الأخبارالعالممانشيت

خبير عسكري: روسيا توسع نفوذها في سوريا قبل تسلم بايدن

كتب انطون مارداسوف الخبير في الشؤن العسكرية والصحفي المتخصص في الشأن العراقي والسوري في موقع المونيتور الأمريكي حول مساعي موسكو استغلال الفترة الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب لتعديل موقفها في سوريا (شرق الفرات)، وقد ورد في مقالته:

تأمل موسكو أن تتيح الفترة الأخيرة من رئاسة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لها فرصة لتعزيز مواقفها في سوريا.

إن قرار الجيش الروسي بإقامة مواقع حول بلدة عين عيسى شمال شرقي سوريا يُعدّ أحد مظاهر نشاط  موسكو خلال الفترة المضطربة الحالية في أمريكا, من خلال اتفاق أبرمته روسيا مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة, والهدف من هذا الاتفاق هو تقليل هجمات تركيا وفصائل المعارضة على المنطقة, ومع ذلك هناك تحليلات تقول بأن موسكو لم تبرم هذا الاتفاق من أجل تخفيف التوترات في المنطقة, فروسيا وتركيا تنسقان جهودهما من أجل تقويض قوات سوريا الديمقراطية, حتى عندما تصاعدت التوترات بين البلدين بعد إسقاط تركيا طائرة روسية من طراز SU-24, كما سهلت موسكو أيضاً الاتصالات بين أنقرة ودمشق بشأن القضية الكردية في سوريا عبر عدة وسطاء مثل الجزائر.

وبحسب مصدر مطلع على الأنشطة العسكرية الروسية في سوريا فإن  أنقرة وموسكو تبذلان قصارى جهدهما لتجنب استفزاز الكرد والأمريكيين في المنطقة للحد من احتمال اندلاع حريق, حيث أكد المصدر للمونيتور بأن الطرفان يتصرفان بطريقة هجينة إلى حد ما, فبعد وقت قصير من محاولة تركيا الضغط على الكرد في عين عيسى، اقترحت روسيا على قوات سوريا الديمقراطية إما إخلاء المنطقة أو نقلها إلى سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد, لكن في النهاية اتفق الجانبان على وجود القوات الروسية في تلك المناطق, وأوضح  المصدر نفسه بأن هذا الاتفاق يبدو مستساغاً لأنقرة, لأنه يمنحها نفوذاً أكبر في المفاوضات مع موسكو رغم أن تمركز عناصر عسكرية روسية في عين عيسى قد يؤدي إلى تناقضات جديدة بين الجانبين.

تتخذ موسكو موقفاً أكثر نشاطاً في شرق سوريا, والسبب في ذلك لا يكمن إلى حد كبير في مشاركة روسيا بعملية الصحراء البيضاء مع جيش النظام السوري والتي تهدف إلى تضييق الخناق والقضاء على فلول تنظيم (داعش)، كما هو الحال مع رغبتها في تجنب الانخراط  بالتكتيكات التخريبية التي تستخدمها أجهزة المخابرات السورية في المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

 على الرغم من التوترات المنتظمة بين الدوريات العسكرية الروسية والأمريكية، فقد أصبح من الواضح بأن الموقف الاستراتيجي لروسيا ترجع إلى إحجام موسكو عن الارتباط بأية أحداث مفتعلة لتقويض الإدارة الذاتية, بحيث تحافظ على قدرتها في العمل كوسيط, ومع ذلك فقد أصبح من الواضح اليوم أكثر فأكثر بأن الوجود الروسي المصاحب للجيش السوري قرب نهر الفرات سيتم توسيعه، خاصةً في ظل تزايد نشاط تنظيم داعش, وقد أدى ذلك بالفعل إلى فرض حظر التجول على طول الطريق M20.

لكن ليست موسكو وأنقرة وحدهما اللذان يتطلعان إلى تعزيز مواقفهما وتوسيع نطاق الخيارات في الحوار والمفاوضات مع الإدارة الأمريكية القادمة, طهران أيضاً تعلق آمالها على قدرة إدارة بايدن في طي الصفحة والسعي إلى شكل جديد من التسوية مع إيران, لكن دبلوماسيين روس مطلعين على الوضع في إيران تحدثت معهم المونيتور ليسوا متفائلين بشأن إمكانية استعادة الاتفاق النووي لعام 2015, ومع ذلك فإنهم يتوقعون مفاوضات جادة وشاملة بين واشنطن وطهران حول مختلف الأمور.

