مقالات

قانون قيصر وأبعاده الاستراتيجية

آلان سليفي

مع دخول قانون قيصر في 17 الشهر الحالي حيز التنفيذ نكون أمام مرحلة فريدة من عقوبات شاملة ربما لم يعرف العالم مثيلاً لها منذ نهاية الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي في ثمانينات القرن الماضي حيث سيشكل دخول قانون قيصر تحولاً مهماً في تعاطي الولايات المتحدة الأمريكية مع الملف السوري.

حيث يمنح القانون الرئيس الأمريكي معاقبة النظام السوري على جرائم الحرب التي ارتكبتها في حق المدنيين السوريين، ويمنحه الحق في وقف العقوبات إذا ارتأى أن الأفراد المعنيين بالنزاع انخرطوا في المفاوضات التي ترمي إلى وقف العنف ضد المدنيين، وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي للقانون هو حماية المدنيين من العنف، إلا أن معظم بنوده تتناول عقوبات اقتصادية ومالية ومصرفية تستهدف بشكل أساسي عملية إعادة إعمار سوريا، بحيث يبين القانون حرص واشنطن على أن يكون لها كلمة الفصل في هذا المسار ويستهدف أيضاً عدداً من الصناعات من ضمنها كل ما يتعلق بمشاريع البنية التحتية والصناعات العسكرية وانتاج النفط والطاقة.

يجيز هذا القانون مراقبة أعمال المصرف المركزي في مجال غسيل الأموال، كما يجيز لوزير الخزانة الأمريكية ضمن 90 يوم من دخوله حيز التنفيذ أن يحدد ما إذا كان المصرف المركزي السوري مؤسسة لغسيل الأموال، وفي حال ثبت ذلك سيرفع الوزير تقريراً إلى الجهات المعنية لإنزال عقوبات على المصرف.

التداعيات الاقتصادية لا تقتصر على النظام السوري فقط بل ستشمل حزب الله وإيران وروسيا، وقد أكد قانون القيصر أن المرحلة الثانية من تطبيقه ستبدأ بين شهري “تموز وآب” المقبلين، وستفرض عقوبات على كل من يتعاون مع النظام السوري عسكرياً ومالياً.

حيث أكد قانون قيصر على أن العقوبات الأمريكية لن تُرفع عن النظام قبل تحقيق شروط عدة: وقف قصف المدنيين والمراكز الطبية والمدارس والمناطق السكنية، رفع الحصار عن المناطق المحاصرة، السماح بمرور المساعدات الانسانية، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح بدخول منظمات حقوق الإنسان إلى المعتقلات، عودة المهجرين بطريقة آمنة، محاسبة مرتكبي جرائم الحرب.

يمنع القانون أي محاولة دولية للانفتاح على النظام السوري سياسياً، وقد أكدت واشنطن أن كل الحكومات التي تسعى إلى المصالحة وإعادة العلاقات مع النظام السوري ستكون للعقوبات عرضة.

كما يحق لواشنطن فرض منطقة آمنة أو منطقة حظر طيران إذا ارتأت أن هناك خطر أو تهدد لمصالحها.

وفقاً لهذه المعطيات لم يكون قانون قيصر مجرد قانون بل هو قانون متحرك وفق المتغيرات الواقعية فضلاً عن كونه يمتلك أذرعاً عسكرية بعبارة أخرى سيخضع القانون لاعتبارات السياسة والمصلحة بالنسبة لواشنطن، وتكمن أهمية قانون القيصر في؛ إنه يتجاوز البعد الاقتصادي ليشكل تهديداً استراتيجياً للنظام السوري وإيران وروسيا لأنه سيمنع روسيا وإيران من أي استثمار سياسي أو اقتصادي.

نقلاً عن صدى البلد

زر الذهاب إلى الأعلى