مقالات

سلطة دمشق وحصار الخبز

روشين موسى

على ما يبدو أن محاربة لقمة عيش المواطن السوري أصبحت إحدى أهم استراتيجيات سلطة دمشق، وهذه الاستراتيجية لم تعد تخفى على أحد في داخل وخارج سوريا، واليوم ما تشهده أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في محافظة حلب؛ حالة خطر حقيقي لا يقل عن إرهاب الدولة التركية ومعها مرتزقتها الإرهابيين.

يعيش ضمن أحياء الشيخ مقصود والأشرفية حوالي 220 ألف مواطن سوري، تفرض عليهم سلطة دمشق الحصار المتقطع على المدى الطويل تسبب في إفراغ المستودعات من مادة الطحين، حيث استفاق الأهالي على نبأ فقدان مادة الخبز من مراكز توزيع المعتمدين، والسبب الرئيسي هو “الحصار المفروض”، ومنع الفرقة الرابعة التابعة لقوات سلطة دمشق، دخول شحنات الطحين إلى الحيين، ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية تهدد حياة المواطنين، وتفرض حواجز حكومة دمشق حصاراً على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق الشهباء حيث مهجَّرِيْ مدينة عفرين المحتلة منذ ما يقارب الثلاث سنوات، حيث تمنع مرور المواد الأساسية “المحروقات، الطحين، السكر، الأدوية،  حليب الأطفال”، كما تفرض مبالغ كبيرة على المواطنين أثناء الدخول أو الخروج من الأحياء؛ على سبيل المثال (يمنع أي مواطن داخل إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية حمل مبلغ أكثر من 150 ألف ليرة سورية، وأثناء الخروج يسمح فقط بمبلغ 800 ألف ليرة سورية) أضف إلى ذلك المستوى المتدني من القيم الأخلاقية والإنسانية من قبل عناصر الحواجز الذين لا يوفرون أي شيء من سرقة لقمة عيش المواطن.

في الحقيقة هذه هي عقلية وذهنية السلطة الحاكمة المستبدة في دمشق، لا تعرف أدنى درجات التعامل مع المواطنين، فقط تعرف سلطة البعث، لغة الحرب والقتل وخلق الصراعات وفتح مراكز التسويات وكأن جميع الشعب السوري المنهك مجرمين أو إرهابيين، وتنسى هذه السلطة سلوكها في إدارة الدولة السورية.

إن سلطة دمشق هي بعيدة كل البعد عن القيم الأخلاقية و الانسانية، أسلوب العاملين في مؤسسات الدولة السورية و حتى عناصر الجيش السوري الذين من المفروض أنهم أبناء الشعب السوري وشعارهم (الوطن والشرف)، لكن على ما يبدو لا شرف ولا أخلاق ولا وجدان. هذه الأفعال والممارسات اللاإنسانية بحق أكثر 220 ألف مواطن سوري وأكثر من 200 ألف مواطن في مناطق الشهباء حيث مخيمات التهجير القسري، يؤكد مدى التعاون و التنسيق مع الاحتلال التركي الذي سرق معامل مدينة حلب. ومنطقة الشيخ نجار الصناعية وحلب القديمة تشهد بالوحشية التي كانوا يمارسونها بحق ممتلكات الناس، وعقلية سلطة دمشق لا تختلف كثيراً عنهم، في ظل ما تشهده أحياء الشيخ مقصود والأشرفية من حالة الحصار و فرض الضرائب على جميع المواد الأساسية.

خلال السنوات الماضية، كان لأحياء الشيخ مقصود والأشرفية دور مهم جداً في حماية حلب، أبناء هذين الحيَّين دون استثناء أحد أو تمييز بين أحد وقوفوا بوجه الإرهاب المنظم وقدموا الغالي والنفيس ودِماء خِيرة الشباب لأجل الدفاع عن الحيين وأحياء حلب، والجدير بالذكر أنهم من فلسفة الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب والتعايش المشترك ولهم التجربة العملية في “الحرب الثورية الشعبية” لذلك على سلطة دمشق إدراك الخطر و وضع حد لسياساتها تجاه قلعة المقاومة والنضال والكرامة، ولن يستطيع أي قوة كانت استغلال أو فرض سياساتها على أبناء الحي، وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والولايات المتحدة الأمريكية، ونخص بالذكر روسيا أن لا تكون شريكة بمحاربة لقمة عيش المواطن السوري، وعدم السماح لحماقات تعيد السيناريو إلى نقاط ليست في مصلحة السوريين، بل علينا الذهاب إلى عقد مؤتمر وطني سوري لأجل بناء سوريا الديمقراطية التعددية اللامركزية.

هكذا تُبنى الأوطان وليس عبر “حصار الخبز” والشعب السوري أصبح يدرك أن نموذج الإدارة الذاتيّة ومؤسساتها في شمال وشرق سوريا هو ضمان الحل والاستقرار.

زر الذهاب إلى الأعلى