المجتمعمانشيت

قانون العاملين (أهميته وتفاصيله)

من بين الحروب والأزمات التي عصفت بالشعب السوري منذ بدء الأزمة السورية وما زالت, تبنت شعوب شمال وشرق سوريا مشروعها الديمقراطي المتمثل بالإدارة الذاتية الديمقراطية, فبعد أن تكللت مقاومة هذه الشعوب بإعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية في إقليم الجزيرة, بلغ عدد الإدارات الذاتية سبع إدارات نتيجة هزيمة تنظيم داعش بمقاومة كافة مكونات وشعوب شمال وشرق سوريا, وتعتمد الإدارة الذاتية في عملها على النظام المؤسساتي الذي جمع تحت جناحه جميع أبناء المنطقة, وتم خلق مئات الآلاف من فرص العمل ضمن هذه المؤسسات, وبذلك تطور مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية خدمياً ومؤسساتياً بفضل هؤلاء العاملين, وبعد سنوات من المقاومة والعمل كان لا بد من إجراءات مصيرية تؤمن حقوق العاملين في مؤسسات هذه الإدارة وتحدد واجباتهم, وبهذا الصدد وعبر خطوة تاريخية ومصيرية وبعد أن عقد المجلس العام بالإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا جلسة على مدار يومين متتاليين في 21 و22 -1 -2020 تمت المصادقة على قانون العاملين الموحد في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, التي تتألف من سبع إدارات ذاتية, ويعتبر هذا القانون بمثابة إنجاز تاريخي للإدارة الذاتية, حيث أنه يتألف من 137 بنداً تتضمن حقوق العاملين وواجباتهم, وتنظم العمل المؤسساتي وتطوره, وشروط وأسس التوظيف وكل ما يتعلق بشؤون الموظفين, حيث يبلغ عدد العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا حوالي 250 ألف عامل.

كانت هناك حاجة وضرورة ملحة لإصدار هذا القانون في هذه المرحلة

ومن أجل إلقاء الضوء على هذا القانون وتفاصيله التقت صحيفة الاتحاد الديمقراطي مع (هدية يوسف) عضو ديوان المجلس التشريعي في إقليم الجزيرة بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لشرح أهم بنود هذا القانون, وبدأت يوسف حديثها بالقول:

قانون العاملين الموحد الذي تم تصديقه من قبل المجلس العام في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا صُدر بعد نقاشات طويلة حوله لكي يكون مراعياً لمصالح وطموحات واحتياجات الشعب, وأيضاً بجهود مشتركة من قبل اللجان القانونية والاقتصادية والمالية والمدنية في كافة الإدارات الذاتية السبعة بشمال وشرق سوريا, وتمت مناقشته مع الاتحادات النقابية واللجان المعنية, وكانت هناك حاجة وضرورة ملحة لإصدار هذا القانون في هذه المرحلة, إذ يبلغ عدد العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية حوالي 240 ألف عامل يجب أن يتم صون حقوقهم الوظيفية وتحديد واجباتهم تجاه هذه الإدارة الذاتية والشعب, فهم قاموا بعمل كبير ومهم منذ انطلاق الثورة وحتى الآن.

يتميز هذا القانون بالشمولية والتوسع والإيجابية

وتابعت يوسف: في إقليم الجزيرة التابع للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا كان قانون العاملين موجوداً ومصدَّقاً من قبل المجلس التشريعي في الإقليم, ولكن بسبب التوسع الجغرافي الناتج عن تحرير مناطق جديدة من الإرهاب حيث وصل عدد الإدارات الذاتية في شمال وشرق سوريا إلى سبعة, تطلب ذلك إصدار قانون موحد وشامل للعاملين في مؤسسات الإدارات الذاتية السبع, وبتاريخ 21و22 من شهر كانون الثاني من هذا العام تمت مناقشة قانون العاملين الموحد من قبل المجلس العام للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا, وتمت المصادقة عليه, ويتميز هذا القانون بالشمولية والتوسع والإيجابية حيث بلغ عدد بنوده 137 بند, ويشمل جميع العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا, ويستثنى منه العاملين في دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية و جهاز الرقابة والتفتيش والرقابة المالية و قوات سوريا الديمقراطية و العاملون في جامعات الإدارة الذاتية الديمقراطية مع مراعاة قرار الرئاسات المشتركة للمجالس التشريعية والتنفيذية ومجالس العدالة التي تحدد أجور تلك الجهات المستثناة, ولا يشمل العاملين في الجهات الخاصة والمنظمات الموجودة في هذه المنطقة, ويتضمن شروط التوظيف في المؤسسات والإجازات بأنواعها السنوية والصحية وإجازات الحج والإجازات بدون أجر, وآلية التعويضات كالانتقال وطبيعة العمل وغيرها.

بالنسبة للفئات الوظيفية فقد تم تحديدها على النحو التالي:

– الفئة الأولى: وتتضمن حاملي الشهادات الجامعية( أربع سنوات وخمس سنوات دراسية كالدبلوم والتأهيل وشهادة الدكتوراة).

– الفئة الثانية: المتخرجين من المعاهد بأنواعها الحاصلين على الشهادة الثانوية بأنواعها.

– الفئة الثالثة: حاملي شهادة التعليم الأساسي.

– الفئة الرابعة: وتتضمن العاملين المهنيين والحرفيين الذين يكون عملهم يعتمد على الجهد البدني.

– الفئة الخامسة: وتتضمن العاملين العاديين الذين يبذلون الجهد العضلي.

وأضافت يوسف: على أساس هذه الفئات سيتم تحديد نسب الأجور والعلاوات والمكافآت والتعويضات مع مراعاة القِدم الوظيفي, وتعويضات العمل الإضافي وأجور ساعات العمل, ونستطيع القول أن العامل سيستفيد كثيراً من هذا القانون.

وكذلك تم تحديد شروط التعيين في مؤسسات الإدارة الذاتية والتي هي على النحو التالي:

– حاملو الجنسية السورية.

– المجردون من الجنسية السورية بسبب سياسة نظام البعث كمكتومي القيد والأجانب.

– أهالي المحافظات السورية (التي هي خارج مناطق الإدارة الذاتية) المقيمون في المنطقة إذا كانت هناك حاجة واستفادة من خبراتهم.

– العمر من 18 حتى 50 سنة.

– مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة.

– أولوية التوظيف لعوائل الشهداء بناءً على مقترحات هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل, وتحديد نسبة التوظيف في أية مسابقة تعيين ب10% من ذوي الشهداء.

– مراعاة المرضى وحاملي العاهات.

– يتم التعيين بحسب النظام الداخلي للجهات العامة(الإدارات الذاتية والمؤسسات والهيئات) سواء عن طريق المسابقات أو الاختبارات, حيث أن كل جهة لها نظامها الداخلي الخاص بها.

وسيتم تحديد الأجور بحدها الأدنى والأقصى اعتماداً على النظام الداخلي والقانون العام في جداول الأجور الملحقة الذي لم يتم الانتهاء منه بعد, وقد نشرت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام جداولاً تتضمن أجور الفئات في قانون العاملين, ولكننا نؤكد أن تلك الجداول غير صحيحة, لأنه بعد مصادقة قانون العاملين الموحد في شمال وشرق سوريا تم تشكيل لجنة مؤلفة من هيئة المالية ومجموعة من الخبراء الاقتصاديين واللجان الحقوقية التابعة للإدارة الذاتية لتحديد الأجور لكل فئة, وهذه اللجنة ما زالت مستمرة في إعداد الجداول ولم تنته منه بعد, وقد أقر المجلس العام بتنفيذ كافة بنود  قانون العاملين الموحد للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا من خلال إصدار اللائحة التنفيذية خلال ثلاثة أشهر, وستتضمن تلك اللائحة جداول الأجور لكل الفئات, وقد يتم تنفيذ بعض هذه البنود قبل المدة المحددة.

هذا القانون يصون حقوق المرأة العاملة ضمن المؤسسات

كما أشارت يوسف إلى ما يعطيه هذا القانون من أهمية للمرأة العاملة, حيث قالت:

 أعطى هذا القانون الكثير من الأهمية للمرأة العاملة, وصون حقوقها, فقد تم تحديد إجازات الأمومة ب3 أشهر لكل مولود, ومن حق المرأة العاملة أخذ إجازة شهراً إضافياً تتقاضى فيه 75% من راتبها, وتم تحديد ساعات الرضاعة ضمن الدوام الرسمي بساعة واحدة في اليوم حتى يبلغ عمر الرضيع سنة واحدة, وصون حقوق المرأة العاملة ضمن المؤسسات بحسب لوائح النظام الداخلي لكل مؤسسة وكل إدارة ذاتية وقانونها.

