حواراتمانشيت

فاطمة حسن: ثورة روج آفا هي ثورة المرأة

بمناسبة حلول يوم المرأة العالمي ألتقت صحيفة الاتّحاد الدّيمقراطي مع الإداريّة في مؤتمر ستار فرع حلب (فاطمة حسن) لتحدّثنا عن معاني هذه المناسبة في ظل ثورة روج آفا الّتي كان أساسها المرأة, حيث بدأت فاطمة حديثها قائلةً:

 إنّ هذه المناسبة العظيمة الّتي تصادف يوم الثامن من آذار تعبّر عن مقاومة ونضال المرأة ضدّ الظّلم والعبوديّة, فقد كانت المرأة عبر التّاريخ تطالب بالمساواة بينها وبين الرّجل, وقد كانت منذ خمسة آلاف سنةٍ تعمل وتنتج, وكانت مثل الآلهة  فهي الّتي تنجب الاطفال وتربّيهم من أجل الحفاظ على الحياة, وتشكّل أساس المجتمع المحيط بها.

 ونوّهت فاطمة إلى أنّ المرأة كانت تقوم بدورها في إدارة الحياة والمجتمع منذ آلاف السنين, وكانت أساس الحياة في تلك الفترة يعتمد على المساواة بين المرأة والرجل ولا تفرّق بينهما, فالمرأة كانت أوّل من اكتشف الزّراعة والنّار,’ وكل ما تتعلمه المرأة لم يكن ينحصر بها وإنّما كانت تعلّمه للآخرين, فقد صنعت الدّواء من الأعشاب لمداوة المرضى, وتلك كانت الفترة النيّرة لحياة المرأة, حيث كان لها الدّور الكبير في الحوار والتّشاور والنّقاش, وكانت تتمتّع بكامل الاحترام وخاصّةً من الجنس الذّكوري, إلّا أنّ التّحول السّلبيّ اتّجاهها بعد تلك الفترة كان من قبل السّلطويّة الذّكوريّة, حيث كانت هذه السّلطويّة ضد احترام المرأة, وأصبح القرار والسُّلطة في أيدي الرّجال, ودخلت المرأة في زمن الظّلم والعبوديّة والقهر, وأصبحت عبدةً  للرّجل والمجتمع ومهمّتها كانت خدمة المنزل وإنجاب الأطفال.

وتابعت فاطمة: حاولت المرأة أن تخرج من الفترة الظّلاميّة والعبوديّة  الّتي فُرضت عليها, وبرز ذلك من خلال أسماءٍ لمعت في التّاريخ كزنوبيا و شجرة الدّر وكليو باترا و سميرأميس, فكلّهنّ ناضلن من أجل تخليص المرأة من العبوديّة الّتي فّرضت عليها من قبل الذّهنية الذّكوريّة المتسلّطة, والنساء كنّ في مقدمة من شاركن في نضال الثّورات, ولم تستطع المرأة في تلك المرحلة أنّ تتخلّص من الظّلم الّذي مُورس عليها, وحقوقهنّ كانت معدومةً, ولم تستسلم أمام العقبات رغم فرض القوّة عليها لتبقى في قوقعتها.

وعن بعض أشكال نضال المرأة تحدّثت فاطمة:

طرأ تحوّلٌ كبيرٌ في حياة المرأة في العصر الحديث, وكمثالٍ عن ذلك نذكر المناضلة ليلى قاسم  الّتي ناضلت من أجل تحرر المرأة ونيل حريّتها التي سُلبت منها, لذلك اعتقلها النّظام البعثي في العراق وبعد التّعذيب تم إعدامها من قبل هذا النظام.

 وأكدت فاطمة على أنّ التّحول الكبير والانبعاث لولادة حياةٍ جديدة ٍفي تاريخ المرأة الّذي تبناه القائد عبدالله أوجلان من خلال فكره وفلسفته في التّاريخ والحياة, بيّن أنّ سبب الصّراع في المجتمعات هو عدم المساواة بين الرجل والمرأة, فأراد القائد أن يحرّر المرأة لأنّ حريّة المرأة هي من حريّة المجتمع, وإذا لم تكن المرأة حرّةً فلن يكون هناك مجتمعٌ حرٌّ, وبدأ القائد يبحث في تاريخ المرأة الّذي تغيب عن الذّكر طوال الفترات التّاريخيّة الّتي مرّت, ومن خلال تحليله ودراسته أكّد القائد أنّ المرأة يجب أن تتحرّر من الذّهنية الذّكوريّة السّلطويّة.

وعن نتائج السلطويّة الذّكورية أوضحت فاطمة:

العالم دخل في حروبٍ داميةٍ كالحرب العالميّة الأولى والثّانية, حيث دُمّرت الشّعوب بواسطة آلات القتل والإبادة, و ليس فقط الشّعب الكردي والشّعب العربي والعلوي إنّما كافّة الشّعوب كالأرمن الّذين تعرّضوا لأكبر إبادةٍ  في التّاريخ, كما أن مجزرة حلبجة بحقّ الكرد الّتي ذهب ضحيّتها أكثر من خمسة آلاف شخصٍ من الأطفال والنّساء, على مرأىً من أنظار العالم أجمع وبالسّلاح الكيماوي المحرّم دوليّاً, وإننا الآن نشهد الحرب العالميّة الثّالثة, فقد كثر القتل والدّمار وتهجير الشّعوب, كلّ هذه المجازر كان سّببها سلطة الدّولة أي السّلطة الذّكوريّة .

