المجتمع

على هذه الأرضِ ما يستحقُّ الحياة

qamisloهي مدينةُ قامشلو، لا تشبهُ أنوثةَ المُدن ولا ذكورةَ الرجال، إنها الحلقةُ الوسطى بين الذكورة والأُنوثة.

تصنعُ شيئاً مهّماً لنفسها، من سعادةِ أبنائها وتعاستهم، من إبداعاتهم و خُذلانهم، تُحطّم كلّ شيء، وتُرمّم كلّ شيء.

مدرسةٌ للموسيقا في (سري كانيه): مشروعٌ ثقافيّ، تم افتتاحه مؤخّراً، لتعريف الأطفال بالثقافة والفلكلور الكرديين وإحيائهما من جديد، هذه المدرسة قفزةٌ نوعية في زمن الثورة، خطوةٌ في تنمية المواهب الفنية وقاعدةٌ لإحياء التراث من جديد في المدينة، ودروسٌ في الموسيقا لأطفالٍ، هم الأملُ في استعادة تراثهم المسلوب منذ زمن.

معهدٌ للأوركسترا في (قامشلو ): ُيعدّ الأولَ من نوعه في شمال “سوريا”، ليكون أولَ أكاديميةٍ موسيقية للأطفال، تعمل على تدريب الأطفال الصغار على كافة الآلات الموسيقية.

إنه إصرارٌ وتصميم على العيش في هذه الأرض، والمُضيّ قُدماً نحوَ حياة أكثر ُرقياً، إثباتٌ لإبراز الثقافات المتعايشة منذ آلاف السنين في سوريا.

هذا المعهدُ بوّابةٌ لتنمية المهارات والإبداعات الفرديّة للأطفال.

مركز (ستيرفا) للتدريب الإذاعي والموسيقي: للتدريب والتخصّص في مجال الصوت والإذاعة، وتخريج كوادر يملكون القدرات التي تأهلهم لممارسة هذا العمل. إضافةً إلى دوراتٍ في مجال الموسيقا والكونترول والإخراج الإذاعي والتلفزيوني, وتدريبٍ على كيفيّة الإعداد والتقديم.

مشروع (هنار) الثقافي: مشروعٌ نابعٌ من الضرورة التاريخية واستجابة للحاجة لإعادة إحياء الثقافة الكردية, خاصّة أنّ المنطقة تمرّ بمرحلة جديدةٍ, للشعب الكرديّ الدورُ الأبرزُ فيه.

إذ من الضروري تنشيطُ ثقافتنا التي هُمّشَت وتعرّضت للصّهر والسلب بشكل مُمنهَج من قبل السلطات الحاكمة في المنطقة، وذلك لطمر هذه الثقافة الموغلة في التاريخ والتي تُعتبرُ من أقدم الثقافات في المنطقة عموماً.

هناك عدّة أقسام يتضمنه المشروع، القسم الأساسي هو الترجمة إلى اللغة الكردية، وقسم الفلكلور الكردي، وقسم الأبحاث والأرشفة، وقسم النشر العام، حيث يقوم بنشر معظم النتاجات الثقافية، بعد الانتهاء من ترجمتها إلى الكردية.

 فكرةٌ تقوم على ترجمة النتاجات والكتب التاريخية والأدبية وغيرها من المطبوعات المكتوبة باللغات الأجنبية كالفرنسية والانكليزية والعربية، وترجمتها إلى اللغة الكرديّة.

مشروعٌ مُستقلّ قام بجهود مجموعةٍ من الشباب (مالفا علي/عبدو شيخو/زوهراب قادو/عباس موسى …)

إن ترجمةَ كتب ومؤلفات الباحثين والكُتّاب الأجانب إلى اللغة الكردية لا يعني أن الثقافة الكردية غيرُ غنيّة بنتاجاتها، لكن لِما لحركة الترجمة من أهميّة في إحياء الثقافة بشكل عام. إذ للترجمة دورٌ كبير في إثراء ثقافتنا.

إن أهميةَ الترجمة تأتي من منطلق الاستفادة من تجارب الأُمم السابقة، والتي كانت وفي وقتٍ ما تستفيدُ من النتاجات الثقافية والعلمية التي كانت تذخر بها حضاراتُ ميزو بوتاميا

-صالون شاويشكا الأدبي: في كل شهرٍ يجتمعون حولَ طاولةٍ لمناقشة روايةٍ اتفقوا على قراءتها، ويدور الحديثُ حولَ آراء الحضور من حيث الأفكار، والأسلوب، واللغة.

قراءة في كتابٍ بقعةُ ضوءٍ في مدينة تنقطعُ فيها الكهرباءُ عشرينَ ساعةً في اليوم، ومُتنفّسٌ للروح، والذهن في زمن الحرب والتفجيرات.

من قراءاتهم الممّيزة: سمر قند- زوربا- الجوع- السجينة- الخبز الحافي- الحب في زمن الكوليرا- القوقعة-  ولا سكاكينَ في مطابخ هذه المدينة.

تدور بينهم النقاشات وكأنها صلواتٌ إلى إلاهٍ مجهول، وتعاويذُ سحريّة يتلونها ويبعثرونها في الهواء حتى لا يختنقون. يستبطنون العالمَ الداخلي للشخصيات والأحداث وكأنهم يحتمون باجتماعهم من الموتِ والحصار والليل والتُرهّاتِ التي تُمزّقُ القلبَ.

مواجهةُ الحربِ بالموسيقا والأدبِ من بديهيّات التاريخ الإنسانيّ, ثمّةَ أُناسٌ في قامشلو تنحني لأرواحِ مَن يحمونَهم, ويُحاربونَ الظلاميينَ بنورِ القراءةِ وفرحةِ الموسيقا.

هنا في قامشلو, ما زالَ مُتّسَعٌ للحُلم, وعلى قدر الحُلم تتسّعُ الأرضُ بنا.

نعم، ما زالَ على هذه الأرضِ ما يستحقُّ الحياة.

سليمان محمود

زر الذهاب إلى الأعلى