تقاريرمانشيت

زيتون الدم.. زيت زيتون عفرين المسروق يباع في أمريكا لتمويل الانتهاكات

عفرين مدينة احتُلت من قبل القوات التركية في أول حملتين ضد المدنيين بدعم من الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب), والزيتون المستخدم في صناعة الزيت المباع في (سيراكيوز) بأمريكا لا بد أنه قد سُرق من مزارعي عفرين الذين رعوا الأشجار لأجيال، جاء هذا في تحقيق أجرته صحيفة The Daily Beast الأمريكية.

هذا وبيًن التحقيق أن الزيتون الذي سرقه قادة الفصائل الإرهابية من عفرين يستخدم لتمويل وحداتهم القتالية، حيث يتم تهريبه إلى أوروبا لإنتاج زيت زيتون عالي الجودة, ومن هناك يتم بيعه وتخزينه في متاجر البقالة في أمريكا، من سيراكيوز إلى بلدة ماساتشوستس الصغيرة، إلى ضواحي أتلانتا، وجورجيا.

غزت القوات التركية إلى جانب الميليشيات الموالية لها سوريا مرتين, مرة في 2018 ومرة ​​أخرى في 2019, وبضوء أخضر شخصي من الرئيس ترامب، وهذه الميليشيات متهمة بنهب المناطق ذات الأغلبية الكردية الواقعة تحت احتلالهم, حيث قالت مصادر متعددة لصحيفة The Daily Beast إن قادة الفصائل المدعومون من تركيا يفرضون الضرائب على المزارعين المحليين ويبتزونهم ويسرقون محاصيلهم من الزيتون, وبسبب سياسة إدارة ترامب يمكن للميليشيات الآن الاستفادة من زيت الزيتون المباع على رفوف المتاجر الأمريكية، دون أن يتأثروا بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية الصارمة على سوريا.

وأكدت ذلك صاحبة مزرعة كردية في عفرين, حيث قالت للصحيفة:

إن حصاد هذا الموسم سرق معظمه, بتّ محرومة من رزقي.

وبحسب موقع (أحوال) التركي فإن ممثلون عن البنك الزراعي التركي  سافرا إلى نيويورك من أجل تسويق زيت الزيتون المستخرج من زيتون عفرين المسروق في الولايات المتحدة، وتعاقدوا مع شركة bodegas الأمريكية على هذا الجانب من المحيط الأطلسي من أجل الصفقة.

يأتي زيت الزيتون الموجود في المتاجر الأمريكية من عفرين السورية, حيث بلغت قيمة صناعة زيت الزيتون المحلية 150 مليون دولار,  وهي مصدر عيش90% من سكان عفرين حتى في السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية.

غزت تركيا عفرين في كانون الثاني 2018 من خلال حملة عسكرية ضد الكرد، وسلمت المنطقة إلى ما يسمى “الجيش الوطني السوري”, وهذه الميليشيات متهمة من قبل الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية بارتكاب جرائم حرب, من النهب والاتجار بالبشر إلى التطهير العرقي والتعذيب, وهذه الميليشيات تمول عملياتها من خلال السيطرة على صناعة زيت الزيتون في عفرين بمساعدة تركيا.

وقد قال وزير الزراعة التركي (بكير بكديرلي) للبرلمان التركي في تشرين الثاني2019: نريد أن تصبح عائدات عفرين بأيدينا بطريقة أو بأخرى, هذه منطقة تحت هيمنتنا, ونحن كحكومة لا نريد أن تقع الإيرادات في أيدي غيرنا.

بعد فترة وجيزة من خطاب بيكديرلي اشتكى السياسيون الأوروبيون وممثلو صناعة زيت الزيتون الأتراك من ضخ آلاف الأطنان من زيت زيتون عفرين المنهوب إلى الأسواق الدولية على أنه زيت زيتون تركي.

تُعلن شركة (توركانا فود) وهي شركة استيراد أغذية تركية مقرها نيوجيرسي بأمريكا، عن (زيت زيتون عفرين) في كتالوج البيع بالجملة على الإنترنت.

وأكّدت ذلك الباحثة المستقلة (ميغان بوديت) عندما عثرت على زجاجة زيت زيتون عفرين بتاريخ إنتاج أبريل 2019 في متجر في لويل بماساتشوستس.

وأكدت موظفة في مخبز القدس في ضاحية (روزويل) بأتلانتا أن متجرهم يحتوي على زيت زيتون عفرين، لكنها قالت إنها لا تعرف من أين هو.

العبوات التي تحمل علامة توركانا تحمل علامة (منتج عفرين، حلب، سوريا) باللغة العربية وليس باللغة الإنجليزية, ويشبه الخط الموجود على الملصق شعار علامة تجارية في (هاتاي، تركيا) بالقرب من الحدود السورية تحت اسم غير معروف العام الماضي.

وأكد مدير سوق (أبو العز الحلال) في لويل بأمريكا لصحيفة The Daily Beast عبر الهاتف أن زيت الزيتون نُقل من سوريا إلى تركيا، لكنه أضاف أنه لا يعرف شيئاً عن عفرين عندما سئل عن الوضع هناك.

وقال العديد من موظفي شركة (توركانا) للأغذية عبر الهاتف إنهم غير مصرح لهم بالتحدث إلى الصحافة، ولم ترد الشركة على طلبات البريد الإلكتروني للتعليق.

العبوات مكتوب عليها العنوان المسجل لرجل الأعمال السوري الدنماركي (عارف حميد) الذي يبيع زيت زيتون عفرين في أوروبا تحت الاسم التجاري كفر جنة.

تكشف محاولات تعقب مصدر زيت زيتون عفرين عن عالم غامض لقادة الميليشيات ووسطاء يستفيدون من مزارعي عفرين.

تم الاستيلاء على بعض مزارع الزيتون على الفور, ففي عام 2018 فر 150 ألفاً من سكان عفرين من الغزو التركي, واستولت الميليشيات على ممتلكاتهم، ووفقاً للناشط الحقوقي (حسن حسن) الذي فقد بساتين الزيتون والرمان الخاصة به بعد فراره من المنطقة, ويدير الآن منظمة حقوق الإنسان في عفرين من أماكن أخرى في سوريا, فقد كتب حسن في رسالة نصية:

لقد كانت الأرض إرثاً عائلياً ورثته عن والدي الذي ورثه بدوره عن أسلافنا منذ قرون، وأن والده توفي لاحقاً من الحزن.

تسيطر تركيا وميليشيات الجيش الوطني السوري على صناعة زيت الزيتون المتبقية في عفرين بقبضة من حديد, ويُمنع المزارعون من بيع منتجاتهم في السوق المفتوحة، ويجب عليهم تسليم جزء كبير من محصولهم إلى قادة الفصائل كما ذكرت صحيفة آسيا تايمز لأول مرة العام الماضي.

كما يفرض قادة الفصائل على مالكي الأراضي رسوماً على الزيتون أو حتى للوصول إلى أراضيهم، بالإضافة إلى فرض ضريبة على الأشجار, وتختلف الرسوم من فصيل إلى آخر، لكن هناك أمرٌ واحدٌ ثابت, وهو: يضطر المزارعون إلى بيع منتجاتهم إلى الكيانات المدعومة من تركيا بأسعار منخفضة.

وأكدت أربعة مصادر من المنطقة بأنه من المستحيل الآن أن يغادر زيتون عفرين دون موافقة قادة الفصائل, وهكذا قال أيضاً (هجار سيدو) وهو مواطن سوري-دنماركي تمتلك عائلته أشجار زيتون في عفرين:

زيتنا الذي يأخذونه من أشجارنا يباع أمام أعيننا ونحن محرومون منه، لذا عندما أرى أي رجل أعمال يأخذ الزيت من عفرين، أشعر أنه ثروة مسروقة.

اعترفت الشركات التي يظهر شعارها وعنوانها على عبوات الزيت في الولايات المتحدة بتصدير زيت زيتون عفرين، لكنها نفت بيع منتجاتها على الأراضي الأمريكية عبر شركة توركانا فود، فدور تركيا في عفرين موضوع مثير للجدل بين الشتات السوري والكرد.

(يمكن أن تساعد إدارة ترامب من خلال قوانين العقوبات الأمريكية التي يمكن أن تزود الحكومة بأدوات لوقف المعاملات مع كيان سوري متورط في أنشطة تتعارض مع السياسة الخارجية الأمريكية).

هذا ما ذكره (ماثيو توشباند) مستشار آرينت فوكسو نائب كبير المستشارين السابق في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية.

لكن إدارة ترامب لم تفرض عقوبات على الجيش الوطني السوري, بل أشاد المسؤولون الأمريكيون بعمليات تركيا في سوريا باعتبارها مضاداً مهماً للنفوذ الروسي.

رفض المتحدثون باسم وزارة الخزانة ووزارة الخارجية التعليق، مستشهدين بسياسات ضد الحديث عن تحديد عقوبات محتملة.

بالنسبة لمعظم سكان عفرين لا يتعلق الأمر بالجغرافيا السياسية بل بشريان حياتهم.

قال (نضال شيخو) من سكان عفرين السابقين والذي يعيش الآن في شمال ولاية نيويورك:

(شعرت بالألم والحزن والأسى وذرفت دموع عيني من هذا الظلم الذي تعرضت له مدينتي عفرين, عاشت عفرين, عاشت مدينة الزيتون المقدسة).

زر الذهاب إلى الأعلى