مانشيتمقالات

خيارات تركيا المعقدة في الصراعات الجديدة

يكتبها: مصطفى عبدو

تركيا هي القوة العسكرية الثانية في حلف الناتو،وعلى أراضيها أقام (الناتو) العديد من القواعد العسكرية التي تشكل أهمية قصوى بالنسبة للحلف.

اندفعت تركيا مؤخراً للتقارب مع موسكو، الخصم التقليدي لها وللحلف وحصلت أنقرة على دعم موسكو في تمويل المشاريع الضخمة في مجال الطاقة كالسيل التركي للغاز الطبيعي فأصبحت تعتمد على روسيا في العديد من المجالات،ونسجت تعاونا وثيقا معها في مجال الطاقة والدفاع ، وترسخ هذا التعاون ليشمل شراء تركيا لمنظومة صواريخ”إس-400″ (S-400) الدفاعية الروسية.

ومع أوكرانيا وثقت تركيا علاقاتها فقدمت أنقرة مئات ملايين الدولارات على شكل دعم عسكري لكييف، وأبرمت معها صفقات لبيع الطائرات المسيرة (بيرقدار) الأمر الذي أثار حفيظة روسيا.

منذ بداية الأزمة الأوكرانية وتبدو تركيا قلقة تجاه ما يجري وهي بين خيارات صعبة لتحديد موقفها وهذا يبدو واضحا من خلال تصريحات القادة الأتراك بأن تركيا ستفعل ما هو ضروري كحلفاء لحلف شمال الأطلسي إذا شنت روسيا أي غزو، من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.

رد الفعل التركي تجاه واشنطن يأتي من دعم التحالف الدولي لقوات سوريا الديمقراطية”قسد” وتأخذ على واشنطن عدم تعاونها في ملف فتح الله كولن، ومن جانبها واشنطن غير راضية عن التقارب التركي الروسي وهي العضو في حلف الناتو.

لابد للتذكير بأنه عندما اعترفت روسيا باستقلال المنطقتين الجورجيتين أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في عام 2008، رفضت أنقرة طلب الولايات المتحدة بالسماح للسفن الحربية بالمرور عبر المضيق في وقت كانت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي تسيطر على مرور السفن بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، وكانت تنظم عبور السفن الحربية البحرية، وتمنع مرور السفن غير التابعة لبلدان البحر الأسود وذلك بموجب اتفاقية مونترو الدولية (1936).

وبعد اشتداد الأزمة إثر إعلان موسكو “استقلال” منطقتي دونيتسك ولوغانسك والتي يسيطر عليهما الموالون لموسكو، والتي لاقت استنكارا واسعا من قبل حلفاء تركيا، وبعد فرض بريطانيا والولايات المتحدة عقوبات على المناطق التي أعلن بوتين “استقلالها” عن أوكرانيا، هل ستكون تركيا لاعباً رئيسيا محتملا في أي صراع عسكري بين روسيا وأوكرانيا؟ وإلى جانب من ستقف تركيا مع خصمها التقليدي روسيا أم مع حلف الناتو الذي يعتبر الشريان الرئيسي لتركيا ومجرد الابتعاد عنه تعني النهاية الحتمية؟  

بالمختصر، مصلحة أنقرة تصب في تجنب الحرب .. وأي عمل عسكري في أوكرانيا يقتضي “إعادة النظر فيه وفي المتغيرات التي تحدث في العالم” بحسب ما صرح به أردوغان .

فالأزمة الأخيرة بين روسيا من جهة وأوكرانيا والولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة أخرى، تعتبر امتحاناً صعباً للسياسة التركية وفي تحديد حساباتها وخياراتها المعقدة.

زر الذهاب إلى الأعلى