تقاريرمانشيت

داعش: نسخة لتشويه الدين أو خلق فتنة طائفية؟؟

ظهور داعش التنظيم المتوحش الأكثر رعباً في العالم والذي اتخذ لنفسه اسم الدولة الإسلامية وأدار دولة التوحش بحِرفيَّة ومهنية فائقة الدقة كان أرضية خصبة للتحليلات والدراسات واختلطت فيه الآراء، منها ما كانت تقارب الحقيقة ومنها ما تجافيها ربما لسوء فهم أو قِصر نظر في التحليل والتمحيص أو التسليم بعدمية التجديد بتقادم الزمن، وعدم الاقتناع بأن ما كان يصلح لما قبل ألف عام لم يعد صالحاً في هذا العصر.

حقيقة إن ما يحصل في الشرق الأوسط من صراعٍ يحمل الطابع الديني أمرٌ معقدٌ وشائك ولا أحدَ يستطيع أن يتكهن ويؤطر الأسباب كلها، ولا أحد يستطيع أن ينكر وجود العامل الديني ذو القالب المتحجر، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا هو: هل ما يقوم به الأصولية الفاشية له علاقة بالدين الاسلامي؟ وهل يعمل قادة التنظيم والمروجون له بدافع ديني فقط؟؟؟ الجواب على هكذا سؤال متشعب ومعقد ولا يفضي إلى الحقيقة بشيء لوجود أسباب تراكمية هائلة بما فيه من توغل الأيدي الخارجية.

يقول الصحفي الفرنسي (ديديه فرانسوا) بعد إطلاق سراحه من معتقلات داعش لمراسلة «سي إن إن» كريستيان أمانبور : «لم يكن هناك أي نقاش حول نصوص الشريعة»؛ «النقاش لم يكن دينياً بل كان سياسياً؛ كانوا يكررون ويرددون ما يعتقدون به هم؛ بدلًاً من أن يجادلونا بالنصوص الشرعية. إنهم حتى لم يسمحوا لنا باقتناء مصحف»

ولكن التنظيم بمكنته الإعلامية ذات التقنيات العالية كان ينادي عكس ذلك

فما الأسباب التي جعلت من التنظيم الفاشي الأصولي أن يعزف على الوتر الديني ويجاهر بالتمييز المذهبي ويصدح في خطبه بأنه جاء لنصرة أهل السنة والجماعة حيث استقطب الكثير منهم بهذا الدافع؟.

من المؤكد عندما ننظر إلى الأعمال الهمجية التي كان يرتكبها داعش، والسطوة المسلحة التي استخدمها على الناس؛ نرى بأنه نسخة رئيسية من نظام ديكتاتوري مستبد كما الأنظمة الحالية وينتهج المنهج ذاته فهل للأنظمة التي استفردت بالحكم وخيرات البلاد واختزلت الشعب بفكرٍ وذهنية واحدة علاقة به لاستطالة عمرها من باب إما أنا أو هذا التوحش؟؟.

هذا التنظيم الذي جلب معه الفوضى والدمار أينما حل يخلو من الجذور والأسس الإسلامية الهامة التي تدعوا إلى بناء الإنسان خلقياً ومجتمعياً، وفرَضَ التعليمَ عليه وأمرَ بتوزيع عادلٍ في الثروات الباطنية على الشعب لأنهم شركاء فيه، وهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على ذلك في هذا السياق، وربما من المفيد أن نورد أهم قواعد وتعاليم الحرب في الإسلام ألا وهي أن لا تُقطع شجرة وألّا يُقتل طفلٌ ولا شيخٌ ولا أسير.

ربما كانت بعض الأحكام والقوانين صارمة بداية ظهور الاسلام؛ إلاّ أن كل الأدلة تشير إلى أنه لولا وجود هذه القوانين الصارمة بحق من كان شغلهم الشاغل السرقة والسلب والنهب والسبي وقطع الطرقات في ذلك الزمان؛ لما ارتدعوا عن موبقاتهم التي كانوا يرتكبونها ويتفاخرون بها كما هو حال هذا التنظيم اليوم وأولئك الشرذمة في عفرين التي ترتكب أشنع المخالفات بحق الإنسانية والإسلام.

عند الاحتكام للعقل والمنطق نرى بأنه سوف يستمر هذا الصراع مادام هناك دُعاة وشيوخ سلفية تبرر أفعال داعش وتجاهر في دعم هذه الأفكار بل وتُفتي في كيفية ذبح الإنسان/ هل يذبح من قفاهُ أم من حنجرته/.

يقيناً أن الحل معقد وصعبٌ مالم تُزال الأسباب، والدول المستفيدة تعمل على تعميق هذه الآفة التي ضربت الشرق الأوسط، وأولها سوريا التي تسبح في أنهار الدماء، وسيبقى هذا الابن العاق للإسلام داعش يظهر بأشكال ومسميات مختلفة؛ إن لم يشعر أبناء الوطن بأن وطنهم هي الأم الحنون لهم، وهم سواسية في الحقوق والواجبات، وهو ما يكمن بين جَنَبَات العقد الاجتماعي المعمولِ بهِ في شمال وشرق سوريا منذ بداية الأزمة السورية.

كُن مَن تكون واعبُد مَن شئتْ وصلِّ أينما اتجهتْ، فقط كن انساناً بمعنى الإنسانية ولا تَخُن وطنك.

بدران حسيني

زر الذهاب إلى الأعلى