مانشيتمقالات

عندما تكون جبهة (النصرة) ضمان الحماية

ليلى موسى
خمس سنوات من الاحتلال، خمس سنوات من التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي، خمس سنوات والإنسانية تباد في عفرين. خمس سنوات على موت الضمير العالمي.
منذ 18 مارس 2018 وعفرين تعيش تحت نيران الاحتلال التركي بموجب مؤامرة دولية قذرة، وتمارس فيها شتى أنواع الانتهاكات المنافية للمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية. من قبل الفصائل الإسلاموية المرتهنة لدولة الاحتلال التركي وتأتمر بأوامرها.
خمس سنوات كانت كفيلة لتعرية حقيقة المجتمع الدولي ونفاقه وازدواجية معاييره حيّال ما يتعرض له سكان عفرين الأصلاء من تهجير ونزوح قسري، واختطاف وقتل واغتصاب ونهب وسرقة للممتلكات والأثار واستهداف المعالم الدينية وقطع الأشجار وتصحير المنطقة. وخلق فتنة كردية عربية عبر نشر ثقافة الكراهية، والقضاء على حالة التنوع عبر صبغها بالإسلاموية المتطرفة والتركياتية الشوفينية.
أخر تلك الانتهاكات كانت قتل أربع رجال من عائلة واحدة محتفلين بإيقاد شعلة نوروز في 20 مارس من هذا الشهر، جريمة لم تكن بغير المتوقعة أو المفاجئة، فتلك الفصائل منذ الأيام الأولى من غزوهم واحتلالهم لمدينة عفرين قاموا بتدمير تمثال كاوا الحداد لما يمثله من رمزية لنوروز والشعب الكردي. ذلك البطل الثائر على الظلم والديكتاتورية والاستبداد، كاوا الذي حامل شعلة النار معلناً عن بداية يوم جديد من الحرية والديمقراطية. منذ آلاف السنين وأحفاد كاوا يوقدون النار في ليلة نوروز ومعاهدين السير على نهجه في الحياة الكريمة والحرة. المرتزقة بفعلتهم هذه حاولوا استهداف والقضاء على روح التمرد لدى الشعب الكردي. تنفيذاً للمقولة التركية (الكردي الجيد هو الكردي الميت)، وخلق مجتمع ميت خالي من الهوية والثقافة والتاريخ والذاكرة.
ما قام به شباب جنديرس ما هو إلا وفاءاً لذكرى كاوا وجواباً لسياساتهم القمعية الانكارية، بأنهم شعب حيّ حافظ على ديمومته، وعصي على الانصهار والتخلي عن هويته خيانة. جريمة جنديرس ما هي إلا تكرار لسيناريو حادثة استشهاد سليمان آدي عندما تظاهر مع أقرانه الكرد وأخوته من السوريين دعاة الحرية والديمقراطية عام 1986 أمام القصر الجمهوري للمطالب من حكومة دمشق الاعتراف بعيد نوروز وجعلها عطلة رسمية، فكان الرد حينذاك مواجهته بالرصاص الحي.
وشهداء ايقاد شعلة نوروز عام 2008 محمد زكي رمضان، أحمد محمود حسين، محمد يحيى خليل من قبل أجهزة النظام البعثي في مدينة قامشلو. وأن اختلف الفاعلون والزمان والمكان لكن الذهنية هي ذاتها. ذهنية الانكار والاقصاء ورفض الأخر المختلف.
بعد 12 عاماً من الحراك الثوري السوري وخروج الشعب السوري بكافة أطيافه للمطالبة بحياة كريمة وتحسين الوضع المعيشي والحرية والديمقراطية، والأهم من كل ذلك الأمن الإنساني . 12 عاماً من التضحيات والملايين من النازحين والمهجرين والضحايا والجرحى وتدمير شبه كلّي للبنية التحية. يصبح معيار وضمان الحماية للمجتمع هو (جبهة النصرة). الذي يعتبر أبشع من حاول أن يكون من المعارضة ويمثل الثورة في سوريا.
حيث وجدنا وأثناء متابعتنا مجريات الجريمة النكراء بحق المدنيين العزل في عفرين بمجرد احتفالهم بعيدهم القومي كيف تحولوا إلى مرمى استهدافات مرتزقة تركيا، لتخرج على أثرها تظاهرات حاشدة تعمً ما تسمى بالشمال المحرر المحتل تركياً، والتي لم تحرر سوى من سكانها الأصلاء، مطالبين بتدخل الجبهة (فرع القاعدة) لحمايتهم من إجرام الفصائل المرتزقة. عندما يدفع اليأس البعض للمطالبة بتدخل (النصرة) ستبقى وصمة عار على جبين المجتمع الدولي لتخاذله مع الشعب ومطالبه المحقة.
ما يحدث في عفرين كارثة على كافة الأصعدة تتحمل مسؤولياته دولة الاحتلال التركي بالدرجة الأولى، وجميع الدول المتواطئة في احتلالها والتي تمت بموجب مقايضة واستبدال الغوطة بعفرين.
لإنقاذ ما تبقى ووضع حداً للانتهاكات المنافية لجميع المواثيق والأعراف الدولية. يتطلب من المجتمع الدولي إعلان منطقة عفرين (منطقة منزوعة السلاح) وإنهاء الاحتلال الفوري للدولة التركية وإخراج الفصائل الإسلاموية المرتزقة منها، وتقديم الجناة للعدالة.
العودة الآمنة والطواعية لسكانها الأصلاء إلى مناطق سكناهم الأصلية وبرعاية وضمانات دولية. وإلا ستتحول عفرين إلى أفغانستان ثانية، يديرها من تتلمذوا على يد أسامة بلادن والبغدادي وسيد القطب وأردوغان.

زر الذهاب إلى الأعلى