الأخبارمانشيت

زعزعة في الداخل … والأزمات تحاصر السلطان من كل جانب

نشر موقع “انفوشبربر” تقريرًا للكاتبة “أماليا فان جنت” أشار إلى استمرار الهجوم على المدن والقرى المحيطة بمحافظة إدلب السورية، وأثر ذلك على صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سواء في الداخل السوري، الذي كان يمثل فيه بأنه حامي السنّة، وبات الآن يُسب ويوصف بالخائن، أم على الصعيد الداخلي، حيث إن سياسته كانت تقوم على خداع الداخل التركي بامتلاك اليد الطولى في الداخل السوري؛ الأمر الذي ظهر كذبه بعد ضرب أبراج المراقبة التركية وفشل اتفاق سوتشي. وقد أدى سقوط  “خان شيخون” السورية ذات الأهمية الاستراتيجية إلى زعزعة الجيش والسياسة في تركيا، فبعد صلاة الجمعة توافدت الحشود الغاضبة إلى المعابر الحدودية التركية، ورددوا شعار: “تركيا خائنة” وأضرموا النيران في صورة أردوغان.

والآن فقط بدأت حكومة أردوغان تدرك أن سياستها تجاه سوريا ربما كانت مغامرة خطيرة؛ ففي في بداية شهر أغسطس تباهى الرئيس التركي قائلاً: “فقط أولئك الذين يحتفظون بالأحذية (أي الجنود) على الأرض هم من يملكون القرار في تشكيل مستقبل هذا البلد”. وخططت تركيا من خلال التدخل في سوريا لتوسيع نفوذها ليشمل مساحة واسعة من الشرق الأوسط، والتي كانت في السابق جزءًا من الإمبراطورية العثمانية، وهذا الهدف مُعلن للسياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية منذ وصولة للحكم عام 2002م، ولذلك استغل أردوغان أحداث الربيع العربي لتحقيق حلمه القديم، حيث أكد أن الإطاحة ببشار الأسد هي أحد أولوياته الأساسية. وكانت هذه هي المرة الأولى منذ تأسيس جمهورية تركيا في عام 1923 التي تتدخل فيها أنقرة صراحة في شؤون إحدى الدول العربية المجاورة.

وعندما عانى أردوغان من هزائم شديدة في المدن السورية، مثل حلب وحماة وأماكن أخرى، اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن، وبشكل غير مباشر مع بشار الأسد ومقاتلي الجماعات الجهادية المهزومة وعائلاتهم، وكذلك المدنيين السنّة على تأمين محافظة إدلب، ومن ثمَّ توافدت الجماعات التي شعرت بالتهديد من قبل قوات الأسد إلى إدلب غرب سوريا، وبالإضافة إلى الجهاديين المسلحين وعائلاتهم، فقد بلغ عدد النازحين إلى المدينة نحو 1.5 مليون ليرتفع عدد سكان إدلب إلى أكثر من 3 ملايين. وفي مقابل ذلك يجب على تركيا ضمان سلامتهم، ورغم أن الجيش السوري قرر اقتحام إدلب منذ عام مضى، إلا أن أردوغان تمكن من إقناع نظيره الروسي في اللحظات الأخيرة بتأجيل العملية.

وقد كثف “جيش النظام السوري والقوات الجوية الروسية من الهجمات على إدلب في الأسابيع الأخيرة، مبررين ذلك بعجز تركيا عن وقف هيمنة هيئة تحرير الشام” النصرة”  في المحافظة. وإذا  نجحت ” قوات النظام السوري”  في التقدم حتى مدينة معرة النعمان بعد أن سيطرة على  خان شيخون فأنها ستكون على أعتاب إدلب.

وقد غيرت قضية “جان شيخون” المزاج العام في تركيا؛ فمنذ 20 أغسطس يحيط الجيش السوري بمركز المراقبة التركي “مورك”، وهذا بالطبع يمثل إهانة للجنود الأتراك هناك، ولذلك سافر أردوغان إلى موسكو والتقط بعض الصور بجانب بوتن، وقد بدا الرئيس التركي شاحبًا وجريحًا، وعلى الرغم من أن بوتن أمّن سلامة 200 جندي تركي في “مورك”، غير أنه طالب نظيره التركي بإخلاء مورك وموقع مراقبة تركي آخر من الجنود الأتراك، فيما علق “مراد يتكين”، رئيس التحرير السابق لصحيفة حريت اليومية، بأن إخلاء مراكز المراقبة التركية سيعتبره الأتراك مؤشرًا على الفشل التام لسياسة الحكومة في سوريا. ومع ذلك فقد غادر أكثر من 350 ألف شخص محافظة إدلب بعد الهجوم الأخير بسبب حالة الخوف والذعر، ووفقًا للأمم المتحدة فإن هؤلاء يعانون من ظروف كارثية على الحدود التركية السورية.

مشاكل تواجه أردوغان

وفي نفس السياق نشر موقع “فرانكفورتر الجماينا” مقالًا للكاتب “نيكولاس بوسا” تحدث عن مشكلتين أساسيتين يعاني منهما أردوغان ويؤثران بشكل أو بآخر على الاتحاد الأوروبي، حيث سيستغل الرئيس التركي أزمة المهاجرين في استنزاف الكثير من أموال الأوروبيين.

وأضاف الكاتب أن تهديد أردوغان بالسماح للاجئين بالعودة إلى أوروبا يدل على أن اتفاقية الاتحاد الأوروبي وتركيا – التي نالت استحسانًا كبيرًا – ليست سوى حلاً مؤقتًا؛ فأردوغان يعاني حاليًا بسبب مشكلة اللاجئين السوريين في تركيا، حيث لم يعد الشعب التركي متقبلًا لفكرة فتح الحدود أمام لاجئي الحرب السوريين كما كان الحال قبل بضع سنوات، بالإضافة إلى معاناة الاقتصاد التركي وتراجعه مؤخرًا، لذلك سيعمل أردوغان على استنزاف المزيد من الأموال الأوروبية من خلال ما يسمى بـ “المنطقة الآمنة” في شمال سوريا، والتي يريد نقل العديد من اللاجئين إليها.

وبصرف النظر عن استغلال الحاكم المستبد لمعاناة مئات الآلاف من الأشخاص من أجل أهداف سياسية، فإن هذه العملية تُظهر مرة أخرى أن اتفاق الاتحاد الأوروبي وتركيا جعل الأوروبيين يعيّنون أردوغان حارسًا على حدودهم الجنوبية منذ ثلاث سنوات، ولم يهتموا بالمشكلة السورية.

 المصدر: وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى