المجتمع

قطاع الزراعة … تذبذب المناخ … وواقع الفلاح

hazerya-jotkara-%e2%80%ab1%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac hazerya-jotkara-%e2%80%ab1%e2%80%ac hazerya-jotkara-%e2%80%ab30060425%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac hazerya-jotkara-%e2%80%ab30060426%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac hazerya-jotkara-%e2%80%ab30060427%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%ac hazerya-jotkara-%e2%80%ab30060428%e2%80%ac-%e2%80%ab%e2%80%acيعد قطاع الزراعة وخاصةً زراعة الحبوب (القمح) المصدر الأول والأهم  للأمن الغذائي، وهي الدعامة الأساسية للبنيان الاقتصادي والاجتماعي في روج آفا، حيث تسهم بنصيبٍ كبيرٍ في إحداث التنمية الشاملة وفي النهوض بالمجتمع، وتزداد أهميتها باعتبارها مهنة يرتبط بها وبأنشطتها المختلفة أكثر من نصف السكان، سواءً في النشاط الانتاجي والتسويقي والتصنيعي للزراعة، وتتعاظم أهمية الزراعة  في الوقت الراهن لأسبابٍ كثيرةٍ في مقدمتها الأزمة التي تمر بها سوريا عموماً منذ أكثر من خمسةِ أعوام، وما افرزته من آثار سلبية على كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى، أضافةً إلى هجرة سكان الأرياف إلى المدينة أو حتى إلى خارج سوريا، وحالة النزوح الكبيرة بتجاه مدن روج آفا، وخاصةً مقاطعة الجزيرة (والتي كانت خزان الغذاء (الخبز) بالنسبة لسورية وللمنطقة عموماً)، وما أثقل كاهل المقاطعة بتوفير الغذاء والذي يعد القمح من أساسياته، وهذا ما أحدث فجوةً وأزمةً غذائيةً لازالت كبيرةً ومؤثرة، ولا ننسى الحصار الذي فُرِضَ على روج آفا والذي كان له أثرٌ كبيرٌ في ضعف الحالة الاقتصادية العامة، وما تعرضَ لهُ روج آفا من هجماتٍ إرهابيةٍ واقليمية والتي لم تتوقف لـ لحظة. يمكن ربط التراجع الاقتصادي عموماً والزراعي خصوصاً بهذه الأسباب الرئيسية.

أن محاصيل الحبوب الرئيسية خاصةً القمح تُعدُ من أهم الأولويات التي يجب الاهتمام بها من قبل الجهات المعنية في روج آفا، وعليها العمل دوماً على تضيق تلك الفجوات بين المزارع والجهة المعنية بالزراعة، من ناحية تأمين وتهيئة وتفعيل كل الوسائل والإمكانات المتاحة والبحث عن السبل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، باعتبارهِ النمطَ الغذائيَّ الشعبيَّ السائد، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تحقيق أقصى كفاءة إنتاجية وأكبر معدل تنمية للموارد الزراعية المتاحة حالياً أو تلك التي يجب إتاحتها مستقبلاً.

 يمكن تلخيص مشاكل الزراعة خاصةً زراعة القمح  في روج آفا والتي لها تأثيراتٌ سلبيةٌ على التنمية والانتاج فيما يلي:

مشاكل متعلقة باستخدام الموارد الزراعية:

تضايق رقعة زراعة القمح وتوجه المزارع نحو زراعة محاصيل أخرى مربحة.

 – بعثرة محصوليه نتيجة زراعة محاصيل عديدة في وحدات انتاجية صغيرة متجاورة.

– زراعةٌ تقليدية تعتمد في معظمها على جهد الإنسان ولا تستفيد كثيراً من التقدم العلمي في مجال الزراعة.

مشاكل اجتماعية واقتصادية:

وتتمثل في

– ريفٌ تغيبُ عنهُ الرؤية الحقيقية لدور القرية في الإنتاج.

– هجرة مستمرة للقوى العاملة من الريف إلى المدينة أو إلى الخارج وتزايدت خلال الأزمة.

– ارتفاع تكاليف الانتاج لا تقابله زيادة مماثلة في كم الانتاج ونوعيته.

– أسعار غير مجزية لكثيرٍ من المحاصيل الزراعية، وغياب حافز الإنتاج للمزارع، وقلة العائد من الزراعة بالمقارنة بعائد الأنشطة الأخرى.

–   تدهور واضح في المرافق العامة في شتى أنحاء الريف والتي تلزم لإحداث تنمية ريفية متكاملة.

 مشاكل مرتبطة باستراتيجيات التنمية الزراعية وتتمثل في:

– عدم وجود كفاية تمويلية للمزارع بما يهيأ لهم ظروفاً ميسرة لزراعة وإنتاج وتسويق محاصيلهم  في الأوقات المناسبة.

–  قصرٌ وخللٌ (نتيجة عدم استقرار الأوضاع السياسية)  في نظام الإنتاج والتسويق الزراعي يمثل عقبةً في تحقيقِ عائدٍ مجزي للفلاح بل وفقد نسبة من هذا العائد نتيجة استغلال الوسطاء والتجار لهم.

– عجز برامج التوسع الأفقي عن ملاحقة الزيادة في السكان بسبب ظروف الحرب والهجرة الوافدة إلى مناطق الإدارة الذاتية – روج آفا، حيث أن الرقعة الزراعية تهيئ مزيداً من فرص العمالة، كما تتيح الفرصة أمام التوسع الرأسي بأنشطته المختلفة سواءً بالنسبة للقطاع الزراعي.

هذه الأسباب وأسبابٌ أخرى متعلقة بالمناخ وتذبذب وشح الأمطار عموماً، بالإضافة إلى ذلك الموارد المائية المحدودة والتي تكاد تكون معدومة تشكل تحدياتٍ صعبةٍ وهائلة أمام الجهات المعنية، وفي مقدمتها هيئة الزراعة والري في روج آفا.

أحد المزارعين الذين التقينا بهم ويدعى محمود حاج حسين:

 حدثنا عن واقع زراعة الحبوب وخاصةً القمح، وأشار إلى الصعوبات التي تواجههم كمزارعين وابناء الريف، حيث قال:” انا وأغلب المزارعين في ريف مدينة قامشلو ومنذ القدم نعيش في القرى ونقوم بزراعة أرضنا وكما هو معروف أننا في منطقة الجزيرة نشتهر بزراعة القمح والشعير والعدس المحاصيل الرئيسية والأكثر انتشاراً خاصة القمح في منطقة خط العشرة، والتي هي منطقة استقرار زراعية لهذه المحاصيل، لكن بعد تدهور الأوضاع عموماً وما تعرض له المنطقة من هجمات إرهابية تراجعت الزراعة وهاجر الكثير من السكان أريافهم، ضف على ذلك الظروف المناخية المتقلبة، وعدم انتظام هطول الأمطار (وانتم تلاحظون أن هطول المطر قد تأخر) في الوقت الراهن سيؤثر حتماً على الإنتاج، السنة الفائتة حدث استقراراً واستطعنا زراعة أراضينا وقد كان المحصول وفيراً، كما أن الإدارة الذاتية والمجالس قدموا المساعدة  في توفير مادة المازوت وبعض الأدوية والأسمدة وهذا أيضاً ساهم في زيادة الإنتاج وتسويقه.

فيما يتعلق بالبذار فنحن نعتمد على تأمين البذار من محصولنا السابق، أو نقوم بتأمينه من أسواق الحبوب، وغالباً تكون هذه البذار جاهزة للزراعة وذو نوعية جيدة، الأمر الوحيد الذي يثقل كاهلنا هو عدم التزام بعض أصحاب الجرارات والذين يحرثون الأراضي بتسعيرة الحرث والتبذير المفروضة عليهم من قبل الجهات المعنية وهيئة الزراعة، رغم إن الإدارة تقدم مادة المازوت بتسعيرة مناسبة لهؤلاء، وفيما يتعلق بالأسمدة فالوقت لازال مبكراً، لكن نطلب من الجهات المعنية تأمين الأسمدة قدر الإمكان في وقتها المناسب وتوزيعها بشكلٍ عادلٍ على المزارعين”.

وحول سؤالنا  المتعلق بالزراعة المروية فقد حدثنا حج حسين قائلاً:” كنا سابقاً نقوم بزراعة القطن والقمح مروياً، لكن الآبار جفت ولا يوجد قنوات للري  في مناطقنا، فتراجعت الزراعة المروية التي كان لها دورٌ كبيرٌ في نمو وازدهار القرى اقتصادياً، هنالك بعض المناطق التي لازالت الزراعة المروية فيها مستمرة وذلك لوفرة المياه، وهنا أقول كمزارع وأحد سكان الريف أن إقامة مشاريع زراعية مروية، وتقديم الدعم المادي للفلاح في وقتنا الراهن سيسهم في تثبيت سكان الأرياف واستقراراً وزيادةً في الإنتاج، وهذا ما سيعكس على الوضع الاقتصادي العام في المقاطعة وروج آفا عموماً”.

