مقالات

حـين نتغــاضى عن الفساد !!!

الإشكاليات السياسية الساخنة التي نعيشها؛ تجعلنا نغض الطرف عن الكثير من الأزمات الاجتماعية وغيرها من الأمراض المجتمعية.

فهل مِنْ مُهتمٍ بالحديث عن الواقع المجتمعي ومعالجة مشاكله الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية التي سببتها الأزمات المتكررة في المنطقة؟؟؟

وهل من مهتم بالقضاء على الفساد بأشكاله المتعددة، الإدارية منها والمالية، والاجتماعية، وغيرها وكيفية محاربته أو ربما معالجته؟؟

لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كيف سنحارب الفساد وقد تفشَّى إلى هذه الدرجة في حياتنا اليومية؟

ثم هل هناك لجان متشكلة ضمن هيئات الإدارة الذاتية تتابع هكذا أمور؟ وإن وُجِدَت فهل ستستطيع هذه اللجان ردع هذه الآفة؟

لماذا لا يتطرق إعلامنا إلى هذا الموضوع الحساس ويكشف المستور؟‏؟؟؟

‏لقد ثبت أن إحساس كل فرد منا باستمرار رغبة الآخرين في تحقيق منافعهم الخاصة، سيجعلهم يبررون لأنفسهم قلة الأمانة أو التبرير للفساد، وهل يمكن أن يكون الأمر ممكناً على مستوى المؤسسة والمجتمع؟ وكيف؟ هل يكفي أن يقول الشخص: إن وارده لا يكفيه وأن ظروف المعيشة صعبة ليبرر قيامه بأعمال تؤدي إلى الفساد؟‏

إذا امتنعنا عن التبرير لمنافعنا الشخصية وأدَّينا مختلف أعمالنا بأمانة, وهذا لا يمكن حدوثه إلّا إذا امتنع الجميع أو الأغلبية عن تبرير الأسباب المؤدية إلى الفساد؛ هل سنحارب الفساد عندها؟

إن القضية ليست بهذه البساطة لأن شيوع المنطق التبريري المؤدي إلى الفساد ناتج عن واقع حياتي مُعاش، وبالتالي لن يتحول المواطن بالطريقة التي تحدثنا عنها إذا لم يتغير الواقع نفسه، وهنا يتضح الأثر السلبي لانتشار ظاهرة الفساد حتى على مستوى قمة الهرم المؤسساتي فعندما يرتكب مواطن عادي مخالفة ما، وتُجابِهْ تلك المخالفة أو ذلك الخطأ برد فعل تبريري، فإن التبرير يغطي على الخطأ ويكون في نفس الوقت دافعاً قوياً وتشجيعاً ضمنياً لهذا الخطأ.

 كلما تراجع الفساد من هيئة أو مؤسسة، فسوف سيتراجع عند المواطن العادي أيضاً.‏ وهذا ما يمكن تحقيقه بالتحري والمتابعة ومن ثم بالمحاسبة، ويمكن تعقب الأداء عن طريق الصحافة، وهيئات الرقابة.

إن تفعيل دور الإعلام والصحافة وإعطاء الصلاحيات الكاملة لهيئات الرقابة والتفتيش في تناول الفساد، ومساهمتها في نشر القيم والأخلاقيات المجتمعية، والعمل بمبدأ الشفافية وإيداع المعلومات في متناول المواطنين من قِبلها, أمر ربما يساهم إلى حد كبير في وقف امتداد آفة الفساد أو الحد منه.

ومع ذلك فإننا اليوم أمام فرصة لتغيير التبرير للفساد إلى التبرير ضده، مع أنفسنا ومع مسؤولينا, ولنساهم في إصلاح الخلل الذي أصاب مناخات العمل في مختلف نواحي الحياة التي نعيشها، وعدم إعطاء المزيد من الفرص للمخالفين للأعراف والقوانين لتبرير سلوكهم أينما وجدوا، وبذلك نكون أوفياء لدماء شهدائنا، ونسير في الاتجاه الصحيح لإعادة بناء مجتمعنا، بطريقة جديدة وسليمة تحقق العدالة المجتمعية.‏

لا يمكننا اليوم أن نغمض أعيننا، وأن نبتعد عن سياسة غض البصر وإلا لن نؤسس لحياة سليمة ومجتمع معافى.‏

زر الذهاب إلى الأعلى