مانشيتمقالات

دور الكُرد في حل الأزمة السورية

عريفة بكر

تشهد الأزمة السورية منذ اندلاعها، تداعيات وتحديات عديدة يتطلب حلها جهوداً دولية ومجتمعية، وهنا تُطرح التساؤلات حول دور الكُرد في سوريا وموقفهم من الحل؟

يلعب الكُرد، الذين يشكلون ثاني قومية في سوريا، دوراً هاماً في العملية السياسية والعسكرية، وبتشكيل الإدارة الذاتية الديمقراطية، النموذج الفريد من نوعه وبمشاركة جميع مكونات المنطقة في مناطقهم إبان الأزمة السورية، جعلتهم طرفاً مهماً لحل الأزمة السورية، حيث لعب الكرد دوراَ بارزاً في الصراع السوري، فنجد لهم الدور الأساسي في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، من قبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المؤلفة من العديد من مكونات المنطقة، هذه القوات استطاعت وبالتعاون مع قوات التحالف الدولي، تحرير مناطق واسعة من سيطرة داعش بما في ذلك مدينة الرقة التي كانت عاصمة داعش في سوريا، وبعد تحريرها من رجس داعش الإرهابي تم تأمين المناطق المحررة بتقديم الحماية للسكان المحليين وتطبيق نموذج الإدارة الذاتية فيها.

من جهة أخرى شارك الكرد في الحوار السياسي والمفاوضات مع النظام السوري منذ عام 2018 للوصول إلى حل للأزمة السورية. ما نراه الآن من انفتاح عربي متسارع باتجاه دمشق وحضور الأخيرة قمة جدة في السعودية، حاول الكُرد مجدداً البدء بجولات محادثات أخرى مع دمشق دون إحراز أي نتائج.

على الرغم من التحديات التي واجهها الكُرد بدءاً من العلاقة المتوترة مع السلطة السورية المركزية، وانتهاكات الفصائل الموالية لتركيا وما تفعله ضد الشعب الكردي، لكن الكُرد لم يتوانوا عن المحاولات العديدة لإجراء الحوار في هذه المرحلة التاريخية الحساسة التي باتت عملية التغيير الديمقراطي أمر لا بد منه وحل القضية الكردية تفرض نفسها، ولكن مازال النظام البعثي مستمرٌ بذهنيته المعادية لمصالح الشعوب وتهميشهم للعودة بهم إلى ما قبل2011.

ذكرنا سابقاً أن هناك توترات وتصادمات بين الكُرد وبعض الفصائل المسلحة (المعارضة) في سوريا المعتبرين أن الكرد وافدين وليسوا جزء من شعوب المنطقة وليس لهم تاريخ وثقافة وفصائل أخرى ذكرت بأن الكرد انفصاليين وهدفهم الأساسي هو تقسيم الأراضي السورية ومنهم من عمل على تشويه مشروع الإدارة الذاتية كونه يمثل خطراً على كل مخططاتهم الرامية لضرب الشعوب السورية بعضها ببعض.

جاء مشروع الإدارة الذاتية مخرج أول لضمان وأمن وسلامة المجتمع ويخفف من حدة العقوبات الاقتصادية على سوريا، أمام الجهود السياسية والدبلوماسية وحالة التقصير الذي ظهر لدى قوى المعارضة التي تُقدِّم نفسها بأنها ساعية للديمقراطية في سوريا.

أتى دور الكرد البارز في تشكيل القوى المدنية والأمنية والمحلية كـ “قوات الحماية المجتمعية والأمن الداخلي وغيرها” لتعزيز الأمن والاستقرار والعمل على كسب ثقة المجتمع بقدرته على حماية وإدارة مناطقه، والسعي لبناء تحالفات مع ذوي الفكر الديمقراطي والقوى الدولية لتعزيز الجهود المشتركة للوصول إلى حل سياسي جذري شامل في سوريا لامركزية، والمشاركة في المفاوضات الدبلوماسية وتعزيز التفاهم والتعاون بين الأطراف المعنية إلى جانب احترام حقوق الأقليات العرقية والدينية.

لذا جاءت مبادرة الإدارة الذاتية في هذا التوقيت المناسب بمثابة الدواء لالتئام الجرح.

الجدير ذكره أن الإدارة الذاتية أطلقت بتاريخ 18 نيسان المنصرم مبادرة من 9 بنود، تدعوا من خلالها إلى التوصل لحل ديمقراطي تشارك فيه جميع فئات المجتمع عبر الاعتراف بالحقوق المشروعة لكافة مكونات المنطقة  وتأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لا مركزي، كما أكدت على مشاركة كافة الأحزاب والاطياف بالحوار، السوري – السوري، بعيداً عن التدخلات الخارجية التي زادت من تعقيد الأزمة السورية، كما نصَّت المبادرة على تقسيم كافة الثروات وبالتساوي مع كافة الأطراف لبدء العملية السياسية والحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم والاستمرار بمواجهة الفصائل الإرهابية والعيش بسلام مع دول الجوار وإنهاء كافة أشكال الاحتلال، كما طالبت المبادرة جميع الدول العربية والأمم المتحدة أن يكونوا طرفاً في حل الأزمة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى