مقالات

خاطرة على صفيح شنكال المتّقد


ستير كرداغي
ليست مقارنة تعميمية، بل تصويب عين تقاوم مخرز التعمية، ما سأتطرق إليه ضفتان متوازيتان تشاطآن نهراً من الدم الكردي الجامع والمفرق في آن، وكما قال مظفر النواب في إحدى قصائده: “هل تسكت مغتصبة؟”، لا لن تسكت يا نوابنا الجميل ولكنها تستجدي قاتلها وتتملق مغتصبها، وتروم ممن تركها لذبحها نجاتها.
هكذا سأتناول ناديا مراد الشنكالية وآرين ميركان العفرينية المنتصبتين على ضفتي الخنوع و المقاومة، العفرينية الشهيدة وهذه الشنكالية المنبطحة على بلاط الحكام لتصبح بين الارتزاق و الانكار والاستجداء جارية سياسية تضيف لكرسي الملك والرئيس والسلطان قدماً خامسة على ايقاع الخامسة فجراً ودواعش السلطان تفتك بأزقة شنكال وإيزيديينا المذبوحين على عتبات دورهم، هكذا سأتناول ناديا بنت مراد.
عندما تحررت ناديا مراد من مغتصبيها الدواعش بكت وبكى معها كل الشعب الكردي بعقلائه و مغفليه، وعندما أعلنت عراقيتها و أنكرت كرديتها بمشهد يحاكي نكران يهوذا للمسيح، لم يتأفف أحد من أبناء القوم و العشيرة النبوية و لا من مثقفي الهَبَل ومدمني الخصلة القومية “الشريفة” باختزال، عندما أنكرت حمامة السلام ناديا مراد وأعلنت ـ بثقة من ينتظر الأجر ـ تضحيات الكريلا و أبناء الشمس، و لم نسمع صوت حق من كتاب التاريخ و لا من محليلي القذارة تلاميذ أروقة السياسة الكردستانية في هولير و استنبول و قطر، وعلى نوتة السخط أدركت بأننا نملك سلِّماً من المخنثين و السفلة بأدنى درجات السكتة الدماغية القادرة على اسكات العقل العالمي بجدارة الجهل والغباء، وبموسيقى تمجد السروك والسلطان.
عندما التقت المُغتصبة المُحررة بقاتل أهلها و مغتصب أخواتها مناشدة إياه الرحمة بل الشكر على ما إقترفت يداه، لم نرى من كل هذا العالم المنافق شريفاً يرميها ببيضة منتهية الصلاحية كاستدارة وبيضوية دلبخوين روداو الذي غطى الحدث الكارثة باتقان حتى لم يتسرب منه شيء غير ما يلوي عنق الحقيقة، ذلك الروداوي المهتم بادق تفاصيل الجريمة و المهموم بحقوق البشر في كل مكان.
وهكذا دارت و سافرت و جابت العالم، سيدة السلام، و سفيرة الايزيديين التي مثلت كل شيئ إلا الايزيديين، و تحولت الجوكندا التي ألهمت المثقفين و الروائيين و المحللين و أبناء امهاتهم العفيفين، هي ذاتها من انبرت لتقول و بكل وقاحة: بأني عراقية و أهلي ماتوا يا سيدي الرئيس، ولم يحاسبها قضاة الكلمة الحق والحقيقة المطلقة، بأننا كرد ونحن من يريد الدولة و نرفض أخوة الشعوب، ليعود ويؤكدها كدو المتحدر من قبر ارهابي و عبد الباسط سيدا فيلسوف جمهورية “شريفة فاضل” التي انشقت عن المدينة الفاضلة وطلقت أفلاطون “بالتلاتة”، و بقية الأبطال الميايمين المرابطين في خنادق النضال في أوروبا واستنبول ليحرروا “كردستانا سوريي” .
قالتها بنت السلطان مراد : “نعم انا عراقية و لست كردية و لا برزانية و لا عفرينية، انا شريكة كفاح محمود أتلون بالسواد، و أعتني بالبكاء الكاذب لألقن التماسيح دروس في الدموع، نعم هذه هي حقيقة كل المنافقين و المتآمرين و المرتزقة وبنفس الطريقة و الأسلوب فعلوا في كركوك و عفرين ومازال المثقف و المحلل و التاجر محتار بين ان يكون او لا يكون.
نعم ياسادة عندما نقول اين موقفك يعني من تكون، و عندما نتسائل عن الصرخة المخنوقة في حناجر البعض لأننا بحاجة لنقول لهم بأننا نعرف التعامل مع الزمن المناسب لنقول إننا موجودون وأحياء و لا نريدك في ظلمة التاريخ.
هنا تكمن إرادة الشعوب التي تحلم بحريتها و هنا تكمن حقيقة من لا يستحق الانتماء لأبناء الشمس و الجن، هنا تكمن النقطة الفاصلة بين المرتزق والمقاوم من عفرين إلى شنكال، وهنا تكمن حقيقة أن الاناء ينضح بما فيه يا سلالة النهج وأبواقها التي لا تحظى حتى باحترام نفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى