الأخبارالعالممانشيت

دبلوماسي أمريكي: حان الوقت للتعامل بحزم مع مغامرات أردوغان المهدِّدة لمصالحنا

التجاوزات التركية الجديدة المقلقة قد تضر بالأمن القومي الأمريكي، الضعف الأمريكي أدى إلى تعزيز الميول الاستبدادية لأردوغان وتشجيعه على مغامراته الإقليمية المزعزعة للاستقرار.

إن دعم الرئيس أردوغان الكامل للعدوان الأذربيجاني على ناغورنو كاراباخ هو أحدث انتهاكٍ من قائمة طويلة من الانتهاكات التركية المقلقة ضد السلام والأمن الدوليين في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية في القوقاز وبلاد الشام وشرق البحر المتوسط وشمال إفريقيا, وتشكل مغامرات أردوغان الخطيرة مجتمعةً تهديداً خطيراً لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية ويجب علينا الرد عليها.

في إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه تركيا هي القوة الدافعة وراء الهجوم الأذربيجاني الذي كسر السلام البارد مع أرمينيا, حيث أن الدبلوماسية التركية وإمداد أذربيجان بالأسلحة والمرتزقة الذين جندتهم أنقرة أعادت إشعال صراعٍ كان مجمّداً وهادئاً.

تركيا تريد تأكيد سيادتها على شرق البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال إرسال سفن التنقيب عن النفط مع حراسة بحرية مسلحة إلى المياه الإقليمية  لليونان وقبرص, حيث ردت اليونان وفرنسا على هذه الاستفزازات  باستعراض عسكري للقوة، مما أدّى إلى تراجع تركيا في الوقت الحالي.

منذ عام 2016  تدخّلت تركيا بقواتها في شمال سوريا ثلاث مرات, وتحتفظ حالياً بوجود عسكري قوي هناك, وقد كانت تكاليف هذه التدخلات العسكرية باهظةً كما أفاد معهد الشرق الأوسط , فقد أدت إلى إطلاق سراح سجناء داعش، وتم تشريد مئات الآلاف من المدنيين، وتحوّلت منطقة شمال وشرق سوريا التي كانت مستقرة نسبياً إلى بؤرة مستعصية من الصراع العرقي والطائفي والسياسي, حيث وثَّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أدلةً تثبت تورّط تركيا والفصائل السورية التابعة لها في جرائم حرب من أخذ الرهائن والمعاملة القاسية والتعذيب والاغتصاب.

وأيضاً ساهم التدخل التركي في تصعيد أعمال العنف في ليبيا, والجهد المنسق من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومصر أفضى إلى منع القوات التركية وحلفائها من الحكومة الليبية إلى منع التحرك العسكري باتجاه مدينة سرت الليبية، الأمر الذي كان من شأنه أن يوسع بشكل جذري نطاق الحرب الأهلية وفتكها.

على الرغم من أن تركيا والمدافعون عنها يؤكدون أنها حليف مهم للولايات المتحدة، إلا أن خطابها واستفزازاتها المتسلسلة تدحض هذا الادعاء, إذ يشكل استحواذ أنقرة ونشرها لنظام الدفاع الجوي الحديث S-400 الذي اشترته من روسيا خطراً على حلف شمال الأطلسي حيث أن  تركيا عضو في الحلف, وبسبب قيام تركيا بالهجمات المتواصلة على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا، أصبح لدى تنظيم داعش فرصةٌ جديدة لإعادة تنظيم نفسه, وبالإضافة إلى ذلك فإن دعم أردوغان للفصائل الفلسطينية المتشددة يبدد الجهود الدولية لتعزيز السلام العربي الإسرائيلي.

يندد المسؤولون في تركيا وأبواقهم الإعلامية بأمريكا ويعتبرونها التهديد الأساسي لتركيا, وقد أدى خطاب أردوغان المتفجّر والشعبوي إلى دفع المشاعر المعادية لأمريكا في تركيا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن 13 بالمائة فقط من المستطلعين الأتراك لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه الولايات المتحدة.

حقيقة الأمر هي أنه لأسباب أيديولوجية وسياسية  سيستمر أردوغان في التصرف بطرقٍ تضرّ بمصالح الولايات المتحدة, إن اتّباعه سياسة القومية العثمانية الجديدة والإسلام السياسي المتطرف يغذي الصراع المزعزع للاستقرار الذي يشجع أعداء أمريكا ويزعج حلفاءها بشدة, وقد كتب (مايكل روبن) من معهد أمريكان إنتربرايز مؤخراً:

لقد أصبحت تركيا اليوم مثل العراق في أوائل عام 1990

وشبّه  أردوغان بصدام حسين، حيث أن اقتصاده ينهار ويدرك أنه لن يكون قادراً على صرف اللوم عن سوء إدارته وخياراته مثل صدام، ويرى أن الدول الجارة  تمتلك موارد ثمينة, ويعتبر أن المجتمع الدولي نمورٌ من ورق.

أردوغان لم يكن مخطئًا, فقد أدى العجز الأمريكي إلى تعزيز ميوله الاستبدادية وتشجيع مغامراته الإقليمية المزعزعة للاستقرار, كما أدى تخلي إدارة ترامب عن الدور التقليدي لأمريكا كقوة إقليمية وعالمية إلى خلق فراغ دبلوماسي وأمني تتوق أنقرة إلى استغلاله, لقد سمحنا للقط بالاستمتاع بحرية في بيت الدجاج.

 روسيا وإيران وداعش والإخوان المسلمين هم المستفيدون, والمدنيون الأبرياء في ناغورنو كاراباخ وليبيا وسوريا هم الضحايا.

مجموعة متزايدة من صانعي السياسة في الولايات المتحدة مصممةٌ على معالجة هذا الوضع المحزن, فقد أشار النائب (إليوت إنجل) رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي إلى أنه في نزاع ناغورنو كاراباخ  يجب على الولايات المتحدة ألا تتسامح مع تركيا في تعطيل عملية السلام وتفاقم الصراع الذي يتجه بالفعل نحو تصعيد جذري , كما ندّد السيناتور (روبرت مينينديز) العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بشدة هجوم أذربيجان على ناغورنو كاراباخ ، واصفاً إياه بأنه عمل عدواني آخر تدعمه تركيا, وحث على تعليق المساعدة الأمنية لأذربيجان.

دعا كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ إدارة ترامب إلى معاقبة تركيا بسبب نشرها لمنظومة S-400 – وهي خطوة لا يزال البيت الأبيض متردداً في اتخاذها حتى الآن, ويتزايد ضغط الحزبين في ضوء التقارير التي تفيد بأن تركيا استخدمت نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع لاستهداف طائرات F-16 الأمريكية الصنع لحليف الناتو اليونان.

تسبب فشل أمريكا المتكرر بردع تركيا في إحداث دمار في جزء متفجر وحيوي واستراتيجيً من العالم، مع عواقب وخيمة على مصالحنا ومصالح حلفائنا, ونزاع ناغورنو كاراباخ ليس سوى أحدث دليل على أن الوقت قد حان منذ فترة طويلة للتعامل مع تركيا بحزم.

(آدم إيريلي) كان سفيراً للولايات المتحدة لدى مملكة البحرين من 2007-2011 ونائب المتحدث باسم وزارة الخارجية 2003-2006.

https://nationalinterest.org/feature/new-troubling-turkish-transgressions-could-damage-us-national-security-171185
زر الذهاب إلى الأعلى