مقالات

عودة عفرين إلينا وعودتنا إليها

منذ اندلاع الأزمة السورية هب الشعب الكردي بالانضمام إلى الثورة، ولكن بنهج الخط الثالث الذي رسمه القائد “عبدالله أوجلان”، وكان لابد من خلق شيء جديد بعيد عن مفهوم الدولتية على مبدأ “الديمقراطية + الدولة” حسب مفهوم الأمة الديمقراطية الذي أتاح للمرأة قيادة الثورة والمساهمة في كافة ساحات النضال “الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية.

إن الذهنية الذكورية أدت إلى خلق فوضى وحروب عالمية لانهاية لها وجعلت الشعوب الوقود الأساسي لكافة الحروب، وبسبب هذه المفاهيم كلها زادت الضغوطات على جزء الشمال السوري بإرسال جماعات متطرفة للهجوم على مناطق روج آفا من كوباني إلى تل أبيض إلى بعض أجزاء مناطق الشهباء، كونها تحمل مشروعاً ديمقراطياً يشمل كافة شعوب المنطقة بغض النظر عن الديانة أو الانتماء السياسي أو الجنسية سواءً “عربي أو كردي”، ولكن تم تحرير كافة الأراضي المحتلة من تلك المجموعات بفضل تضحيات أبناء وبنات الشمال السوري بشكل خاص وباقي أجزاء كردستان بشكل عام رويداً رويداً حتى أصبحت الثورة في روج آفا صاحبة المشروع الوحيد الذي يملك الحل لمشكلة سوريا؛ فسوريا أصبحت ساحة لحرب عالمية ثالثة بقيادة دول إقليمية، كانت أحد أبرز قرابينها عفرين التي اُحتلت بمؤامرة دولية، ففي اليوم الأسود في تاريخ دول العالم كافة يوم 20كانون الثاني 2018 بدأت مؤامرة كبيرة على الشعب في مقاطعة عفرين, بالقصف على كافة النقاط العسكرية الأساسية بالطيران الهمجي الذي يدل على حقد كبير تجاه مشروعنا الديمقراطي /72/ طائرة حربية حديثة في سماء مقاطعة صغيرة تعاني من حصار خانق منذ سبع سنوات, وقامت بتأسيس نظام ديمقراطي يدير فيه الشعب نفسه بنفسه وبإمكانياته المحدودة وقامت المرأة بالمشاركة في كافة القوانين الصادرة والتي تتمثل بالرئاسة المشتركة “المرأة + الرجل” .

استطاع الشعب عن طريق هذا النظام خلق نظام بديل عن الدولة نوعاً ما, أي جعل دور الدولة ثانوي, ولكن عند بدء المؤامرة ظهرت كافة الدول على حقيقتها ولم يقم أحد بمساعدة “عفرين” إنما أخذ الجميع موقف المتفرج لذلك قرر الشعب العفريني المقاومة ورفض الاحتلال الخارجي, فهب الشعب بكل أطيافه وبقيادة واضحة من المرأة في مجتمع المقاطعة الذي جعل من /360/ قرية إضافة إلى مركز المدينة حصناً منيعاً أمام الأعداء فظهرت المقاومة أمام المؤامرة الدولية على مقاطعة عفرين, ولا يمكن لأي دولة في العالم تسمية ما جرى في عفرين بـ “معركة” فالمعركة يجب أن يكون الطرفان يملكان نفس الصفة الاعتبارية والقوة العسكرية.

كان من الواضح رغبة كافة الدول بإنهاء النظام الإداري في عفرين, فبالرغم من كافة النداءات للدولة السورية وكذلك لمنظمات حقوق الانسان لم يلبِّ أحد النداء واكتفوا بالتفرج, إلى أن أدرك الشعب أنه لا صديق للكرد سوى جبالهم وسلاحهم فقدموا تضحيات كبيرة بالجسد والنفس والمال وظهرت روح التعاون بين شعوب روج آفا, فقدِمَت الكثير من الوفود من مقاطعات “الجزيرة ,كوباني, الحسكة, تل أبيض” إلى عفرين لاستنكار ما يجري وليكونوا شاهدين على هذه المؤامرة من قبل الدول التي تتدعي الديمقراطية التي أخذت الموافقة من كافة الأطراف الدولية, في مقاومة عفرين سقطت جميع أقنعة الدول التي تملك تماثيل الحرية في ساحاتها وتملك أعياد تحرير بلادهم من الظلم وتقول عن قادة دمروا البشرية بأنهم عظماء أمثال” هتلر, نابليون, وتهمش في تاريخها قادة الشعوب المضطهدة مثل “كيفارا, مانديلا هم القادة الحقيقيون الذين أنقذوا الشعب من الضياع والدمار وأسسوا نظام جديد لهم بغية حياة كريمة للشعوب المضطهدة، وبعد كل ذلك كان لابد من الانسحاب إلى مناطق الشهباء حفاظاً على أرواح المدنيين وفي 18 آذار دخل الغزاة أرض عفرين, عفرين التي كانت أشبه بالجنة بمعالمها، فأصبحت مقدسة بدماء شهداء طريق الحرية فكل شجرة فيها سقيت بدماء أبناء نهج الحرية “بارين, أفيستا,…” والآن نعيش المرحلة الثانية لمقاومة العصر كما عاش أجدادنا في مجازر نحن الآن نعيش مثلها, لكن نحن لم نعد الشعب الكردي الذي لا يملك شيء فنحن الآن أصحاب مشروع ديمقراطي ولنا رصيد كبير من الشهداء ولنا فكر وفلسفة ترشدنا إلى طريق الخلاص, الآن نعيش حالة من رصِّ الصفوف وإعادة تجميع القوة التي نحتاجها لنرد على عدونا بكل قوة, ولن نقبل الهزيمة بل سنسعى إلى تكوين نظام جديد أقوى من ذي قبل لنعود إلى أرضنا المقدسة.

زر الذهاب إلى الأعلى