وفي ختام لقائنا مع حج حسين عبر لنا عن مدى تفاؤله بالمستقبل وقال لنا اليوم علينا أن نتشبث بأرضنا أكثر من أي وقتٍ آخر.

كذلك التقينا أحد المهندسين الزراعيين ويدعى سليمان حسن:

 الذي حدثنا عن قطاع الزراعة في مقاطعة الجزيرة، المهندس حسن سلَّطَ الضوء على بعض القضايا المتعلقة بالزراعة خاصةً زراعة الحبوب حيث قال:” إن قطاع الزراعة مهمٌ وأساسيٌ في الاقتصاد والتنمية، وتؤثر على الحالة الاجتماعية بشكلٍ عام، ورغم الظروف الراهنة وحالة الحرب المفتوحة والحصار المفروض على روج آفا عموماً، فأن قطاع الزراعة يشهد استقراراً وتقدماً ملحوظاً، فسوق الحبوب يشهد حركةً جيدةً والبذار متوفرة بكل أصنافها بالنسبة لأغلب المحاصيل التي تزرع في المقاطعة وهي بأسعارٍ مناسبة، ومعظم المزارعين قاموا بزراعة أراضيهم، لكن تأخر هطول الأمطار سيؤثر على المحاصيل وكمية الإنتاج، كون النمط الزراعي السائد هو النمط البعلي (الزراعة البعلية).

 هناك مشكلة أخرى بالنسبة لزراعة القمح في المنطقة حيث تقلصت مساحات زراعة القمح على حساب زراعة أصناف جديدة من المزروعات مثل الكمون، والذي فيه الايجابية والسلبية من ناحية انخفاض انتاج الأقماح الذي يعد الغذاء الأساسي لمعظم السكان في روج آفا وسوريا، وبالنسبة للمبيدات فهي متوفرة ولكنها مرتفعةُ الثمن لأنها مستوردة ومهربة، وبعضها غير فعالة ورديئة، لذا أنصح أغلب المزارعين باتباع الدورات الزراعية والقيام بأعمال الحراثة والعزق وتنظيف الأرض بشكلٍ دوريٍ للمحافظة على خصوبة التربة والاعتماد على الأسمدة العضوية كونها رخيصة الثمن وتخصب الأرض، كون الأسمدة غير متوفرة والكميات التي تصل إلى المقاطعة قليلة ولا تغطي حاجة المقاطعة”.

وفي ختام اللقاء مع المهندس سليمان حسن أكد حسن على أهمية تقديم الدعم والارشاد للمزارع والفلاح كونه صاحب هذا القطاع الانتاجي الرئيسي في روج آفا.

من هذا الواقع وعلى الرغم من كل المعاناة والأسباب السابقة الذكر والتي أثرت  في تراجع الإنتاج، إلا إن الانتاج الزراعي لم يتوقف وذلك بفضل الفلاح الذي أصرَّ على زراعة أرضه رغم كل الظروف والمعاناة التي اعترضته، كما شكَّلَ حالةً الأمن والاستقرار النسبي التي حققتها الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الجزيرة، بالإضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها الجهات المعنية في الإدارة الذاتية بمتابعة القطاع الزراعي من الإنتاج إلى التسويق وتقديم كل الجهود والإمكانات المتاحة.

حيث حاولت هيئة الزراعة والري بكوادرها الفنية والإدارية أن تلعب دوراً إيجابياً في تحقيق الاستقرار للمحاصيل الزراعية.

 وتقوم هيئة التطوير الزراعي والتي تهتم بتطوير القطاع الزراعي، وإيجاد الآليات والأدوات المناسبة لرفع الكفاءة الإنتاجية في المقاطعة.

حيث قامت الهيئة بافتتاح دوائر لها في مدن مقاطعة الجزيرة، والتي تقدم  خدماتها للفلاحين من الترشيد ومدهم بالبذور ومستلزمات الزراعة المتوفرة لديهم وخصوصاً فيما يتعلق بإنتاج محصول القمح، كذلك تزويدهم بالمبيدات والأسمدة المتوفرة في سبيل الحفاظ على هذا المورد الهام والذي نسميه بالذهب الأصفر(القمح) .

تقرير- دوست ميرخان

زر الذهاب إلى الأعلى