلاح مسلم حول هذا الموضوع بقوله:

إنها المدينة أو القرية المنزوية، التي لم تهبّ عليها كثيراً أعاصير المدينة، وظلت محاصرة بالحدود الشمالية والفرات من الغرب والجنوب، فكان من حسن حظها أنها تكورت في ذاكرتها. وعندما هدرت أعاصير السواد الداعشي وهي تريد أن تغتال كل جمال، كان قدر كوباني أن تدفع ضريبة ابتعادها عن رجس الدولة والسلطة، فكان عقابها أن يهجم عليها تتار العصر الحديث ومغولها ويحاصروها من كل الجهات، لتساعدهم الدولة التركية؛ صانعة الحروب والدماء عبر العصور، ليكون قدر كوباني أن تقاتل عوضاً عن العالم كله، أسوأ فكر أراد أن يحول كل بياض إلى سواد.

واسترسل مسلم في حديثه قائلاً: فصارت كوباني قِبلة محبي الحرية، وأضحت رمزاً للمناضلين الثائرين الباحثين عن الحرية ودرب الخلاص من طغاة العصر الحديث.

من جانبها نشرت الإدارة الذاتية الديمقراطية للفرات، بياناً إلى الرأي العام بخصوص هذه المناسبة وأشار البيان إلى أنَّ مقاومة كوباني تحوّلت إلى ملحمة بطولية استقطبت أنظار العالم بفضل تضحيات مقاتلي ومقاتلات وحدات حماية الشعب والمرأة.

وفي ختامه شدَّد البيان على التمسّك بمكتسبات مقاومة أبناء وبنات شمال وشرق سوريا والسير على الدرب ذاته لتحرير كافّة الأراضي السورية.

المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) من جانبه نشر صباح اليوم الأحد 30/10/2022 بياناً بهذا الخصوص جاء فيه: “كوباني التي أصبحت رمزاً للمقاومة في عصرنا وأيقونة لثوار الحرية ومنطلقاً للنضال والتحرر ضد الإرهاب الذي اكتسح العالم بدمويته.

وأكد بيان المجلس: “اليوم وبعد مرور ثماني سنوات لم يستطع الاحتلال التركي والمجموعات الإرهابية المرتزقة التابعة له، والتيارات التكفيرية القوموية التي تدعي معارضتها حتى يومنا هذا قبول هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، واليوم يشن جيش الاحتلال التركي بشكل يومي هجمات عدائية على عموم المناطق الآمنة الخارجة عن سطوة احتلاله مهدداً بشن عدوانٍ إرهابي جديد يستهدف كوباني ومناطق أخرى من شمال وشرق سوريا في وقت يغض فيه المجتمع الدولي والدول الضامنة البصر عما يرتكبه الاحتلال والمجموعات المرتزقة التابعة له من جرائم وانتهاكات جسيمة بحق الحجر والبشر والشجر في المناطق المحتلة متجاوزاً كل الاعراف والقوانين والمواثيق الدولية”.

وأشار بيان المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) إلى أن ما حدث قبل ثماني سنوات وما قبلها وما بعدها سيحدث مجدداً وبشكل أكثر عنفا ودموية، لأن هدف الإرهاب الذي يرعاه النظام التركي وأنظمة أخرى شريكة له ليس فقط إخضاع وابتزاز شمال وشرق سوريا وعموم المنطقة فقط، إنما غايته ابتزاز العالم أجمع.

وأكّد المجلس في بيانه موجهاً حديثه إلى المجتمع الدولي :إننا دعاة للسلام وثوار للحرية ولأخوة الشعوب وعيشها المشترك ووحدة مصيرها، ونضالنا لأجل رد الظلم عن شعبنا وبناء مجتمع حر يسوده العدل والمساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز عرقي أو ديني أو أثني، ونحن مصرون بأن نهجنا الثوري الديمقراطي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا وحل أزمتها وفق القرار الدولي ٢٢٥٤، ونسعى لأن نتشارك في هذا النضال مع جميع القوى الشعبية والسياسية الديمقراطية السورية عموماً لبناء نظام سياسي لامركزي ديمقراطي، وأن نضالنا سيستمر ضد الاحتلال وكل مجاميعه المرتزقة حتى تحرير مناطقنا المحتلة وعودة جميع المهجرين إلى أرضهم وديارهم آمنين.

تقرير: مصطفى عبدو

زر الذهاب إلى الأعلى