يجب على الإيرانيين أن يفهموا أن أية محاولات لإعادة التفاوض بشأن اتفاق 2015 من المرجح أن تتضمن ضمانات للحد من فُرَص إيران في الانخراط بالسياسة السورية, ولذلك تقوم إيران بتكثيف تجنيدها للسوريين في أفرع القوات الشيعية بشرق الفرات, وهذا من شأنه أن يمنح طهران نفوذاً كافياً للمفاوضات مع واشنطن ومجموعة من البنود التي يمكن أن تتنازل عنها في المفاوضات.

 في السنوات القليلة الماضية أقام الإيرانيون وجوداً متعدد المستويات في سوريا, وهذا لا يشمل فقط تعزيز الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، أو زيادة نفوذ التشكيلات الإيرانية داخل الحرس الجمهوري، ولكن أيضاً يشمل مشاريع مثل بناء مخططات الطاقة الكهربائية مع شبكة نقل تصل إلى جميع محافظات سوريا.

لم يكن المؤتمر الذي عقده الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية – مجلس سوريا الديمقراطية – بارزاً بسبب محاولة الإدارة أن تصبح قوة شرعية من خلال الإعلان عن الإصلاحات الجديدة, بل لأن موسكو تنظر إلى منصات المعارضة (موسكو – القاهرة) كمنابر يمكن من خلالها إدخال الكرد في المفاوضات السياسية السورية.

يُعتبر زعيم منصة المعارضة في موسكو (قدري جميل) أحد أعضاء جماعة الضغط الرئيسية للمصالح الروسية في شرق سوريا, حيث أشاد جميل خلال المؤتمر بمرونة  قسد, ووصف نموذج الإدارة الذاتية بـأنه (ضمان القضاء على الفساد في سوريا)، قبل أن ينتقد تفكك البلاد والإجراءات الأمريكية في مقابلة مع وسائل الإعلام الروسية.

من خلال التعامل مع قدري جميل وشخصيات أخرى، يترك الكرد مجالاً لإنشاء نموذج تعايش قابل للحياة مع حكومة دمشق, ومع ذلك فإن مصادر المونيتور في الأجهزة الأمنية الروسية لا تعلق آمالاً كبيرة على إمكانية إنجاز صفقة أو اتفاق بين الكرد والنظام السوري, وذلك يعود لعدة أسباب.

أولاً: على الرغم من كل التناقضات؛ لا يزال بإمكان الولايات المتحدة وتركيا إيجاد أرضية مشتركة قابلة للتطبيق بشأن الملف السوري, فتركيا منخرطة في عمليات بيع النفط السوري عبر كردستان العراق، وتتمتع بدعم أمريكي في ما يتعلق بتواجدها في إدلب, كما أنها لاعب رئيسي يعتمد عليه الأمريكيون للتحقق من تصرفات روسيا في سوريا، وهو الدور الذي كان مخصصاً في ظل إدارة أوباما للاتحاد الأوروبي.

ثانياً: تحافظ الإمارات العربية المتحدة ومصر على العلاقات مع نظام الأسد, وحسب بعض المصادر فإن مدير المخابرات العامة المصرية (عباس كامل) يبذل قصارى جهده لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية)، وأيضاً وبحسب عدد من المصادر التي أكدت للمونيتور, فإن  السعودية تتطلع إلى زيادة دورها في سوريا، لكن ليس عبر النظام السوري, فنظراً لعدم وجود موقف واضح لترامب من الملف السوري، قام السعوديون إلى جانب المندوبين الإماراتيين والمصريين في مناسبات متعددة بزيارة الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية, ولكن الرياض ترى الآن أن التعاون مع الكرد والقبائل السورية ليس بوليصة تأمين أو محاولة لتعزيز نفوذها بمعزل عن حكومة دمشق، بل ضرورة لدعم الرؤية البديلة لسوريا.

كما أكد مصدر كردي ومصدر مقرب من وزارة الخارجية الروسية بأنه على الرغم من الشائعات المستمرة بشأن تراجع السعودية المفترض عن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية، إلا أن هناك مؤشرات على أن الرياض تكثف نشاطها في شرق سوريا, وأضاف المصدران بأن السعودية تحاول أيضاً عرقلة مساعي المخابرات السورية والإيرانية لكسب تعاطف القبائل العربية.

كما تواجه جهود دمشق وموسكو لتوطيد العلاقات التجارية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عبر استخدام المعابر الحدودية في الأردن والعراق عقبات, وإذا شددت الولايات المتحدة تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر, فقد يجبر ذلك الحلفاء السوريين على إعادة التفكير في تكتيكاتهم الحالية لتجنب العقوبات, وقد يتعين عليهم مراجعة الخطط الخاصة بمشاريع إعادة الإعمار المخطط لها.

زر الذهاب إلى الأعلى