وتابعت يوسف: بالنسبة للتعويضات والعمل الإضافي فهناك  تعويض الانتقال يتقاضاه الموظف إذا قطع مسافة تتجاوز ال50 كيلو متر, وتحسب له كمهمة عمل, وبالنسبة للعمل الإضافي فيجب أن تكون ساعات العمل بين ال 8ساعات وال12 ساعة خارج أوقات الدوام الرسمي, أي بين 42 و48 ساعة في الأسبوع, على هذا الأساس تحسب له مهمة عمل.

وبالنسبة للإجازات السنوية فهي:

– 15 يوم في السنة لمن لم تتجاوز خدمته ال5 سنوات.

 -21 يوماً في السنة لمن كانت خدمته بين5 سنوات وحتى 10 سنوات.

 -26 يوماً في السنة لمن كانت مدة خدمته بين 10 سنوات و20 سنة.

– من تجاوز سن ال50سنة أو بلغت خدمته 30 سنة فله الحق بأكثر من 26 يوماً في السنة.

وأيضاً تم إقرار إجازات خاصة بدون أجر, يستطيع العامل الحصول عليها من هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل على أن لا يكون قد حصل على إجازات عادية تتجاوز ال26 يوماً, والإجازات الصحية السنوية تم تحديدها ب200 يوم متواصلة أو متفرقة, ال30 يوم الأولى تحسب بنصف الأجر, و170 يوم تحسب بأجر كامل, وهناك أيضاً إجازات استثنائية كإجازة الزواج التي تم تحديدها ب7 أيام, وإجازة وفاة أحد أفراد العائلة حُدّدت ب7 أيام, وتم تحديد إنهاء الخدمة عندما يبلغ العامل عمر ال60 سنة, وتتضمن عدة حالات كالتسريح عندما يكون هناك ضعف في العمل من قبل العامل, أو التسريح لأسباب صحية, أو الوفاة, وهناك حالة الطرد التي تسبقها عدة إجراءات وعلى مراحل, كالإنذار والتنبيه وتأخير الترفيع السنوي أو إيقافه, ثم الطرد والإعفاء من الخدمة.

وبالنسبة ل سن التقاعد فقد قالت يوسف موضحةً:

إذا بلغ العامل ال60 سنة وأراد الاستمرار في عمله بناء على رغبته أو كانت هناك حاجة إليه فبقرار من الرئاسة المشتركة للهيئة التابع لها يتم التمديد له 5 سنوات تحسب له الترفيعات السنوية بشكل طبيعي, وعند التقاعد يتقاضى سقف أجره من المؤسسة التي عمل فيها ولا تحسب له العلاوات والتعويضات والترفيعات.

واختتمت يوسف حديثها بالقول:

الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا أصدرت حتى الآن خمسة قوانين, وقانون العاملين يعتبر من أكبر منجزات هذه الإدارة, وستستمر في إعداد القوانين التي ستصب في مصلحة مكونات وشعوب المنطقة, فقد تم منذ أيام إصدار قانون استخراج بطاقات عائلية للتدفئة, ويتم العمل على إعداد قانون الضمان الصحي, وقانون تحديد العطل الرسمية التي ستحدد أيام العطل الرسمية بحسب الأوضاع ومن قبل الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي, وندرس إعداد هذا القانون لكامل شمال وشرق سوريا, وتقوم اللجنة القانونية في المجلس العام للإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا على إعداد عدة قوانين ستصدر في المستقبل.

كلمة المحرر:

من خلال قانون العاملين الموحد ستكون كافة حقوق العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا محفوظة ومصانة, وسيتطور عمل مؤسسات الإدارة الذاتية, وسيتم خلق فرص عمل باستمرار,  وكذلك سيعمل هذا القانون على التخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنطقة وسوريا عامة, وسيعرف كل عامل ما له من حقوق وما عليه من واجبات, وستستفيد منه كافة مكونات وشعوب شمال وشرق سوريا.

زر الذهاب إلى الأعلى