وعن قصّة يوم المرأة تحدّثت فاطمة: كانت المرأة تعمل في المعامل بنصف الأجر الّذي يتقاضاه الرّجل, فلم تتحمّل هذا التميّيز والظّلم, لذلك قامت بالإضراب عن العمل وخرجت بمظاهراتٍ وتدخل البوليس لقمعها, وذهب ضحيّة هذا القمع الكثير من النّساء المناضلات, ووضعت العديدات منهنّ في السّجون, وبعد انتهاء مدة السّجن فُصلن من العمل, وبعد فترةٍ جمعن أنفسهنّ أمام معمل تاكستين في نيويورك واقتحمن المعمل,  فتدخّل البوليس بوحشيّة وقتل ( 129 ) مناضلة, كلّ ذلك من أجل فرض السلّطة الذّكوريّة,  كان هذا الحادث في الثّامن آذار.

 وتابعت فاطمة:

(كلارا زيتي و روزا ) جعلن من هذا اليوم يوم مقاومة النّساء ضدّ الظّلم والعبوديّة, وعندما تمّ تشييع الجّنازات في الولايات المتّحدة الامريكيّة أُعلن هذا اليوم (يوم مقاومة النّساء ضد الظّلم) وأصبح يوم الثامن من آذار (عيد المرأة العالمي ), والنضال بقي مستمرّاً الى أن أتت حركة حزب العمّال الكردستاني بقيادة القائد عبدالله أوجلان, والمرأة كانت من الأوائل الّذين انضمّوا إلى الحركة في الحزب, وأوّل المناضلات سارة ( سكينة جانسيس ) الّتي ناضلت مع القائد عبدالله أوجلان و اعتّقلت من قبل السّلطات التّركيّة, ومن داخل السّجن كانت تناضل ولم تستسلم للقوى الفاشيّة التركيّة فعذّبتها السّلطات التّركية وبعد فترةٍ تم الإفراج عنها واستمرّ نضالها في فرنسا مع رفيقاتها (ليلى وفيدان), إلا أن الاستخبارات التركيّة والفرنسيّة والدوليّة تعاونت في اغتيال الشّهيدات الثّلاثة اللاتي كنّ ينادين بحريّة المرأة وجعلها جزءً أساسيّاً من الحياة والمجتمع, والآن مقاومة روج آفا هي استمرارٌ لنضال الشّهيدات الثّلاثة, وكما في الجبال (ـSTAR YJ)وفي روج آفا (YPJ ) ناضلت وقاومت أمام أكبر أنواع الإرهاب في العالم الممثّل في داعش, ولم يستطع هذا التّنظيم الإرهابي أن يصمد أمام عظمة وإرادة وقوّة المرأة في روج آفا والبطلات أمثال آرين ميركان في كوباني الّتي انتصرت بفضل مقاومة المرأة ضدّ قوى الإرهاب والدّولة التركيّة الطّورانيّة.

وعن دور المرأة في مقاومة عفرين قالت فاطمة:

مقاومة العصر في إقليم عفرين هي استمرارٌ لمقاومة  الشّهيدة  آرين, وهذا ما تجلّى من خلال الشّهيدة الأسطورية أفيستا خابور, وعظمة تضحيتها أمام الإرهاب التّركي الممنهج, وكذلك البطلة الشّهيدة بارين كوباني وقعت في الأسر ومثّلوا بجثتها بشكلٍ بعيدٍ عن الأخلاق والإنسانيّة, فأيّ دين من الأديان يدعو إلى التّمثيل بجثث الشّهداء وخاصّة النّساء, هذا إن دلّ على شيءٍ فإنّما يدلّ على الرّعب والخوف من مقاومة المرأة وإرادتها, فحتّى وهي ميتة كانوا يخافونها, وهدفهم الوحيد هو كسر إرادة المرأة ومعنويّاتها, ولكن حصل العكس, إذ أصبحت إرادة المرأة اقوى في النّضال والمقاومة والانتصار, وكلّ يومٍ وحدات حماية المرأة تثبت قوّتها أكثر أمام إرهاب الدّولة التّركيّة الفاشيّة بحق الشّعوب عامةً وبحقّ شعبنا في إقليم عفرين خاصّةً.

وعن دور المرأة في الشّمال السّوري في ثورة المرأة في العالم أوضحت فاطمة:

إنّ ثورة روج آفا هي ثورة المرأة, وسوف تدافع عن تحرّر المرأة في كلّ أنحاء العالم من العنف والظّلم الذي يُمارس ضدها, وبدأت المرأة تمارس الحياة السّياسيّة والعسكريّة والاجتماعيّة والثّقافية, ولذلك نجحت ثورتنا في روج آفا وإقليم عفرين بمقاومة آرين وبارين وأفيستا, وبهذه المناسبة نحيّي جميع النّساء في العالم, ويجب أن نعمل بشكلٍ متواصلٍ من أجل خلاص المرأة بشكلٍ كاملٍ من الظّلم ومن الذّهنيّة الذّكوريّة المتسلّطة, ونحن النّساء في الشّمال السّوري نرسل تحيّاتنا إلى القائد الأممي وقائد السّلام والدّيمقراطيّة وقائد مشروع الأمّة الدّيمقراطيّة وأخوّة الشّعوب والعيش المشترك, وأوّل من حرّر المرأة من الظّلم وجعل حريّتها أساس الحياة, القائد عبدالله أوجلان.

واختتمت فاطمة حديثها بالقول:

 إنّ ما يحصل من حربٍ على إقليم عفرين هي بمثابة الحرب العالميّة الثّالثة, ونحن ننحني إجلالاً لمقاومة عفرين ولصمود عفرين وأهلها وأرضها وترابها وزيتونها ونسائها ورجالها وأطفالها, ونحن واثقون من النّصر والانتصار.

 حوار : علي استرفان

زر الذهاب إلى الأعلى