مقالات

سياسة التتريك من قبل الاحتلال التركي

محمد أمين عليكو

ما زالت سياسات التغيير الديموغرافي من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته مستمرة في المناطق التي تحتلها، إدلب، مناطق الباب، جرابلس، الراعي، اعزاز وبشكل ممنهج وخاص في مدنية عفرين وريفها.

فمنذ احتلال عفرين تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية AKP بقيادة المجرم أردوغان بأقصى درجات السرعة إلى تتريك المنطقة بكاملها وعلى كافة المستويات (التاريخية والثقافية والاجتماعية والبنية التحتية ومصادرة أملاك الناس أمام مسمع المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي وغض نظر روسي أميركي).

حكومة أردوغان تشرف بشكل مباشر على هذه التغييرات عبر اتخاذ المزيد من الخطوات بفتح مشاريع تعليمية إخوانية تابعة لها بشكل مباشر، أو عبر فرض مؤسساتها المختلفة على المدنيين في تلك المناطق بقوَّة السلاح والترهيب عبر مرتزقتها وجيشها الاحتلالي.

وهذه الخطوات تؤكد النية التركية الاستعمارية لمناطق سوريا وحلم الميثاق الملي (من كركوك إلى حلب).

ففي الأمس و بتوقيع مباشر من زعيم التنظيمات الإرهابية أردوغان، أعلنت أنقرة في السادس من شباط ٢٠٢١ عن افتتاح كلية الطب البشري، إلى جانب معهد عالي للعلوم الصحية ـــ في بلدة الراعي التابعة لمدينة الباب في الريف الشمالي الشرقي لحلب ـــ تتبعان لجامعة العلوم الصحية التركية في مدينة اسطنبول على غرار ما يحدث في مدنية عفرين المحتلة. الملفت للنظر هو الكم الهائل من الدعاية السوداء التي رافقت هذا القرار، حيث سارعت الصحف التركية إلى إعلان الخبر وتأكيده بالقول:” إن تلك الخطوة تأتي بهدف مساعدة طلاب الشمال السوري على إتمام دراستهم”

 إلا أن الحقيقة واضحة في مشروع الاحتلال التركي في المنطقة والنية التركية بترسيخ وجودها في الشمال  السوري و( تتريك مناطقه لتثبيت نفوذها)، وما يؤكد ذلك أكثر هو تسمية بلدة الراعي باسم “جوبان باي” بدلاً من الاسم العربي للمنطقة، بلدة “الراعي”.

هذه الكلية الجديدة ليست الأولى من نوعها ففي تشرين الأول لعام ٢٠١٩ قام حزب “العدالة والتنمية الإرهابي”  بفتح جامعة “غازي عنتاب التركية” وأعلن عن افتتاح ثلاث كليات في كلٍّ من مدينة عفرين “كلية التربية” و مدينة اعزاز “كلية العلوم الإسلامية” و مدينة الباب “الكلية الإدارية والاقتصادية” بتوقيع أردوغان.

إذاً سياسية التتريك السريعة التي تتبعها حكومة اردوغان الإرهابية وما تزال تمارسها في أرياف حلب منذ احتلال المنطقة، لم يكن فقط المؤسسات التعليمية، بل امتدت لتصل إلى إرسال شركات خدمية متنوعة خاصة إلى تلك المناطق للتحكم بعيش ومفاصل الحياة هناك من الاتصالات المحلية التي كانت وتم استبدالها بالتركية وإجبار الناس لشراء خطوطها، وعملت حكومة الاحتلال التركي على افتتاح مكاتب خاصة للتحويلات المالية تتبع لها بشكل مباشر، وفرضت على الأهالي مراجعة تلك المكاتب، كما قامت أيضاً بإجبار الشعب على تغيير البطاقة الشخصية السورية إلى البطاقة التركية، وفي حال عدم وجود بطاقة تركية مع المواطنين يتم اعتقالهم مباشرة، وفي ظل كل تلك الخطوات من قبل الاحتلال التركي كانت أنقرة تعمل على مدار السنوات الماضية على إرسال مسؤوليها باتجاه مناطق ريف حلب الشمالي، وتستغل عناصر المجلس الوطني الكردي ENKS في تنفيذ مشروعها الاخواني لأجل السيطرة والتغيير التام لتاريخ ووجود الشعب الكردي وباقي شعوب المنطقة في تلك المناطق عبر مرتزقة الائتلاف السوري الذي بات يخدم المحتل التركي أكثر من الأتراك أنفسهم وعلى مختلف الصعد والجوانب الإدارية والمعيشية.

إن هدف الاحتلال التركي هو تنفيذ الميثاق الملي، وما زال حلم احتلال باقي المناطق في سوريا والعراق هدف أردوغان وحزبه، وإضفاء الطابع التركي و(تتريك) مفاصل الحياة واحتلال عفرين في آذار  ٢٠١٨  خير دليل على تلك السياسة الإرهابية المنظمة، حيث بدأت منذ لحظة احتلال عفرين بتغيير أسماء القرى والنواحي والرموز المقدسة للشعب الكردي.

 كلنا نذكر ماذا فعلت تركيا ومرتزقتها بتمثال كاوا الحداد ودوار نوروز و الدوار الوطني، أضف إلى ذلك تغيير أسماء الشوارع الرئيسية واستبدال الأسماء الكردية بأسماء تركية مثل اسم الإرهابي اردوغان، ورفع العلم التركي والتدريس وفق المناهج التركية والتعامل بالليرة التركية؛ ليس فقط في مدنية عفرين ٢٠١٨ التي تتعرض إلى الإبادة الثقافية والاجتماعية بل مروراً بإعزاز والباب ووصولاً إلى جرابلس وتل أبيض و سري كانية وإدلب، وهي المناطق التي تم احتلالها من قبل الجيش التركي بين الأعوام ٢٠١٦ و ٢٠١٧ و ٢٠١٩.

لذلك علينا العمل، على مدار الساعة وبدون توقف لرفع وتيرة المقاومة وإعطاء الأولوية للجانب العسكري والسياسي والدبلوماسي والدعم من الناحية العلمية والتنظيمية والاقتصادية، والتركيز على لغة الخطاب مع كافة مكونات الشعب السوري، وترسيخ روح المسؤولية والمقاومة للوقوف بوجه الاحتلال التركي ومرتزقته عبر تعزيز الجبهة الداخلية التي تؤمن بحق المواطنة وتكوين مجتمع أخلاقي سياسي ديمقراطي لبناء سوريا المستقبل.

كما علينا العمل من الناحية القانونية بتقديم الأدلة والمستندات وتشكيل فريق قانوني مختص بالقانون الدولي لمحاكمة المتهمين في قضايا التغيير الديموغرافي واحتلال الأراضي والقتل على الهوية ومصادرة أملاك الناس المهجرين قسراً من أرضهم وعلى رأسهم أردوغان المجرم والائتلاف السوري بكافة الفصائل والمجالس والمنصات الموجودة ضمنه.

برأيي الشخصي نستطيع فعل ذلك، بل أكثر من ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى