مقالات

راجعو أنفسكم …هل هذا هو ردّ الجميل لشهدائنا؟

وقاسية من النضال الثوري على جميع الساحات حيث بدأت بمظاهرات شعبية تندد بالممارسات الشوفينية للنظام الحاكم مروراً بساحات القتال في خنادق المقاومة في وجه أشرس عدو ممنهج؛ عدوٌ لا يعرف أدنى معنى من الانسانية، ويفتقد أدنى حالة لأصول الحروب وقوانين الأسر ولا حتى  الرحمة على المدنيين. هكذا كانت معاركنا مع العدو الأسوَد والذهنية الفاشية المتطرفة التي كانت ولازالت تهدف إلى إمحاء الكرد تاريخاً وثقافة وشعباً، وعلى الرغم من هذا التقارب كان الدور الأهم في هذه الثورة هو لبناتنا وأبنائنا الذين حملوا عِبْءَ هذه المعارك؛ حيث هبَّ الجميع للدفاع.

هذه المرحلة المهمة في تاريخ الثورات الدفاع ثم الدفاع عن قيمنا وذاتنا وممتلكاتنا وسبل وجودنا حيث ترك أبناؤنا مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم وآمالهم وطموحاتهم؛  تركوها ودفنوا تلك الأحلام البريئة والحقّة معهم في حضن الأرض المقدسة ..أرض الآباء والأجداد؛ الأرض التي تحمل تاريخ ومستقبل الأمة الكردية، ولم يلتفتوا لحظة واحدة وراءهم، وكان الدفاع وحماية الوطن من أولى الأولويات في حياتهم، واستقبلنا شهاداتهم العظيمة بزغاريد النصر ودموع حارقة مليئة بالإصرار والإرادة لأن الإرادة التي حملها هؤلاء الأبطال والبطلات كانت أقوى من وحشية  وإرهاب العدو، وكان حُبُّ الأرض والوطن أكثر قيمة من حُبِّ الأمهات والآباء؛ فزادتنا شهادتهم قوةً وتصميماً ومقاومةً.

لكن للأسف كان الردُّ من قسمٍ من شبيبة الوطن أن يخرجوا معارضين ودون خجل من أمهات الشهداء؛ مطالبين بتوحيد مواليد واجب الدفاع الذاتي؛ لكن وكوالدة شهيد مثل باقي أمهات وعوائل الشهداء تبيّن لنا بأن من يطلب ذلك بمثابة الوقوف مع العدو في وجه خط الشهداء، ولا نعطي تفسيراً غير هذا لهكذا مواقف لا أخلاقية. أهكذا يكون الوفاء للشهداء؟ أهكذا يكون الامتنان لعوائل الشهداء الذين فقدوا أبناءهم لينعم هؤلاء  المتمردين بالأمن والأمان؟ ألا يسألون يوماً كم سيبقى أبناؤنا ليدافعوا عن وطنهم منطلقين من واجبهم؟؟ وما هو العمر الذي كان يجب أن يصلوا إليه لكي يحملوا السلاح الذي كان أثقل من وزنهم  كي يدافعوا عن الشعب والوطن ويستشهدون من أجل الشعب والوطن، وعن الذين يطالبون بدون مسؤولية أن يتم توحيد المواليد؟؟ كوالدة شهيد وشهيدين مثل الكثيرات من الوالدات أطالب ببعضٍ من الإنصاف، وأن لا يبدو هؤلاء كمن يُلعب بعقولهم. وأقول لهم: اخرجوا إلى الشوارع  ونادوا بأن تكون أعمار وزمن واجب الدفاع الذاتي مفتوحاً من السن السابعة إلى السن السبعين، وكل من يستطيع حمل السلاح؛ كي نكون لائقين بدم شهيداتنا وشهدائنا وبقيم الوطن وعدالة القضية في الوقت نفسه. رغم أن أولادنا لم يشرط عليهم أحدٌ حماية العرض؛ بل كانت أحاسيس الوطنية وحب الأرض هي التي كانت تحاكي مشاعرهم الراقية.

كأمهات الشهداء وأم لهؤلاء أيضاً. نتأسف مرة أخرى لهكذا مواقف، ولم نكن نتوقع لحظة أن نقابل هكذا موقف، ووفاءً لتضحيات بناتنا وأبنائنا الذين حُرمنا من رؤيتهم وهم يبنون مستقبلهم وأنظارنا التي تعبت شوقاً للقائهم واحتضانهم؛ مرة أخرى نقول لهم: أنتم بناتنا وأبناؤنا وتنوبون عن غيابهم في حال سلكتُم طريقهم بدون تردد.

زر الذهاب إلى الأعلى