مقالات

رفع وتيرة المقاومة واجب وطني وشرط أخلاقي

إدريس حنان

يشير نهج وتوجهات دولة الاحتلال التركي الى ان الفاشية بصدد تنفيذ مهمات جديدة لقوى الهيمنة المركزية في المنطقة. حيث اضحى الدور الذي وضعته قوى الدائرة الضيقة للناتو لتركيا أكثر وضوحاً من خلال مكافأتها بشن الهجمات العنيفة على مناطق الدفاع المشروع مستخدمة فيها كافة صنوف الأسلحة والمحرمة دولياً إضافة الى الغاز الكيمياوي. فكما تحاول دول الهيمنة استخدام الفاشية التركية لتوسيع سيطرتها وإدامة وجودها، فالدولة التركية تحاول أيضا لعب نفس اللعبة والاستفادة من تأدية مهامها الموكلة اليها عبر تنفيذ اجندات الهيمنة. ولا شك انها ترى في مكاسب الشعب الكردي العائق الوحيد امام مشاريعها التوسعية، وترى في محاربتهم وابادتهم، حقاً شرعياً وضرورة وجودية تتعلق بديمومة السلطة.

يبرر قادة دول الهيمنة المركزية للحلف الأطلسي “NATO” في الولايات المتحدة الامريكية وانكلترا، ما تقوم به تركيا من عمليات إبادة ومجازر بحق الشعوب فكرياً وايديولوجياً. لا بل ويحرضون الفاشية التركية على توسيع الهجمات ويغلقون أعينهم عن حملات الإبادة التي ترتكبها الفاشية بحق الشعوب الكردية والعربية. ولبقاء هذا المشروع ـ إبادة الكرد ـ القذر حياً وقائماً شجعت الكثير من الأطراف للانضمام اليه.

ان إبادة الشعب الكردي وانهاء وجوده والقضاء على إرادة الشعوب، لهو من صلب هذا المخطط الشامل. بمعنى آخر؛ يحاولون تعميق صراعات شعوب المنطقة والاستفادة منها عبر تقسيمهم ومن ثم الانقضاض عليهم مرة واحدة وانهاء وجودهم. يريدون ان تتواجه وتتصارع المكونات الدينية والاثنية لتدمير الإرادة المجتمعة تحت قبة جبهة المقاومة. الهجمات التي يتم تنفيذها اليوم على مناطق الشهباء وعلى كل مناطق شمال وشرق سوريا بالتزامن مع الهجمات التي تستهدف مناطق الدفاع المشروع وهجمات حكومة الكاظمي على قضاء شنكال، ما هي إلا خطوات في مشروع الإبادة الشاملة.

الأوضاع الجديدة التي تفرزها الحرب الروسية الأوكرانية، أحدثت تغييراً جوهرياً في شكل القوى وتموضعها. هذه الأوضاع، دون شك، اثرت على شكل الدور الروسي في سوريا والمنطقة عموماً، حيث باتت، أقله، كثيرة التردد امام الأدوار المناطة لتركيا وتحركاتها الجديدة في المنطقة. فروسيا لا تريد ان تتعرض لهزات في المنطقة تكبدها ما كسبته خلال سبع سنوات عجاف مضت. فهي أساساً ترى في المنطقة ساحة استراتيجية لمساومة ومواجهة توسعات وسياسات حلف الشمال الأطلسي ـ الناتو ـ والاتحاد الأوروبي في المنطقة وأماكن أخرى. فهي من طرف لا تريد خسارة تركيا كعصا تستعين بها لدق أبواب حلف الشمال الأطلسي ـ الناتو ـ ولا تريد خسارة جبهة الشعوب التي خدشتها ببعض توافقاتها مع بعض الدول الإقليمية كتركيا وإيران. فالوضع الروسي يحيلها ويدفعها الى التصالح مع جبهة الشعوب واحلاف سلفها ـ الاتحاد السوفيتي ـ السابقين. وغير ذلك فروسيا خاسرة لا محالة. فبدون تقديم التنازلات لجبهة الشعوب والتحالف الصادق معها، لن يستطيع اية طرف الفوز. فالشعوب بفضل فلسفتها الجديدة ـ الأمة الديمقراطية ـ أضحت رقماً صعباً وقادرة على الاعتماد على قواها الذاتية في احداث التغيير المطلوب.

اما النظام السوري الذي لا يزال مصراً على انكار مسميات وعناوين علاقاته السرية والعلنية مع دولة الاحتلال التركي، فردّات فعله وما يظهره اتجاه احتلال تركيا للأراضي السورية وما تجريه من عمليات إبادة وصهر وتغيير للتركيبة السكانية في المناطق التي احتلتها، تشير الى انه في حال اذ قامت الدولة التركية الغازية بشن اية هجمات جديدة على الأراضي السورية، سيسارع على الانسحاب من نقاطه في ساحات القتال ومرة أخرى سيترك الشعب في مواجهة مجازر الفاشية التركية. طبعاً، يجب ان نعرف ان النظام السوري جزء من المخطط العام والواسع. فهو ضد مشروع الأمة الديمقراطية للحل وصاحب موقف عدائي يتوافق  بشكل موضوعي مع الفاشية التركية.

من جهتها إيران التي يقال انها تتسلم بعض المواقع التي تخليها القوات الروسية في سوريا وهي في طور تموضع جديد يحافظ على تأثيرها في الملف السوري والشرق الأوسطي عموماً، فهي غولٌ بزي وريش الحمائم في هذا المخطط الشامل والكبير. فكما تدخلت في العراق وقطعت الطريق على مخطط الناتو بقيادة “القوموإسلاموية” التركية في المنطقة، الذي كان يدبر لضرب التوسع والهيمنة الشيعية، حيث جاءت الأزمة الرئاسية والحكومية كأحد اهم مفرزاتها، من المحتمل ان يكون لها بعض التدخلات ضد مشاريع “حلفائها” في تحجيم الدور الإيراني في المنطقة وسوريا وقطع أوصالها. حيث انه من الواضح ان إيران التي تريد ان تظهر كقوة ناعمة في إطار تنفيذ تلك المخططات في المنطقة، بالسر ام بالعلن، ستتحرك بما يخدم مصالحها التوسعية وسطوتها الأيديولوجية وما يكفيها لكسر العزلة المفروضة عليها.

على المقلب الأخر البعيد عن تلك التكتلات والمخططات هناك جبهة المقاومة التي تكبر وتتوسع يوماً بعد يوم. بقدر ما يزيد إصرارها على الصمود في وجه المخططات الفاشية وافشال مشاريعها التي تستهدف الشعوب وثقافاتها، ستستطيع ان تحافظ على بقائها وتضمن حماية نفسها وشعوب المنطقة من النهايات الكارثية. والعكس هو انتحار واستسلام وعيشٌ بلا إرادة. ولهذا بالذات، نؤكد انه لمن الضروري مساندة المقاومة التي يبديها مقاتلو الكريلا في مناطق الدفاع المشروع وكل ثوار الحرية كونهم الأمل الوحيد. واما دعمهم فيعتبر واجباً وطنياً وشرطاً أخلاقياً ضرورياً ضامناً للوجود. فهم صمام أمان يضمن الكرامة لكل الشعوب التي تأبي العيش في كنف مخططات ومشاريع دول الهيمنة المركزية واطرافها الفاشية.

زر الذهاب إلى الأعلى