الأخبارروجافامانشيت

صحيفة العرب: داعش جيش أردوغان الأسير في الحسكة

أشار الكاتب العراقي (علي الصراف) إلى أن المعارك التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضد موجات الجهاديين التي أطلقها تنظيم داعش لتحرير معتقليه من سجن غويران، ليست سوى تمرين أول على ما يمكن أن يحصل بالنسبة إلى السجون التي يبلغ إجمالي قاطنيها من معتقلي التنظيم الإرهابي  نحو 12 ألف عنصر.

وأكد الصراف في مقالة له على صحيفة (العرب)اللندنية بأن هذه المعارك تم خوضها بينما كان جيش أردوغان وميليشياته تهاجم مواقع قسد بقصد إضعافها وتشتيت قدرتها على حماية تلك السجون, وقال:

 لا يحتاج المرء أن يكون ساذجاً إلى ذلك الحد، بحيث يعتقد أن هجمات داعش وميليشيات أردوغان تمت من دون تنسيق مسبق.

وأوضح الكاتب بأن قوات قسد تؤدي مهمة أشبه بحماية العالم من جيش جرار من الإرهابيين وسط بيئة معادية من كل جانب, فأردوغان يريد من الأساس أن يفرض سيطرته على منطقة شرق الفرات, مشيراً إلى أن ميليشيات أردوغان تزعم أنها تريد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ولكن كلاهما يعتبر الكرد عدواً ويسعيان للسيطرة على المناطق التي تحكمها الإدارة الذاتية.

وأضاف الصراف في مقالته:

العداء التركي للكرد ليس أمراً جديداً, وأردوغان يخوض المعركة ضد الكرد في تركيا بنفس المستوى من الشراسة لحرمانهم من حقوقهم السياسية والثقافية، دع عنك حقوقهم القومية, وهو يلاحق ممثليهم في البرلمان ويملأ بهم سجونه ليس انتقاماً من تقدمهم الانتخابي الذي حصدوا به نحو 12 في المئة من أصوات الناخبين، وإنما انتقاماً من تطلعاتهم القومية ومن وجودهم نفسه.

ولفت الصراف أيضاً إلى أن نظام الرئيس بشار الأسد لديه اعتبارات أبعد، لأنه يخشى على وجوده هو, فسلطة الاستبداد لا تريد أن يكون لها شريك، حتى ولو بالقليل, موضحاً بأن نظام الأسد لا يريد صوتاً يطالب بحقوق ديمقراطية لكل الشعب السوري, وأن المسألة بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت فعلاً لاسيما وأن تمسك الكرد بأن تكون لهم حقوق قومية من ناحية، والمساواة في الحقوق الديمقراطية لكل الشعب السوري من ناحية أخرى، وهو الأساس لنهاية هذا النظام, مؤكداً بأن ثمة سباق محموم بين جيش الأسد وجيش أردوغان للسيطرة على ما تسيطر قسد عليه.

وقال لصراف أيضاً:

كل الذين يظنون أن نزعات أردوغان التوسعية هي تطلعات رجل أحمق، في مواجهة النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط أو الفرنسي في أفريقيا، سرعان ما سوف يكتشفون أنهم هم الحمقى, ولئن بدا جيش الأسد مشلولاً بسبب ضعفه والقيود التي يحاول أن يفرضها الروس على مشاركة ميليشيات إيران في الهجمات ضد مناطق شرق الفرات، فإن جيش أردوغان يتمتع بوضع أفضل بسبب صلاته بالولايات المتحدة، وهي صلات يستخدمها للمناورة وليس للتنسيق.

وأضاف:

عندما بدأت هجمات داعش على سجن غويران، كانت طائرات وميليشيات جيش أردوغان تواصل هجماتها ضد قوات قسد، في دلالة على أن داعش خطط لعملياته ضد هذا السجن بينما كانت قسد تدافع عن مواقعها في تل تمر وغيرها, وهي بينما كانت ترسل تعزيزات إلى جبهات المواجهة مع جيش أردوغان، فقد كان الفراغ يتسع حول سجن غويران وغيره من السجون التي يُحتجز فيها الدواعش.

وأكد الصراف أيضاً بأن الصلات بين جيش أردوغان وداعش ليست خفية على أي حال, فعلى امتداد سنوات الخلافة كانت التبادلات التجارية عبر الحدود توفر لدولة داعش كل ما تحتاجه من مقومات, كما لم يكن خافياً أن تركيا ظلت تستقبل جرحى داعش في مستشفياتها, وعندما تمكن الكرد من تحرير أول بلدة على الحدود بين تركيا وبين دولة الخلافة، فقد انتقم جيش أردوغان من كوباني بسلسلة من عمليات القصف، حتى انتهى الأمر وفقاً لسباق التسويات بأن أصبحت البلدة خاضعة لجيش الأسد برفقة القوات الروسية, رغم أنها كان يتعين أن تبقى أيقونة للرجال والنساء الكرد الذين قاموا بتحريرها وانطلقوا منها ليهزموا دولة الخلافة.

وأوضح الكاتب العراقي بأن المشروع الأردوغاني ما يزال بحاجة إلى قوة قتال طليعية مثل داعش لفتح الطرق أمام نفوذه في سوريا والعراق، ولدى الولايات المتحدة, لذلك فإن تحرير 12 ألف جهادي من سجون الحسكة سوف يوفر لأردوغان جيشاً من الانكشارية الجدد ليدفعهم من جديد، وهو من ورائهم، إلى أطراف دمشق وبغداد مثلما كان الحال في الأعوام التي تلت إعلان دولة الخلافة, وقال الكاتب في مقالته:

سوف يستطيع أردوغان أن يحول جزءاً كبيراً من جهاديي داعش إلى مرتزقة يرسلهم ليس إلى ليبيا وحدها وإنما إلى دول أخرى في القارة الأفريقية، التي يبذل من الأساس جهداً دبلوماسياً مشهوداً من أجل التوسع فيها, وسوف يرسلهم إلى مالي وموزمبيق وبوركينا فاسو وغيرها، ليأتي بقواته من خلفهم.

لقد دفع أردوغان بجيشه لمحاربة قسد، لتحرير جيشه الأسير في سجون الحسكة, هذا عمل ما من سبيل للنظر إليه على أنه مجرد صدفة، إلا من وجهة نظر الحماقة التي اعتبرت أردوغان شريكاً في الحرب ضد الإرهاب، بينما هو شريكٌ للإرهاب في الحرب ضد الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى