الأخبارالعالممانشيت

دبلوماسي أمريكي يُقَيِّم الإرث الأمريكي في سوريا

 أشار(ويليام روباك) الدبلوماسي الأمريكي السابق ضمن القوات الأمريكية التي انسحبت من قاعدتها في كوباني عام ٢٠١٩ بعد سماح ترامب لتركيا بغزو المنطقة, إلى أنه تم إصلاح الضرر الفوري للغزو التركي، لكنه حذر من أن داعش قد يعاود الظهور دون المزيد من المساعدة الأمريكية.

ويقول روباك: عندما بدأت الانفجارات  لم يكن واضحاً على الإطلاق من الذي تسبب بها،  كان ذلك في 15 تشرين الأول 2019، وكانت الفصائل المدعومة من تركيا تتقدم إلى قاعدة عسكرية أمريكية مؤقتة في سوريا، وهي مصنع أسمنت سابق على بعد 40 ميلاً من كوباني.

وتابع:

  لقد مهد الرئيس دونالد ترامب الطريق فعلياً لغزو الأراضي التي كانت تسيطر عليها سابقاً الولايات المتحدة وشركاؤها الكرد، كان هناك إطلاق نار، ولم يكن رجالنا متأكدين تماماً مما كان يحدث، في البداية اعتقدنا أننا نتعرض للهجوم، ولكن اتضح أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة كانت تشعل النار في ترسانة أسلحتها وتدمر معدات أخرى لمنع الفصائل التابعة لتركيا من الاستيلاء على أي منها في حالة اجتياح القاعدة،  لكن التفجيرات أدت إلى اشتعال النيران في أجزاء كبيرة من المجمع، وفي تلك الليلة تم إجلائي (روبوك) آخر دبلوماسي متبقٍ إلى جانب القوات الخاصة الأمريكية المتبقية، والمتعاقدين الذين لا يزالون في القاعدة.

ويضيف روبوك:

سرعان ما أصبح التخلي عن مصنع لافارج للأسمنت بمثابة محض انسحاب أمريكي فوضوي ومفاجئ من مساحات شاسعة من شمال وشرق سوريا، وفي اليوم التالي دمرت طائرتان تابعتان للقوات الجوية الأمريكية من طراز F-15 مخزناً محصناً في معمل (لافارج) لمنع سقوط ذخائر ومعدات أخرى في أيدي الجماعات المسلحة التابعة لتركيا، ويقول المنتقدون إن الانسحاب أضر بشكل دائم بقدرة الولايات المتحدة على العمل مع شركاء أجانب، وتنازلت عن نفوذها دون داعٍ في ركن مهم استراتيجياً من العالم.

بالنسبة لروبوك  الذي شغل حتى تقاعده هذا الخريف منصب نائب المبعوث الخاص لهزيمة داعش، فإن الإرث النهائي للانسحاب مختلط.

روبوك  مدرس اللغة الإنجليزية السابق المعتدل الخلق، قضى وقتا أطول على الأرض في سوريا يعمل على اتصال وثيق مع شركاء أمريكا الكرد أكثر من أي دبلوماسي أمريكي آخر، وصفه (ميك مولروي) وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون، بأنه أحد أفضل دبلوماسيي منطقة الحرب الاستكشافية الذين رأيتهم في حياتي المهنية.

وجاءت كلماته في مقابلة  مع موقع Defense One، حيث قال روبوك أيضاً: إن الضرر الذي لحق بالعلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية قد تم إصلاحه إلى حد كبير، لأن ترامب وافق في النهاية على الاحتفاظ بوجود عسكري في سوريا. 

وأشار إلى المكاسب المهمة التي تحققت في الحرب ضد داعش، والتي كانت اسمياً السبب وراء وجود الولايات المتحدة في سوريا أصلاً،  وأضاف روبوك: لكننا فقدنا نفوذاً كبيراً وسط التوغل التركي في سوريا، إذ كنت اعتبر وجودنا في شمال وشرق سوريا على أنه مصدر ضغط لنوع من الحل السياسي المستقبلي في الحرب الأهلية الجارية في سوريا، فقد فقدنا بين عشية وضحاها نصف الأراضي التي كنا نسيطر عليها  إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية.

وأكد روبوك بأن الولايات المتحدة فقدت على الأرجح بعض مكانتها على الساحة العالمية لعدم وقوفها إلى جانب شريكتها قوات سوريا الديمقراطية  في مواجهة التقدم التركي؛ لكنه أشار إلى إن الدول تسعى وراء مصالحها،   وقال:

 في هذه الحالة  لا يمكن تجاهل العلاقة المعقدة مع تركيا حليفة الناتو، حيث كانت واشنطن تدرس كيفية التعامل مع الغزو الوشيك.

وتابع روبوك:

لا تزال هناك العديد من المشاكل المستعصية في الملف السوري بلا حل، مثل المصير النهائي لآلاف مقاتلي داعش وعائلاتهم المحتجزين في المعسكرات المختلفة التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية بشمال وشرق سوريا. وحذر روبوك من أنه إذا لم تقم الولايات المتحدة  بالمساعدة على تحقيق الاستقرار، فقد يعاود داعش الظهور، فقد جمد ترامب في عام 2018 المساعدة لتحقيق الاستقرار في سوريا، وبينما كان من الممكن استخدام بعض الأموال التي تم تخصيصها بالفعل للمساعدة في استعادة الخدمات الأساسية التي دمرت في القتال ضد داعش في محافظتي الرقة ودير الزور ، ولا تزال هناك كميات هائلة من الأضرار، وأيضا الاقتصاد الزراعي بأكمله هو ما يعمل عليه كل شيء، وكل قنوات المياه والري ومضخات المياه وصوامع الحبوب، كلها تضررت بشدة أثناء المعارك، وخاصة في الجهد العسكري لإخراج داعش وإلحاق الهزيمة به، و قال روبوك: تضرر الكثير منها بشدة ولا يزال متضرراً للغاية، فالرقة بدت مثل دريسدن بعد الحرب العالمية الثانية، في عام 2018 حيث تم تدمير مجمعات سكنية بأكملها بالأرض وتدمير البنية التحتية تماماً.

وأضاف:

إن فشل الولايات المتحدة في المساعدة في إعادة البناء بطريقة أكثر أهمية يغذي شعوراً بالاستياء بين السكان في سوريا من أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة جاء وفعل كل هذا الدمار من أجل هزيمة داعش، ثم غادرت للتو ولم تساعد الناس بشكل كبير، لقد فعلنا الكثير، ولكن بالنظر إلى حجم الدمار، فإن وجهة نظرهم هي أننا لم نساعدهم في إعادة البناء، وهذا بدوره قد يوفر فرصة لداعش للاستفادة من هذا الشعور بالظلم لأغراض التجنيد الخاصة به،

وأعتقد أن التهديد يكمن في عدم مساعدتهم على إعادة البناء، فلن يكون لكل هذا الاستياء والشعور بالظلم مكان آخر يذهبون إليه، وسيعود بعضهم إلى  البِرْكةِ التي غذت داعش نفسها فيها.

ومن جهة أخرى قال روبوك:

أعتقد أن 19COVID لا يزال يمثل تحدياً خاصاً على الرغم من أنه محدود نسبيا حتى الآن، لكنني أؤكد بأنه إلى حد كبير  يتم تلبية الاحتياجات الأساسية من الجانب الإنساني.

وأضاف: غادرت سوريا ربما للمرة الأخيرة، مع وجود علاقة سليمة مع قوات سوريا الديمقراطية، لقد مررنا بفترة صعبة بعد التوغل التركي مباشرة، وأعتقد أننا فقدنا الكثير من المصداقية وتسببنا بضرر في العلاقات، لكن لا أعتقد أننا فقدنا العلاقة مع قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم، ولكن بعض القادة الأدنى منه كانوا أكثر غضباً مما كان عليه، وبمجرد أن أشارت الولايات المتحدة إلى أنها ستبقى في سوريا، كان الجنرال على استعداد لتجاوز ذلك بسرعة، وبمرور الوقت أعدنا بناء علاقة مكافحة الإرهاب من تدريب الجهد والتجهيز، وأعتقد أن هذا يمضي قدماً بشكل جيد إلى حد ما، ووجودنا هناك يساعده أيضاً على صد النفوذ الروسي … إنه يحتاج إلينا ونحن نحتاج إليه كشريك محلي لمواصلة تلك المعركة ضد داعش.

وتابع روبوك:

 إلى جانب النجاح الواضح في تدمير المعقل المادي لداعش في العراق وسوريا؛ هناك بعض النجاحات الدبلوماسية الناشئة الأخرى، كمحاولة فتح الحوار بين الكرد كانت ناجحة من بعض النواحي المهمة، ويمكن تبني حوار عربي كردي في المستقبل، على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكن واقع الوضع في سوريا ككل من حرب أهلية مستمرة استقرت في حالة من الجمود الفعلي، يعززها الدعم من مجموعة من اللاعبين الإقليميين والعالميين، تجعل من الصعب التنبؤ بالمكاسب أو الخسائر على المدى الطويل، وستعتمد نتيجة أي من هذه المجموعات الفردية على ما هو الحل المستقبلي ، الحل السياسي لسوريا، هذه هي المشكلة، لا أعرف ما الذي سيحدث في سوريا ، لكن في النهاية أعتقد أنه سيكون هناك نوع من الحل.

زر الذهاب إلى الأعلى